No Script

«وثائقي» في 51 دقيقة تحية وفاء للغائب ... افتقدنا فيه منصور

«كانت حكاية»... حوار من عالمين متباعدين بين فيروز وعاصي

تصغير
تكبير
 | بيروت - من محمد حسن حجازي |

«كانت حكاية» وثائقي خاص في الذكرى 23 لرحيل عاصي الرحباني، اعداد واخراج ريما الرحباني... فيروز قدمت حكايتها اليوم من دون علمها بالحكاية التي قدمها عاصي قبل سنوات من رحيله عام 1986. تكاملا في الحكاية بالتخاطر المستحيل وهمست الاغنية التي ينصهران فيها بحكايتها فاكتملت الصورة وكانت الحكاية. اسدلت الستار الحمراء خرجت فيروز من الحكاية الى الواقع وقالت «الحقيقة مع الوقت» فلاقاها عاصي ببسمة خجولة متواطئة، بعدما كان هو ايضاً قد خرج من الحكاية ومن الزمن واجتاز الوقت فصار الشاهد المشاهد المطلق.

تلك كانت هدية العام الجديد من ريما عاصي الرحباني... «DVD» يحمل حكايتين للفنانين العملاقين الراحل عاصي الرحباني، وللحاضرة الكبيرة فيروز روتهما ابنتهما ريما التــــي كانت موضوع اغنية قبل عـــــشرات السنين «يلا تنام ريما».

ريما الرحباني وقعت شريطاً متوسط الطول حمل عنوان «كانت حكايي»، عندما ارادت في ذكرى غياب والدها الـ 23 ان تخصّه بتحية خاصة فوجدت ان محاولة

مع السيدة الوالدة قد تثمر حكاية تضاف الى حكاية الأب المسجلة، والأم لا تعرف خطة الابنة التي لم تدر لماذا وافقت على الكلام وهي المجبولة على حب الغناء فقط، فالتقطت ريما الخيط وصورت وسجلت الحوار لتقابله مع حوار آخر قديم لوالدها الراحل.

ابنة تربط والديها فنياً، وتؤمن صلة وصل مستحيلة اصلاً من خلال حكايتين لها وله بحيث يتقابلان في الشريط وكأنهما في عالم واحد فنحن نحتاج من عباقرتنا ان يقولوا، ان يتحدثوا، ان يتوجهوا الينا مباشرة، ان يشرحوا وجهات نظرهم، ويعلنوا موقفهم من الذين صاغتهم عبقريتهم.

الشريط اسهم في رسم مثل هذه الصورة على مدى 51 دقيقة مع صور ايضاحية لهما معاً، او معهما كبار من حجم محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وكلام للسيدة فيروز

عن طبيعة الفنان في عاصي العنيد، الذي لا يطيق خطاً واحداً، والذي يريد ارضاء الجمهور بأكمله رافضاً بالمطلق فكرة وضع عمله بين الناس من دون الاطمئنان عليه.

«كانت حكايي»، فيه كلام من عاصي عن الموهبة العظيمة السيدة فيروز، وأين مكامن القوة والابداع في صوتها، وفي قدراتها المتميزة ابداً مما يخدم كل خطوة، كل حوار، كل مقطع غنائي في كامل ما قدماه مسرحياً، خصوصاً حديثه عن ذكائها وســـرعة خاطرها وفهمها العميق لما يريده، بما يفسر بقاء الاعمال التي ظهرت قوية، حاضرة وفاعلة حتى يومنا هذا.

«رح نحكي قصة ضيعة، لا القصة صحيحة ولا الضيعة موجودة. بس بليلة هوي وضجران خرطش انسان ع ورقة وصارت القصة وعمرت الضيعة».

بهذا المناخ الغنائي يبدأ الشريط، ليشكل قطع وصل بين كلام كل منهما وحين يتذكران في الحوار نسمع: بعدك بتذكر يا وطى الدوار بتذكر حكايتنا. وتتابعت المقاطع الغنائية:

- اذا الارض مدورة.

- هالله هالله يا دار محبوبي.

- وصار سجين الحكاية، فقالت الحكاية ألا حرّر السجينات.

- يا ريت انت وانا بالبيت.

- ودراج الدار حليانة.

- علّي الدار رجعو صحاب الحمية.

- وك يا جدي يا بو ديب.

- يا مركب الريح.

- أربعة وقفوا معك، وينن راحوا، لبسوا الليل، لبسوا خيالات الشجر، لبسوا سكوت الارض، وديتن وراحوا.

- رجعت ليالي زمن.

- زوروني حرام.

والخاتمة موفقة هي الاخرى، فاذا كانت كل حوارات المسرحيات الرحبانية تنطبق على كل الاحداث والتطورات والحالات، فكيف لها الا تتماشى مع الحياة الرحبانية:

- بتقول الخبرية هوي وهيي.

- من اول العمر، لآخر العمر.

- بتتخبّى بيلحقها.

- بتزعل بيراضيها.

- بتوقف بيسبقها بيرجع بلاقيها.

- من اول العمر ولآخر العمر.

هوي وهيي وخلصت الخبرية...

ريما تحدثت عن والديها، وكان موضوعها ربط حكايتين وجعل المستحيل ممكناً، وحصرت كلامهما بما يوحي ويعني ويتحدد بهما فقط. لم تدع الحكاية تتوسع، لم تترك المروحة تتمدد لتشمل الاخوين الراحلين معاً، عاصي ومنصور، موضوعها كان الزوجان والابوان، لكن عند الدخول الى المجال الفني يصبح فصل الاخوين محط تساؤل، لكن ريما تــــملك الجـــواب، «انــــا اخترت فكرة ونفذتها، اقمت حواراً بين والدي ووالدتي عن عالمين متباعدين جداً، لم اكن اقيّم الاعمال الرحبانية».

لكننا ندرك بالمقابل مدى الحساسية التي استقبل بها الاشريط في عائلة الجيل الرحباني الثاني، بمعنى ان احداً لا يتصور ذكر عاصي من دون منصور، ورغم ان الاول غادر قبل 23 عاماً، ولحق به الثاني قبــــل عام، فــــان اي مقالة تتناول احدهما لا بد وان تتطرق الى الثاني.

على ريما ان تفسر اكثر. وعليها ان تعلن غايتها من هذا الانتاج، فـــهي قادرة على الاحتماء بمبرر انها تحيي وتكرم والديها وحسب، وكل ما يقال غير ذلك يحاول اثارة حساسية لم تتعمدها.



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي