No Script

الرأي اليوم

الانتخابات الأخطر

تصغير
تكبير

اليوم، وبعد صدور مرسوم حلّ مجلس الأمة، وانتظاراً لتحديد موعد الانتخابات المُقبلة... لا بدّ من كلام في غاية الصراحة والوضوح.

من الثوابت في الكلمات السامية التي يُلقيها سمو ولي العهد باسمه أو نيابة عن سمو أمير البلاد ثقته الدائمة بالعودة إلى الشعب الكويتي وتأكيداته بأنّ القيادة إنّما هي عمل دؤوب لتحقيق مصالح الناس، وقلب مفتوح لاحتضان مطالبهم، وعقل يستجيب لطموحاتهم.

وفي استذكار سريع لكلمة العشر الأواخر، يمكن القول إن الخطاب السامي ارتكز تماماً وبهرمية في المعنى والمبنى على ثابت أساسي هو العلاقة مع الكويتيّين وتحقيق آمالهم. ويُمكن رصد العبارات التالية التي تدرّجت في الخطاب مثل: «وأن نعلم أن أعمارنا إنما هي في أعمالنا في صالحِ الوطنِ والمواطنين»، وأيضاً: «فخورين بالشعب مُلتفّين حول إرادته سلاحنا مخافة الله ثم صدق النوايا وصفاء القلوب»، وكذلك: «فما زلنا على العهد باقين وبالدستور مُتمسّكين وبالشعب مُعتزّين باعتباره صاحب الكلمة المسموعة في تقرير مصيره.» ويتابع سموه: «إن الخروج من تداعيات المشهد السياسي الحالي يتطلّب منا الرجوع إلى الدستور باعتباره المرجعية ووثيقة الحكم والالتفاف حول الشعب وتنفيذ رغباته (...) آلينا على أنفسنا احترام إرادة الشعب»، ليخلص إلى: «ونزولاً واحتراماً للإرادة الشعبية، فقد قرّرنا حلّ مجلس الأمة»، أمّا السبب «فهو الانتصار للإرادة الشعبيّة، ممّا يتطلّب معه ضرورة العودة إليها في انتخابات جديدة».

العودة إلى هذه العبارات أكثر من ضروريّة لننتقل من ورودها في النطق السامي إلى وصولها لعقول الكويتيّين وقلوبهم، فالكرة في ملعبهم اليوم خصوصاً مع سلطة أعلنت انحيازاً مُطلقاً لهم ولخياراتهم ولم تتدّخل في إرادتهم، لا في مسار العملية الانتخابية ولا في ترتيبات تنظيم إدارة السلطة التشريعيّة.

وليس من باب المبالغة القول إن الانتخابات المُقبلة شديدة الأهميّة بل قد تكون الأخطر في تاريخ الانتخابات الكويتية، لأنها حدّ فاصل بين تكريس دولة المؤسسات أو استمرار الفوضى، ولأنها ستبني شراكة أقوى في السلطة، ولأن حُسن الاختيار سيُفرز مجلساً تمثيلياً يجمع بين قوّة التشريع والرقابة وإرادة التعاون في الوقت نفسه للخروج من النفق الذي نعيش فيه، ناهيك عن الأوضاع الإقليمية التي تتطلّب تماسُكاً وتمسّكاً بالاستقرار والوحدة الوطنيّة.

وضعت القيادة الكويتيّة ثقتها بالشعب ووضعت أمانيه نُصب أعينها في أيّ تحرّك ووجّهت له أكثر من تحيّة بالقول والفعل، ويبقى أن يردّ الكويتيّون التحيّة بمثلها وأن يُقبلوا على الانتخاب بحماسة وكثافة لاختيار الأصلح والأفضل والأمين على قسمه، ويرسموا بينهم وبين المُرشّحين مواثيق وتعهّدات عبر إلزامهم ببرامج جامعة وطنياً لا مكان فيها للخطاب العنصري والطائفي ومُتقدّمة تنموياً ترتكز على المشاريع الاقتصادية التي يحملها المرشحون ووجوب تضمينها مصلحة الأجيال الجديدة ودوراً أكبر للشباب تحت مظلة العدالة الاجتماعية.

الجميع مدعوّون لمراجعة النفس وتقدير الموقف وتقييم التجارب السابقة بكل ما فيها والاقتناع بأنّ البلد أهم من الأشخاص مهما علت مراتبهم، وعلينا الاعتراف بأنه وبقدر اعتزازنا بديموقراطيتنا وحريّاتنا العامة ومُكتسباتنا الدستورية التي لن نرضى بديلاً عنها فإن بقاء قطارات التنمية مشلولة في محطاتها يضرّ بهذه المكاسب ويُضعفها، فيما تُضفي الخلافات الشخصية والصراعات بين السلطات مزيداً من الصدأ على مُتون هذه القطارات.

وكم نتمنّى مشهداً سياسياً جديداً يتعاون الجميع فيه أو يختلفون على البرامج والمشاريع والقوانين بأساليب راقية وأن يتم فصل مصالح الناس بالمُطلق عن هذه الخلافات بحيث تعمل المؤسسات وفق آليات مُتطوّرة لإنجاز هذه المصالح والارتقاء بالخدمات للشعب.

وإذا كنّا نُسدي النصح للجميع بوجوب تقييم التجارب وإجراء مُراجعات للمرحلة السابقة تمهيداً لمرحلة جديدة يتمنّى الجميع أن تتسيّد المشهدين السياسي والاقتصادي، فلنبدأ بأنفسنا كسلطة رابعة، وبالتحديد نحن في مؤسسة «الراي» الإعلامية بما تملك من صحيفة وتلفزيون ووسائل تواصل وموقع إلكتروني ومركز دراسات، نقول إننا في الانتخابات المُقبلة مِنبر مفتوح لجميع أصحاب التوجّهات السياسية المُختلفة في الكويت لإيصال أصواتهم لغالبيّة الفئات في مُجتمعنا.

ننشر ونبثّ أيّ موقف لأيّ مُرشّح مهما كان عالياً أو مُختلفاً ونُغطّي نشاطاته بكلّ ما فيها من ندوات وزيارات وتصريحات... فكلّ مُرشّح هو كويتي يُمثّل ناخبيه وبالتالي الأمة إن فاز بالعضوية، والكويت تحتاج إلى تعاون الجميع وتكاتفهم من أجل إنجاح الاستحقاق الانتخابي.

لن نقف في موقع المُحاضر على الآخرين بحسن الاختيار ولا نبدأ بأنفسنا كسلطة رابعة. نحن مِنبر مفتوح للجميع بعيداً من استمراء بعضهم للتصنيف وتعليب الناس في قوالب جاهزة والاتهامات بالانحياز... ونتمنّى من هذا البعض أن تصبح كلّ هذه الأمور خلفه وخلف الجميع وأن نكون عند حسن ظنّ القيادة التي تُعوّل كثيراً على تصرّفاتنا جميعاً في أيّ موقع كنّا.

السلطة الرابعة كُلّها مَدعوّة إلى أن تكون مِنبراً للجميع بلا استثناء في هذا الاستحقاق الوطني المفصلي، ومَدعوّة إلى مُواكبة العُرس الديموقراطي بأن تنقل الصورة كما هي ومن مُختلف جوانبها اللهمّ إلّا إن كان هناك ما يتعارض مع قانون المطبوعات والنشر، وما عدا ذلك فنحن في السلطة الرابعة نقول... «البيت بيتكم».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي