د. عبداللطيف الصريخ / زاوية مستقيمة / تقبلوا هلوساتي!

تصغير
تكبير
أنطلق يومياً في الطرقات بحثاً عن لقمة العيش منذ الصباح الباكر، أداعب الشمس الفتية وأتسابق مع الطيور التي تغدو خماصاً وتروح بطاناً، كلانا يطلب الرزق بطريقته وأسلوبه، والرزق يحب الخفية، كما يقول إخواننا المصريون.

أكثر ما يزعجني، وأنا في السيارة الازدحام المروري، الذي يزداد يوماً بعد يوم بتراكم أعداد سيارات التاكسي الجوال، التي زاد معدلها عن معدل المواليد بأضعاف الأضعاف، ما جعلنا نتصارع معها بشكل مستمر. الأدهى أن كل من هب ودب يسمح له بالعمل كسائق تاكسي جوال، وحسبما أعلم فإن العمل كسائق تاكسي في بريطانيا يتطلب دورة تدريبية لمدة عامين لمعرفة الطرق وقوانين المرور وخلافه، أما لدينا فالقصة مختلفة. ما علينا، فظروفنا تختلف حبتين، وإذا عُرف السبب بطل العجب.

الازدحام المروري له أسباب عدة، أهمها من وجهة نظري حوادث السير التي يضطر أصحابها للتوقف في منتصف الطريق لانتظار شرطي المرور ليخطط الحادث، مع أن مثل تلك الحوادث بإمكاننا تخطيطها من خلال وضع الكاميرات في الطرقات السريعة والمهمة التي تغذي العاصمة، والتي تغص بالسيارات يومياً ولمسافات طوال، ومن خلال تسجيل حركة المرور بإمكان وزارة الداخلية والمحققين الرجوع لتلك التسجيلات والتعرف على أسبابها، وكفى الله المؤمنين شر الازدحام بسبب شخصين اثنين، كما أن الفني المحترف يعرف المتسبب في الحادث من خلال النظر إلى السيارات ذات العلاقة.

ما يزعجني بشكل أكبر هو تلك الزحمة التي تواجهني وأكتشف في النهاية أن الحادث في الجهة الأخرى من الطريق! ولا أعلم السبب الجوهري الذي يجعل الناس تتباطأ في سيرها إذا ما اقتربت من الحادث، هل هي اللقافة أم بلاغة الشف، كما نقول بالكويتي الفصيح؟

هل صادفكم ذات يوم ازدحام مروري، واكتشفتم أن سببه إبداع معماري، أو لوحة فنية، أو حديقة جميلة أو...؟ عن نفسي لم أجد ذلك إلا قليلاً، وأعتقد بأنكم كذلك، ولعلها من طبيعة البشر أنهم لا تثيرهم ولا تشدهم إلا الأشياء السلبية، ولا يستطيعون رؤية الأشياء الجميلة والرائعة حولهم، وما أكثرها. الخطير في الأمر أن تكرار مثل تلك الإثارة للملاحظات السلبية هنا وهناك تبرمج الإنسان منا على التركيز على رؤية نصف الكأس الفارغ، وما مقالات الزملاء إلا مثال حي على ذلك. ولعل مقالي هذا مثال صارخ! وتقبلوا هلوساتي!





د. عبداللطيف الصريخ



مستشار في التنمية البشرية

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي