بحضور حشد من النُقاد والكُتّاب والمثقفين
«الملتقى الثقافي»... ناقش أسباب تأخر الدراما التلفزيونية الكويتية
- طالب الرفاعي: كان لها حضور قويّ استطاعت من خلاله كسر الحواجز والوصول إلى المُشاهد العربي
- ليلى أحمد: «الترند» على المنصات لا يُعبّر بالضرورة عن شيء إيجابي وجميل في العمل
- فهد الهندال: في فترة «الأريل» كان الوضع منفتحاً ومقبولاً من المجتمع كما كانت الدولة تُسخّر كل الإمكانات للفنان
ناقش «الملتقى الثقافي» في جلسته أمس، ضمن فعاليات دورته الحادية عشرة، أسباب تأخر الدراما الكويتية في عصر الفضائيات، رغم عُلوّها في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، حين كان البث يتم على الـ «أريل» من خلال البث الأرضي.
وشهدت الجلسة النقاشية، حضور حشد من النُقاد والكُتّاب والمثقفين، تقدمهم رئيس ومؤسس الملتقى طالب الرفاعي والفنان جاسم النبهان وليلى العثمان، وغيرهم، إلى جانب طرفي الحوار الناقدة ليلى أحمد والكاتب فهد الهندال، بينما أدارتها الكاتبة هديل الحساوي.
«كسر الحواجز»
في كلمته الافتتاحية للجلسة، قال الرفاعي إن الدراما الكويتية سبقت بكثير الدراما في دول الخليج مع بدء الستينات، وكان لها حضور قوي استطاعت من خلاله كسر الحواجز والوصول إلى المشاهد العربي، ولكن خلال السنوات الأخيرة ولأسباب كثيرة تأخرت، خصوصاً في الوقت الذي بدأت عجلة الدراما العربية تنشط وتأخذ منحى ربما يكون عالمياً، مثل الدراما السورية والمصرية، فضلاً عن الدراما السعودية التي ركبت سكة النهضة والازدهار.
بعدها، بدأت مديرة الجلسة الكاتبة هديل الحساوي بطرح الأسئلة على ضيفيها، مستشهدة بمقولة للفيلسوف اليوناني أرسطو «إن الدراما محاكاة للفعل الإنساني»، متسائلة عن انطباعهما حول ما آلت إليه الدراما التلفزيونية في الكويت.
«التيار الأصولي»
في البداية، أكدت الناقدة ليلى أحمد على أن الدراما التلفزيونية مرّت بمرحلتين، «الأولى في مطلع الستينات وحتى منتصف الثمانينات حيث كانت تسير وقتذاك بشكل متوازٍ ومتوازن، واكبها حراك في مجالات الحياة كافة، ثقافي ومسرحي ورياضي وغيره، وذلك قبل دخول وسيطرة التيار الأصولي».
وأضافت «أما المرحلة الثانية، فكانت بعد تحرير الكويت، حيث إنه قليل ما وجدنا أعمالاً تكون قادرة على التواصل مع الحراك المجتمعي، والشبابي على وجه الخصوص»، مشيرة إلى أن الرقابة لعبت هي الأخرى دوراً في تراجع الدراما الكويتية.
وتطرّقت إلى حقيقة الـ «ترند» لبعض الأعمال التي تُعرض على المنصات الرقمية، مبينة أنها لا تُعبّر في الأغلب عن وجهة نظر شعبية، «بل إن بعض المنصات تبحث عن الإثارة، وشاهدنا ذلك عبر مسلسل (دفعة لندن) وما تخلله من أحداث غير حقيقية، وقد لا يكون (الترند) معبراً بالضرورة عن شيء إيجابي وجميل في العمل».
واستدركت: «لكن، وفي المقابل، هناك أعمال تصدرت الـ (ترند) عن جدارة واستحقاق، منها مسلسل (تحت الوصاية) الذي تناول موضوعاً إنسانياً شائكاً تحرّك على إثره مجلس الشعب في مصر. كذلك، لوعدنا بالذاكرة، لوجدنا فنانين من طراز فريد شوقي وفاتن حمامة نجحوا من خلال أعمالهم في تغيير قوانين مهمة في بلدهم، ولكن نحن ليس لدينا هذا الشيء».
«البث الأرضي»
من جهته، استرجع الهندال فترة انتشار جهاز التلفزيون في بيوت المواطنين بدءاً من السبعينات ومروراً بالثمانينات والتسعينات، حين كان يعتمد على «الأريل» (البث الأرضي)، «وقتها كان الممثل ينتمي إلى مؤسسة تعليمية تعتمد على المواهب الفنية، سواء في النشاط المدرسي، أو غيره، ولا يتحرّج من تقديم أدوار تاريخية حتى لو كانت لشخصيات من الصحابة، بالإضافة إلى تجسيد الأدوار النسائية، فالوضع في تلك الفترة كان منفتحاً ومقبولاً من المجتمع، كما أن الدولة كانت تُسخّر كل الإمكانات للفنان، بالإضافة إلى الكثير من الظروف والعوامل التي افتقدناها في وقتنا الحالي، وقد أسهمت في السابق بحضور الدراما الكويتية، خليجياً وعربياً».
ولفت إلى أنه منذ دخول عصر الفضائيات تغير الكثير من الأمور، «ودخلنا في مرحلة التزاحم و(التكالب) على المشاهد حيثما كان، فأصبح (الريموت كنترول) هو الأداة التي يبحث من خلالها عن القنوات التي تقدم له الأعمال، لندخل الآن زمن المنصات الرقمية التي تبحث عن مشاهير (السوشيال ميديا) للترويج عن إنتاجاتها بغض النظر عن قيمة الفنان وموهبته».
بسبب «الاعتراف»... اختلّ التوازن
لم يُخف الفنان القدير جاسم النبهان أن تلفزيون الكويت كان حريصاً على رفعة شأن الدراما المحلية في السابق، «إلى حد أنه أنشأ لها رقابة خاصة تسمى (رقابة التمثيليات)، حيث يأتي الكاتب بالنص إلى هذا القسم، الذي يشغله موظفون متخصصون من ذوي الخبرة في الكتابة والسيناريست، ويقومون بمعالجة الأخطاء إن وُجدت في النص أو مساعدة الكاتب على ترجمة أفكاره ورؤاه المستقبلية، ومن ثم نقوم نحن بعمل (بروفات طاولة) قبل الشروع في التصوير، هذا من جهة. ومن جهة أخرى كان التلفزيون يُشدّد على أن تُرضي هذه الأعمال جميع الفئات والأعمار في المجتمع، إلى جانب ما يهم الفنان من إسقاطات».
وضرب النبهان مثالاً على بعض هذه الأعمال التي كانت تناسب جميع الشرائح في المجتمع، منها «علي بابا والأربعين حرامي» و«علاء الدين» و«مدينة الرياح»، وغيرها.
وأشار إلى أنه بعد إزالة «رقابة التمثيليات»، صارت الأمور تتم بطريقة عشوائية، و«تحديداً منذ أن قدمنا مسلسل (الاعتراف) للكاتب القدير الراحل عبدالأمير التركي في العام 2002، والذي تم منعه بعد المطالبة بحذف 17 مشهداً، تتعلّق في أحد التيارات، ومنذ ذلك الوقت اختلّ التوازن في تلفزيون الكويت».