No Script

هل يتمكّن جنون نهاية الهيمنة من واشنطن و«وول ستريت»؟

نعي الدولار قد يكون سابقاً لأوانه وضغوط سياسية واقتصادية متزايدة للتحوّل عنه


هل هناك خطر حقيقي على مكانة الدولار؟
هل هناك خطر حقيقي على مكانة الدولار؟
تصغير
تكبير

- مساع روسية صينية لتسعير مزيد من التجارة باليوان
- الدولار ليس استثناء فسبقه الإسترليني والفلورين الهولندي
- 58.4 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية بالدولار مقابل 70 نهاية التسعينيات

جنون نهاية هيمنة الدولار يتمكن من واشنطن و«وول ستريت»، حيث يحاول المحللون والشركات وخبراء السياسة التأكد مما إذا كان هنالك أي خطر حقيقي يحيق بمكانة الدولار كعملة عالمية مهيمنة.

هذا ما يراه موقع «ماركيت واتش» الذي يطرح تساؤلاً حول التغييرات في النظام النقدي العالمي وتأثيرها المحتمل على الأسواق، وعلى الاقتصاد الأميركي.

وينقل الموقع عن الخبير النقدي مارك سوبيل قوله إن الاهتمام بهذا الموضوع ينبع من عدد من التطورات بينها المعركة المقبلة في الكونغرس حول وضع سقف للديون، والاتفاق بين السعودية وإيران الذي رعته الصين، وشراكة بكين غير المحدودة مع موسكو، والقلق المتنامي خارج الولايات المتحدة في شأن هيمنة واشنطن على أسواق المال العالمية.

ويلفت المقال الذي نشره الموقع الأميركي إلى أن حصة الدولار من احتياطيات العملات الأجنبية في العالم حسب بيانات صندوق النقد الدولي تتراجع ببطء منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث باتت الحصة الحالية للدولار في احتياطيات البنوك المركزية تقف عند 58.4 في المئة بعد أن كانت نحو 70 في المئة في آواخر تسعينيات القرن الماضي.

ولكن الموقع ينقل عن خبير اقتصادي سابق في بنك مورغان ستانلي اعتقاده بأن بيانات صندوق النقد الدولي لا تعكس درجة الانخفاض الحقيقية لأسباب منها الارتفاع الأخير في سعر صرف الدولار، والذي بلغ منذ يناير 2022 نحو 6 في المئة.

عملة احتياطية

وحسب تقديرات الخبير السابق في «مورغان ستانلي»، ستيفن جين، والباحثة جوانا فراير، فإن الدولار آخذ بخسارة حصته السوقية كعملة احتياطية بمعدل أسرع من الاعتقاد الشائع، كما أن تراجعه تسارع أكثر خلال العام الماضي.

ويرجع الخبيران هذا التراجع إلى سبب محتمل يتمثل بالاستخدام الشديد للعقوبات، ما أدى إلى إحداث صدمة في البلدان التي تحتفظ باحتياطيات كبيرة بالدولار.

وفضلاً عن أن حصة الدولار من الاحتياطيات النقدية العالمية تعتبر مقياساً مهماً لمكانته العالمية، فإن دوره في التجارة العالمية يشكل مقياساً مهماً آخر، حيث ينقل الموقع عن «سويفت» أن الدولار يستخدم في نحو 40 في المئة من عمليات السداد العالمية، الأمر الذي يجعله قائداً في هذا المجال.

ويعيد الموقع إلى الذاكرة ما قاله وزير المالية الأسبق ولاحقاً رئيس الجمهورية الفرنسية فاليري جيسكار ديستان في ستينيات القرن الماضي عن «الامتياز المفرط» للدولار، مشيراً إلى أن بعض الاقتصاديين يعملون على تقييم المكاسب والتكاليف المترتبة على كون الدولار عملة احتياط عالمية.

تخفيض السعر

وينقل «ماركيت واتش» عن دانييل فرايد في تقرير أخير رفعه إلى مكتب الميزانية في الكونغرس أن «استخدام الدولار كعملة عالمية يحقق فائدة للعائلات وللشركات الأميركية من خلال تخفيضه لأسعار الفائدة للمقترضين الأميركيين وتخفيضه لتكلفة السلع المستوردة».

وفي مقابل ذلك ستتأثر الصادرات الأميركية سلباً، في حين ستعاني الولايات المتحدة من عجز تجاري دولي ضخم.

ومع أن جين وفرايد يتوقعان أن يحافظ الدولار على هيمنته العالمية لعقود مقبلة إلا أنهما يقران بضغوط أجنبية متزايدة للتحول عن الاعتماد على الدولار.

ويلفت المقال إلى مساعي روسيا والصين لتسعير مزيد من التجارة باليوان الصيني وبشكل خاص مشتريات الصين من النفط والغاز، فيما يشير أيضاً إلى عوامل أخرى يمكن أن تساهم في إضعاف الثقة بالدولار في المدى الطويل، ومنها السياسات المالية والنقدية الأميركية غير الحصيفة وفي مقدمتها الاستخدام الشديد للعقوبات ضد روسيا وبلدان أخرى، الأمر الذي يثير مخاوف بعض الدول من استخدام الدولار.

وبالعودة إلى تقرير دانييل فرايد إلى مكتب الميزانية في الكونغرس، فقد أكد أن الدولار ليس حالة استثنائية. ففي أواخر القرن الثامن عشر انتهت هيمنة الفلورين الهولندي لأسباب أهمها فقدان الثقة بالبنك المركزي الهولندي بعد أن بادر إلى المساعدة في الحرب على بريطانيا.

تنوع تنافسي

وفي عشرينيات القرن الماضي بدأ تراجع الجنيه الإسترليني أمام منافسه الدولار الذي أصبح في الخمسينيات العملة الاحتياطية العالمية بسبب كونه مدعوماً بالذهب. وخلص الموقع إلى القول إن المستقبل وحده سيكشف عما إذا كان النظام السياسي والاقتصادي العالمي الجديد الأكثر تنوعاً سيفرز منافساً قوياً للدولار.

وعموماً، يرى المستثمرون المحترفون أن الدولار سينزلق أكثر من أعلى مستوياته في عقدين العام الماضي، حيث قللت السوق من قيمة دورة التيسير المقبلة للاحتياطي الفيديرالي.

ويتوقع نحو 87 في المئة من 331 مشاركاً في الاستطلاع الأسبوعي لقراء «بلومبرغ»، والمعروف باسم «MLIV Pulse»، أن يخفض «الفيديرالي» أسعار الفائدة إلى 3 في المئة أو أقل، في دورة تخفيف يعتقد 40 في المئة أنها ستبدأ هذا العام، ويتناقض هذا مع أسعار السوق التي تضع معدل السياسة الضمني حول 3.05 في المئة في غضون عامين.

توقعات هبوطية

في المقابل، كان المستثمرون المحترفون يحملون رؤية سلبية للدولار، مع وجود فجوة تبلغ 17 نقطة مئوية بين «الدببة» والمضاربين على الارتفاع.

ويذكر الكثير صراحة أن توقعاتهم هبوطية لأن سعر الفائدة الأميركية مرتفع للغاية، في حين أن من المثير للاهتمام أن الرد الثاني الأكثر شيوعاً هو أن ضغوط القطاع المصرفي ستقتصر إلى حد كبير على الولايات المتحدة، ما يعني أيضاً أن «الفيديرالي» سيضطر إلى أن يكون أكثر تشاؤماً من نظرائه العالميين.

وقد يبدو الأمر غريباً للوهلة الأولى، إلا أنه توجد بالفعل سابقة تاريخية لخفض «الفيديرالي» الفائدة بحدة دون أن تحذو البنوك المركزية الأخرى حذوه.

وخلال فترة انهيار شركات التكنولوجيا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين والسنة التي سبقت انهيار بنك «ليمان براذرز»، تباعدت السياسة النقدية الأميركية بشكل جذري عن نظيراتها العالمية.

وفي الحالة الأخيرة، خفّض «الفيديرالي» 325 نقطة أساس بين أغسطس 2007 وأبريل 2008، بينما رفع البنك المركزي الأوروبي المعدل بمقدار 25 نقطة أساس في يوليو 2008، وكان الدولار ضعيفاً للغاية خلال فترة ما قبل الأزمة المالية العالمية.

ولكن التشاؤم حول الدولار ليس مجرد نتاج لمشاكل الولايات المتحدة، إذ تعتقد مجموعة كبيرة من المستثمرين أن ارتفاع الين الياباني أو اليوان الصيني سيكون السبب الرئيسي لانخفاض الدولار.

لماذا الاستغراب؟

أولاً، بذل محافظ بنك اليابان الجديد، كازو أويدا، قصارى جهده حتى الآن ليكون ارتفاع الين بطيئاً قدر الإمكان، ما يوفر القليل من الأمل لأولئك الذين يراهنون على وضع حد لسياسة التيسير النقدي الفائقة التي أدت إلى ضعف الين.

ومع ذلك، فإن لدى أويدا نافذة ملائمة لإلغاء التحكم في منحنى العائد، بينما يوجد ضغط ضئيل على أسواق الأسعار المحلية. وإذا اختار التصرف، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في قيمة الين، وهناك دليل على أنه حتى التغييرات الصغيرة في سياسة بنك اليابان يمكن أن يكون لها تأثير كبير على العملة.

ثانياً، ارتفع مؤشر المفاجأة الاقتصادية لـ«سيتي غروب» للصين بالقرب من أعلى مستوى منذ عام 2006 هذا الشهر، ومع ذلك ارتفع اليوان 1 في المئة فقط مقابل سلة العملات المرجحة حتى الآن في 2023. ورغم أن رد الفعل الطبيعي لهذا الأمر، ارتفاع اليوان، لكن المقلق أن العملة كانت غير حساسة تقريباً للأخبار السارة.

وبصرف النظر عن المخاطر الجيوسياسية المستمرة، قد يكون الأمر ببساطة أن المستثمرين يحتاجون إلى وقت للتعود على فكرة عودة التجارة الصينية.

عكس الدولرة؟

ويعتبر المستثمرون أن خطر الابتعاد الجمعي عن العملة الأميركية أمر يجب متابعته بجدية. إذ يرى غالبية المستطلعين أن الدولار سيشكل أقل من نصف الاحتياطيات العالمية في غضون عقد من الزمن.

من ناحية أخرى، لايزال هناك مضاربون على ارتفاع الدولار، لاسيما بين المستثمرين الأفراد. وتعتقد الغالبية العظمى من محبي العملة الأميركية أن مسار سعر الفائدة من جانب «الفيديرالي» أقل من قيمته الحقيقية، ما يؤكد أن تصحيح اتجاه العملة سيؤدي في النهاية إلى تحقيق قرار السياسة النقدية.

ومن المثير للاهتمام أن خطر حدوث كارثة في سقف الديون يمر دون ذكره تقريباً.

ومع ذلك، قد يجادل القليل في أن البيئة السياسية اليوم شديدة الخطورة وأن المخاطر عالية كما كانت منذ سنوات عديدة.

وما شهده 2011 هو أفضل نموذج للحكم على استجابة السوق المحتملة لأي حادث خطير، ففي ذلك الوقت، انخفضت العوائد بشكل كبير، ومع ذلك ارتفع الدولار خلال هذه الفترة حيث سيطر النفور من المخاطرة على أفكار المستثمرين.

الرنمينبي يزيد بالمدفوعات العالمية

ذكر تقرير صادر عن جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، وهي مزوّد عالمي لخدمات الرسائل المالية، أن حصة العملة الصينية الرنمينبي (اليوان) في المدفوعات العالمية ارتفعت في مارس الماضي.

وحسب التقرير، ارتفعت الحصة العالمية لليوان من 2.19 في المئة في فبراير إلى 2.26 في المئة في الشهر الماضي، فيما ظلت العملة الصينية خامس أكثر العملات نشاطاً.

وفي مارس، ارتفعت قيمة المدفوعات بالرنمينبي 25.04 في المئة عن شهر فبراير، وهي أعلى من الزيادة لجميع عملات الدفع والتي بلغت 21.46 في المئة.

وفي ما يتعلق بالمدفوعات الدولية، باستثناء منطقة اليورو، احتل الرنمينبي المرتبة السابعة بحصة بلغت 1.67 في المئة الشهر الماضي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي