No Script

ريشي سوناك… حمزة يوسف وَ... سامي الصلح!!

عبد الرحمن عبد المولى الصلح
عبد الرحمن عبد المولى الصلح
تصغير
تكبير

حلّ لبنان في المرتبة الثانية في قائمة الأوطان التعيسة بعدما احتلّت افغانستان المرتبة الأولى!

وفي تقرير أخير للبنك الدولي فإنّ 3 من 5 أُسَر في لبنان فقيرة أو فقيرة جدّاً («النهار» 6-5-2023)، ومن كثرة اليأس والقنوط، فالثابت أن اللبنانيين فقدوا طعم السعادة، راحة البال، الطمأنينة والعيش «الهني»... التي تنعم بها شعوب البلدان الأخرى.

في السويد مثلاً يؤمن أهل البلاد بأن السعادة لا تكمُن دائماً في الكمال، وأنّ الكثير ليس الأفضل. سرّ النعيم الاسكندنافي يكمن في «لاغوم» «LAGOM»، وهي تعني «ليس كثيراً وليس قليلاً جداً»، إنه ما يكفي فقط، أو كما يقول المثل السويدي..." AR bast- LAGOM “، أي ان الاعتدال هو الأفضل.

والحق، فإننا لا نريد الكثير! ولكنّ، بسبب القنوط وفقدان الآمال بأي اصلاح او تغيير، فالناس تسأل ألا يحق لنا بكهرباء بشكل مُستدام طيلة اليوم كباقي الدول؟! هل نطلب الكثير اذا طالب الناس بجني اعمارهم من المصارف والتي لا يُعرَف لحينه مصيرها...

علماً أن المبعوث الفرنسي بيار دوكان قال إن الودائع قد تبخَّرت؟! تُرى ألا تكفي أكثر من ثلاث سنوات ونصف من العجز لا بل الفشل في ايجاد الحلول الناجعة للازمة الاقتصاديّة، الماليّة، النقديّة والاجتماعية التي تُرهِق معظم اللبنانيين؟!

هل نطالب بالكثير بان تتوقف المنظومة الحاكمة عن النفاق والخداع؟! وهل نطالب أيضاً بالكثير اذا تم الخلاص من حكم اللصوص؟

ترى، في حال اكتشاف الغاز بكميات تجارية كبيرة هل ستُقدِم المنظومة الحاكمة على ما صرّح به اردوغان ("رويترز" 7-5-2023) بأن مليارات الدولارات التي كانت تدفعها بلاده لواردات الطاقة ستكون مُسخّرة لخدمة شعبه بفضل اكتشافات النفظ والغاز الأخيرة، هل ستحذو المنظومة الحاكمة حذو أردوغان في هذا الشأن فتسخّر وتوظّف عائدات الغاز لمصلحة البلاد؟!

والذي يثير الاستهزاء والسخرية انّ الناس تسأل اذا لم يتم لحينه كُرْمى عيون وزير الطاقة الأبدي جبران باسيل تأليف الهيئة الناظمة للكهرباء، فكيف سيتم انشاء صندوق سيادي لادارة مرافق الدولة بما فيه الغاز الموعود؟! حتى لو تم ذلك، من يضمن نزاهة المسؤولين والمُشرفين على الصندوق؟!

حقّاً بات الأمر مملّاً ، فالناس فقدت الأمل بكل خلاص حتى أنّهم على يقين أن "غودو" لن يأتي! والذي يُراهِن على صندوق النقد الدولي وشروطه بتطبيق الإصلاحات، فالرّد على ذلك أن لا ضمان إطلاقاً أن اتفاقاً مع صندوق النقد سوف يُبصِر النور!

هل يغدو انتخاب رئيس جديد للجمهورية انجازاً كبيراً واستثنائياً علماً أنه في باقي الدول يُصنَّف بإنه اجراء روتيني يحكِّمه الدستور؟ وفي حال إنتخابه، هل يتمكن الرئيس الجديد من استعادة وحدانية السلطة عبر الغاء ثنائيتها مع "حزب الله" المسلّح؟!

وقد يكون الجواب عند طهران حين تعمل على تحويل ممثّلها الشرعي والوحيد الى حزب سياسي علماً اننا مع "حزب الله" حزباً سياسياً كباقي الأحزاب، مع التنويه أن الطائفة الشيعية الكريمة هي احد مكوّنات الشعب اللبناني وليس "حزب الله" هو المُكوّن.

إن تلك الثنائية تُشكّل حتماً حالة شاذّة، بدليل ما حدث مؤخَّراً في السودان، الصراع العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وقبل ذلك ما حدث في الأردن عام 1969 بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية المسلّحة وكوني رجل سلم وسلام فإني أبغض بشكل جازم كل الحلول العسكرية... على أمل أن يرسو الوضع إلى حلول سلمية تحفظ هيبة الدولة...

ولكن هل سيحصل ذلك؟ وكيف للساذج قبل العاقل أن يتأمل خيراً طالما أنه لو تحققت المعجزة وتم انتخاب رئيس للعباد فالمعابر الغير شرعية ستظل مشرّعة أمام قوافل قوى الأمر الواقع المرتبطة عضويّاً بدولة اقليمية وان اعمال تهريب البضائع الشرعية وغير الشرعية ستستمر دون رادع؟! وكيف هنالك أمل والرئيس الجديد -في حال انتخابه- لن يتمكّن من إحالة فاسد واحد على القضاء وسجنه في حال ثبوت التُّهم المُوجّهة إليه؟!

وللتذكير فإن وزيراً واحداً هو شاهي بارصوميان وزير الطاقة السابق زمن الرئيس الراحل الياس الهراوي هو الوزير الوحيد في التاريخ الحديث الذي تمت محاكمته ولكن دون أن ينفّذ ما تتوجّب عليه العقوبة!

والأنكى من ذلك ان الفاسد في حال مساءلته وإدانته تغدو مساءلته وكأنها إدانة للطائفة.

وآخر مثال على ذلك الاستقبال الحافل لمصرفي كبير من قِبَل طلال ارسلان مع مجموعة من المشايخ.

في هذا الصدد ايضاً يجدر التذكير فأول من تبنّى ذلك التوجّه هو البطريَرك الراحل المعوشي حين فتح ابواب بكركي لقائد الجيش الراحل اميل بستاني والذي لجأ إليها في 5 كانون الثاني 1973 ومن ثم تدبّر امر هروبه إلى دمشق (31-12-1973) بعد ثبات ضلوعه في صفقة صواريخ الكروتال والتي أُبرِمت في عهد الرئيس الراحل شارل الحلو.

في هذا النطاق لم أرَ مُبرّراً للرئيس سعد الحريري أن يزور رئيس الوزراء السابق حسان دياب زيارة تضامن بعدما طلب المحقق العدلي لقاء دياب لطرح مجموعة اسألة عليه والاستماع اليه في قضية انفجار مرفأ بيروت 2020!

وبما أن الشيء بالشيء يُذكَر... فكيف لنا أن نأمل خيراً ونحن على يقين بأن الرئيس الجديد لم يتمكّن من تفعيل التحقيق في فضيحة الفضائح أعني فضيحة أكبر تفجير غير نووي شهده العالم! تفجير مرفأ بيروت!

في السياق نفسه تميل الناس إلى الاعتقاد أيضاً إنطلاقاً من بأسها ويأسها وقنوطها أن حاكم المصرف المركزي نتيجة تواطئه مع المنظومة لن يُمَسّ بشعرة واحدة.

لست في موقع لأدين رياض سلامة. لكن مجرّد توجيه الاتهامات إليه كما تشير التقارير الصحافية تُشكّل اهانة ليس إلى المصرف المركزي وحكّام المصرف السابقين وعلى رأسهم الياس سركيس وإدمون نعيم بل أيضاً... الى لبنان واللبنانيين.

ولسائل أن يسأل هل يُعقَل أن يبقى حاكم المصرف المركزي أيّاً كان هو نفسه لثلاثين عاماً متواصلة؟

وبما أن الشيء بالشيء يُذكَر وبما أنّ المشاورات بدأت لانتخاب بديل عن سلامة ومنعاً للدخول في مناقشات التي لا تُسمن ولا تغني من جوع، فلماذا لا نحذو حذو واشنطن التي اختارت "أجاي بانغا" الأميركي من اصل هندي، والهندوسي رئيساً للبنك الدولي بناء على كفاءاته وسجله الوظيفي المميز، فما المانع أن نختار شبيهاً ل "بانغا" ونمنحه الجنسية اللبنانية.

كما فعلنا مع لاعب كرة السلة الأميركي الأصل والذي مُنح الجنسية اللبنانية كي يُشارك منتخب لبنان في كرة السلة في مباريات كأس العالم!

تجدر الإشارة أن بلاد الأرز فوّتت عليها فرصة ذهبية فلو حافظ النظام المصرفي النقدي على متانته، أعني انّ كان بإمكان لبنان أن يستقطب مليارات الدولارت التي تم تهريبها من موسكو اثر الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مصارف عربية وتركيا والذي كان بإمكان لبنان في طبيعة الحال أن يستحوذ على حصة كبيرة من تلك الودائع!

بناء على رتابة الأخبار وتكرارها فلا أريد التعليق على مجرياتها بقدر ما أرغب بالتذكير بموضوعين. الأوّل، أنّ ما يتردّد حول انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية يؤكد ان الاستقرار المحلي مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار الإقليمي وأن انتخاب كل الرؤساء السابقين تخلّله عامل خارجي "external factor ".

في الماضي كانت دولة أو دولتان تتحكّمان بمسار انتخاب الرئيس الجديد، أمّا ما يثير السخرية اليوم فليس فقط زيادة عدد الدول المشاركة في انتخاب الرئيس الجديد... بل شمل أيضاً ترشيح من يتولّى رئاسة الحكومة!

ولعلّه من المُستحسَن ان يتضمّن الدستور من الآن فصاعداً فقرة جديدة او مادة جديدة تُعدّد عدد الدول التي تلعب دوراً في الانتخابات الرئاسية!!

آخر الغيث كان بيان وزارة الخارجية الأميركية الذي حثّ على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية. قبل ذلك بعث كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي روبرت مانديز وزعيم الأقلية في الحزب الجمهوري جايمس ريتش برسالة إلى رئيس جو بايدن اشارت إلى "الإحباط من الجمود السياسي المستمر الذي صممه "حزب الله" وحلفائه مثل نبيه بري لإضعاف المعارضة في مواجهة مرشّحه المفضّل على حساب المرشحين الذين يتمتعون بدعم اوسع واكثر استعداداً لمواجهة تحدّيات لبنان العديدة".

لا أريد ان استعرض العامل الخارجي الذي رافق انتخاب كل الرؤساء السابقين تجنّباً للتكرار، لكن المُلفت أن الراحل الكبير الرئيس فؤاد شهاب على عكس كل نظرائه السابقين واللاحقين وحده، استطاع لا بل نجح في تشذيب العامل الخارجي (المد الناصري في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي) وذلك بفضل رؤيته الصائبة، حكمته وسداد رؤيته، إضافة إلى اخلاصه وتجرّده.

اصغى عبد الناصر لرجل حكيم أقنعه متجرّداً من أيّة مصلحة شخصية بالتنسيق بين البلدين دون طغيان سياسة بلد على آخر، وأن مصلحة بيروت تكمن في مصلحة القاهرة، الأمر الذي لم نشهده في زمن الرئيس ميشال عون حين عملت طهران من خلال "حزب الله" - ذراعها العسكري- على استلاب القرار اللبناني! فكانت مَقْوَلَة "غطيلي سلاحي لغطيلك فسادك!"

