No Script

الصقر: باستثناء الغزو.. خيبة الأمل التي تعيشها الكويت حالياً أشد مرارة وأكثر قهراً

تصغير
تكبير

- السقوط هذه المرة في خضم تحولات إقليمية ودولية.. ولن يبقى لمن فاتهم القطار إلا التحسُّر
- الأجواء تخنقها نفّاثات التجرؤ على القانون والاجتراء على السلطات وتفريغ القيادات دون أسباب
- نجد أنفسنا بعد 5 عقود.. مهمومين بذات التساؤلات مرهقين بذات الاختلافات عاجزين أمام ذات التحديات
- المشهد الاقتصادي لا يقل أهمية عن المشهد السياسي.. وقد يفوقه إيلاماً وقهراً وإحباطاً

قال رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر إنه «باستثناء كارثة الغزو، أعتقد أن خيبة الأمل التي تعيشها الكويت حالياً، هي الأشد مرارة، والأعمق غوراً، والأكثر قهراً».

وأضاف الصقر، في سياق كلمته بالاجتماع 59 للهيئة العامة للغرفة، إن «المشهد الحالي يذكرنا بالأسطورة اليونانية حول الشاب سيزيف الذي يحمل صخرة كبيرة إلى قمة جبل أولمبوس، وكان كلما اقترب من القمة تسقط الصخرة عن كتفيه عائدة إلى السفح، ليلحق بها ويحملها ويعاود المحاولة، وهكذا يتكرر الصعود، ويتكرر السقوط، في جهد بلا طائل، وعذاب بلا نهاية».

وتابع: «في الكويت، فإن سقوط الصخرة هذه المرة جاء سريعاً، وجاء صادماً، وجاء في أجواء محلية تكاد تخنقها نفّاثات التجرؤ على القانون، ونفّاثات الاجتراء على السلطات الثلاث تحت شعار حرية الرأي، وتفريغ مقاعد القيادات الإدارية دون أسباب واضحة تحت مسمى الإصلاح».

وأشار إلى أن «السقوط جاء هذه المرة في خضم تحولات إقليمية ودولية تعيد رسم حدود الدول، وتوزيع المصالح، وتشكيل التحالفات، بحيث لا يبقى لمن فاتهم القطار، إلا التحسُّر في محطات الانتظار».

وقال: «لا أخفي عليكم أنني لولا ثقتي برعاية الله ثم صنائع وطني وطيبة شعبي، لحسبتُ أن الكويت محكومة بعقوبة سيزيف، فهي تحمل آمالها وطموحاتها، وتحاول أن ترتقي الجبل نحو الحرية والعدل والتقدم، وقبل أن تصل إلى غايتها، تسقط حمولتها عائدة إلى السفح. وتتكرر محاولات الصعود، وتتكرر مرات السقوط، ليغدو التاريخ عبثاً وتكراراً، بدل أن يكون بناء وازدهاراً، ولنجد أنفسنا بعد خمسة عقود أو أكثر، مهتمين بذات التحديات، مهمومين بذات التساؤلات، مرهقين بذات الاختلافات والمفارقات، عاجزين أمام ذات التحديات».

وتابع الصقر: «أعرف أن ما أقوله مؤلم وموجع ومحبط، وتعلمون - في المقابل - أنه توصيف صادق لا تنقصه اللباقة للمشهد السياسي الحالي في وطننا الكويت، وهو مشهد أمهّدُ به لحديثي، ولكني لن أتوسع في الحديث عنه، لأن الكويت كلها ليس لها حديث سواه، ولأني أريد أن أستغل وقفتي هذه لأحدثكم عن المشهد الاقتصادي، الذي جرى - كالعادة - تناسيه أو نسيانه بفعل الهيمنة المطلقة للشأن السياسي».

وبين أن «المشهد الاقتصادي لا يقل أهمية عن المشهد السياسي، وقد يفوقه إيلاماً وقهراً واحباطاً. وكلمتي هذه لن تتناول المشكلة الاقتصادية نفسها، ولن تتناول الإصلاح الاقتصادي ذاته، لأن هذه المهمة قد أنجزت منذ سنوات، ومن خلال فيض من الدراسات واللجان والتوصيات، التي سجلت إجماعاً أو ما يقارب الإجماع حول تشخيص المشكلة وتحليلها، وحول سياسات الإصلاح وآلياته وشروطه وتكلفته».

وتطرق الصقر إلى وقفات سريعة، وهي الارتباط الوثيق بين المستقبل والقطاع الخاص، والعواصف الرملية الحاجبة للرؤية، التي يعمل هذا القطاع في أجوائها.

وتناولت كلمة الصقر ما اشتملت عليه أدوار الغرفة خلال 2022 العديد من القضايا الاقتصادية في إطار دورها الوطني تصدَّرتها قضية الأمن الغذائي في الكويت من المنظورين الدولي والمحلي. وتوزعت القضايا الأخرى على التعاون الاقتصادي الخليجي والعربي والدولي، والإستراتيجية الخليجية الموحدة للتنمية الصناعيه، والمواصفات والمقاييس، وقواعد المنشأ وأثرها الكبير على التجارة الخليجية البينية.

وأوضح خلال الاجتماع أن الفعاليات التي نظمتها أو شاركت بها الغرفة محلياً ودولياً بلغت 72 فعالية، وتمت نسبة عالية منها عبر تقنية الاتصال المرئي، ولبّت الغرفة دعوة من اتحاد الغرف التجارية المصرية بوفد رفيع المستوى حظي بدعم القيادة السياسية في البلدين الشقيقين، وشارك في ملتقى الأعمال الكويتي المصري، كما استقبلت الغرفة 34 وفداً زائراً من 23 دولة ومنظمة اقتصادية دولية، وحظيت باستضافة اجتماع مجلس اتحاد الغرف العربية و مجلس اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي.

نموذج تنموي

وأكد الصقر أن «مستقبل البلاد وأجيالها يقوم على تصميم وتنفيذ نموذج تنموي ناجح، يرتكز على القطاع الخاص من جهة، وعلى سياسات مالية تهدف الى تنمية الثروة واستدامتها من جهة أخرى.. وإن تهرّبنا من هذا الاستحقاق قد أدى الى زيادة تكاليفه الاجتماعية والمالية والسياسية، والى تغذية الاحتقان والتأزيم في ثلاثية الحكم والديموقراطية والتنمية في الكويت».

وأضاف أنه: «رغم هذه الأهمية المركزية والمستقبلية للقطاع الخاص ودوره التنموي في دولة الكويت، نلاحظ - بمزيج من الأسف والغضب والاستغراب - أن هذا القطاع بكل أنشطته ومؤسساته وأشخاصه يتعرض لحملة ظالمة لا تنال من كفاءته ودوره وجدواه فحسب، بل تشكك في تاريخه ووطنيته ومصداقيته أيضاً».

وتابع أن «هذه الحملة تطلق ادعاءات عارية من الصحة، لا سند لها ولا مستند، يغذيها حقد لا داعي له إلا فشل أصحابه، وتوجيه جاهل، وتمويل مجهول، أو هكذا نفضل أن نقول. ورغم ما تسببه هذه الحملة لنا من ألم، ما كانت لتثير اهتمامنا لولا ما نجده لها من صدى لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية الى جانب ما تحظى به من بيئة حاضنة لدى بعض قيادات السلطتين».

وذكر الصقر أنه «إذا كانت السلطة التنفيذية تقف موقفاً موارباً من القطاع الخاص فترفع شعارات دعمه والثقة به وتعمل بعكسها، فإن العديد من السادة أعضاء مجلس الأمة لا يفتقدون الوضوح في إعلان ارتيابهم بالقطاع الخاص، ولا ينكرون مساعيهم للحد من دوره التنموي».

وأكد أن «الغرفة تعتز بأن يكون بين أعضائها أكثر من نصف أعضاء مجلس الأمة في معظم دوراته إن لم يكن كلها، ومنذ المجلس التأسيسي حتى اليوم. كما أن أعداداً كبيرة من موظفي الحكومة والقطاع العام يمارسون العمل التجاري من خلال شركاء أو وكلاء. وأكثر منهم من يمت بقرابة ونسب الى تجار وعائلات تجارية».

وقال الصقر «إذا نسي المفترون على القطاع الخاص كل ذلك، كيف يمكنهم أن يتناسوا دور تجار الكويت في تأسيس دولتها الحديثة، ورفع قواعد مؤسساتها الدستورية، بدعم ومشاركة ومباركة الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم رحمه الله؟ وكيف يتناسون دور تجار الكويت في الالتزام بالعمل الخيري منذ كانت بهم خصاصة حتى اليوم؟ وكيف يغفل هؤلاء عن أن رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قد زاول العمل التجاري وأن الكثير من أهل بيته وصحابته كانوا تجاراً وقد سخّروا كل ثرواتهم لدعم الاسلام ونشره؟".

وتساءل: «كيف يتناسون أن الله سبحانه قد أحل التجارة وحرم الربا، وأن رسوله الكريم قد بيّن أن تسعة أعشار الرزق في التجارة؟ وكيف ينسى هؤلاء أن الكويتيين لم يقيموا مجتمعهم ودولتهم على هذه الأرض المغسولة بأشعة الشمس إلا بسبب موقعها التجاري العبقري وأنالسفينة رمز التجارة والتجار هي جزء أساسي من شعار دولة الكويت؟».

ونوه إلى أنه «يكفي لنتعرف على دور التجار، وتجار منطقتنا العربية الخليجية على وجه الخصوص، في نشر الإسلام أن نقول إن عدد المسلمين في البلاد التي دخلها الاسلام سلماً، بواسطة هؤلاء التجار وتجارتهم وأخلاقهم وحسن تعاملهم، يبلغ أربعة أضعاف السكان المسلمين في كافة الأقطار التي دخلها الاسلام فتحاً».

وأضاف الصقر: «إننا لا ندعو أبداً الى الحد من حرية الرأي، ولكننا ندعو الى معاقبة الكذب والافتراء والعمل على إضعاف الوحدة الوطنية. ونحن لا ندّعي أبداً أنه ليس بين التجار خاطئون ومخطئون، ولا ندافع عن أي من هؤلاء إذا ثبتت ادانته. ولكننا نتساءل باستغراب: لماذا ينسحب خطأ التاجر على كل التجار؟ بينما تبقى خطيئة غيره من الشرائح الاجتماعية والمهنية الأخرى منحصرة بشخص المخطئ نفسه؟ ولماذا يعتبر التاجر مداناً حتى تثبت براءته، ويعتبر غيره من المتهمين أبرياء الى أن تثبت إدانتهم؟».

وواصل الصقر: «كيف نعمل على تحسين بيئة الأعمال اجتذاباً للمستثمر الأجنبي ونجعل بيئة الأعمال للمستثمر الوطني مسوّرة بالشك والريبة، مسممة بالحقد والكراهية؟ حتى ارتفاع الأسعار الذي شمل كل دول العالم دون استثناء، والذي يعرف الصغير والكبير أنه نتاج أزمة كورونا وتداعياتها، ونتاج زيادة تكاليف الانتاج والنقل، وانقطاع خطوط الامداد. حتى هذا الارتفاع أصبح في الكويت ينسب بكل إصرار الى جشع التجار وطمعهم واحتكاراتهم».

وأفاد بأن «رغبة الدولة بتعزيز دور القطاع الخاص يجب ألا تبقى لافتة بلا مضمون، بل ينبغي على الحكومة أن تترجم هذه الرغبة من خلال برامج ومشاريع وفق أطر وجداول زمنية محدّده، بعيداً عن العبارات الانشائية».

واختتم: «في كل الأحوال، يجب أن تبقى معالجة أي اختلافات أو نزاعات بين أجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، في إطار القانون، ومن خلال مؤسساته واجراءاته. فلا ينزل العقاب بالتاجر أو المقاول وتبرأ ساحة الموظف العام الشريك في ذات الاتهام، ولا تطبق العقوبة قبل الإدانة، ولا تطبق العقوبة بأسلوب مهين».



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي