يحكى أنّ رجلاً حكيماً يأتي إليه الناس من كلّ مكان لاستشارته، لكنهم كانوا في كلّ مرّة يحدّثونه عن المشاكل والمصاعب نفسها التي تواجههم، حتى سئِم من تكرار المشاكل ذاتها، وفي يوم من الأيام، جمعهم الرجل الحكيم وقصّ عليهم نكتة طريفة، فانفجر الجميع ضاحكين، بعد بضع دقائق، قصّ عليهم النكتة ذاتها مرّة أخرى، فابتسم عدد قليل منهم، ثمّ ما لبث أن قصّ الطرفة مرّة ثالثة، فلم يضحك أحد! عندها ابتسم الحكيم وقال: «لا يمكنكم أن تضحكوا على النكتة نفسها أكثر من مرّة، فلماذا تستمرون بالتذمر والبكاء على المشاكل نفسها في كلّ مرة»؟!
الشكوى آفة سيئة تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية والبدنية والعقلية، فقد أثبتت الدراسات العلمية تأثيرها على الجانب النفسي كالشعور بالحزن والتوتر والاكتئاب والمزاج العام، والذي بدوره يؤدي إلى أمراض جسدية مثل السكري أو الربو، وآلام المفاصل وغيرها، إلى جانب آثارها على الدماغ كالصداع وعدم التركيز كما أنها تجعل الدماغ أكثر عرضة للسكتات.
الاستمرار بالشكوى لن يساعدك على حل مشاكلك، بل يزيدها ويسبب أضراراً ويهدر طاقتك، ولا تفكر لحظة في الأشياء التي تعلم أنه لا مجال لتغييرها، ولو كنت بحاجة للفضفضة والشكوى فاجعلها بحدود ولا تكثر منها.
انتقل إلى رحلتك الجديدة بوسائل إيجابية، وأولها التفكر في نِعم الله عليك، والنظر إلى من هم أقل منك حظاً في الحياة، ومحاولة التكيف والتأقلم مع كل ما يحيط بك، مع محاولة نسيان مواقف مزعجة مرت بك، فلا تشغل ذهنك بمن آذاك بصورة حطمت فكرك، وابتعد عن تلك الفئات التي تسلبك السعادة وتجعلك تفكر بطريقة سلبية، تعامل مع أصحاب الطموح الذين يجعلونك تحب الحياة، ومن يجعل النفس تلفت إلى الأمور الإيجابية التي تعيشها وتتمتع بها ولو كانت في نظرك قليلة، فيقل الشعور بالمصاعب، وابق مع النظرة الإيجابية، التي تيسر لك طريق الراحة والأمان.
ولا يقتصر ذلك على الصحبة، وإنما وسائل أخرى صحية كالنوم بصورة معتدلة لتقوية الفطنة وزيادة التركيز، والتمارين الرياضية التي تُشعرك بالراحة النفسية وتخفف الشعور بالقلق والتوتر والاكتئاب، فتمسك بكل ما يسعدك وابتعد عن كل ما يفقدك السعادة، ويعيدك إلى النظرة السلبية.
aalsenan@hotmail.com
aaalsenan @