بناءً على ما رددته تصاريح سياسية وتقارير اعلامية. والمُلفِت أن عون في خطابه الأخير في جزين سأل: من الذي أتى بالسوريين إلى لبنان ومن الذي عمل على تهجيرهم؟ وكأنه لا يدري أن حليفه "حزب الله" إضافةً إلى ميليشيات افغانية وباكستانية (فاطميون وزينبيون) باشراف طهران كما أشارت معظم التقارير الصحافية، أبلوا البلاء الحسن في تهجير السوريين لاسباب مذهبية لو عرف بها الإمام علي (رضي الله عنه) لتبرّأ منهم.

الموضوع الثاني هو رد الفعل الطائفي البغيض أثر اعادة النظر بالتوقيت الصيفي. فحين تقرأ ان حزب "الاستكتلنديون" اختار مؤخّراً حمزة يوسف، المسلم لخلافة نيكولا ستورجِن في زعامة الحزب وبالتالي رئاسة الوزراء نتحسّر على ما وصلنا إليه من قعر طائفي مؤلم وموجِع!!

والد يوسف باكستاني الأصل هاجر إلى اسكوتلندا مع عائلته في ستينيات القرن الماضي. الأصول الأثنية لحمزة وديانته لم تحتل من التغطية الاخبارية وتحليلات وسائل الإعلام البريطاني سوى حيّز بسيط لا يُذكَر.

في السياق نفسه يجدر التذكير بريشي سوناك الهندي الأصل والذي أضحى رئيساً للوزراء ليس لجزر البهاماس بل لبريطانيا! لم يكترث لا الاسكتلنديون ولا البريطانيون على ديانة يوسف وريشي بل على ادائهم وحوكمتهم وسجلهم السياسي. لبنان البلد الذي كان المثل والمثال بين دول المنطقة لا بل دول العالم في التعايش والتآلف بين طوائفه وابنائه في بلد كان معولماً قبل أن تعم العولمة العالم وفي بلد وصفه بابا روما بأنه الوطن الرسالة، نأسف ونتحسّر لإطلاق موبقات طائفية بغيضة وكأننا شعوب مختلفة عن بعضها البعض فيصرّح النائب نديم الجميّل: "لكم توقيتكم ولنا توقيتنا" وكأننا شعبان مختلفان في بلدين مختلفين. وكأننا نعيش في سلام بارد وحرب أهليّة صامتة.

في النطاق الطائفي نفسه نُذكّر بما كان يطالب به جبران باسيل الصَّهر المدلّل لعون باستعادة حقوق المسيحيين بدلاً من أن ينادي بحقوق اللبنانيين ويطالب أيضاً بالرئيس القوي... القوي مع الأسف على الطوائف الأخرى بدلاً من أن يكون القوي لمصلحة لبنان وجميع اللبنانيين!!

ويبدو أن قدرنا أن نتّكأ على الماضي الجميل، زمن التآخي والرجال الكبار، ففي أواخر الأربعينيات من القرن الماضي. فخلال ترؤس رئيس الجمهورية آنذاك، مجلس الوزراء طلب رئيس الجمهورية من رئيس وزرائه أن يتقدم بالأسماء التي في حوزته لملئ مراكز في الفئة الأولى.

بدأ رئيس الوزراء باستعراض الأسماء كالتالي: ميشال، حنا، مارون، الياس... فوجئ رئيس الجمهورية وقال: سامي بِك شو خليتلي؟ رئيس الجمهورية انذاك كان الرئيس هو بشارة الخوري، الذي عمل على تكريس وحدة لبنان واللبنانيين وآمن بأن قدر لبنان هو من قدر العرب.

أما رئيس الوزراء فكان الرئيس سامي الصلح كان يكفي أن يقال سامي بِك حتى يعرف السامع أن المعني والمقصود هو الرئيس سامي الصلح. "يومها كانت البكاوية" صفة الأصيل... ابن الأصيل، كانت للأكابر لا بل للكبار أولاً في تواضعهم ورفعة خلقهم وثانياً في وطنيتهم واخلاصهم ونزاهتم وحرصهم على وحدة البلاد! سقى الله ايامك سامي بِك! رزق الله

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي