موفد قطري في بيروت لـ «استطلاع» آفاق الأزمة اللبنانية

«حزب الله» يحمي فرنجيه و«يشطب» مرشحين والمعارضة إلى التشدّد

سيدة لبنانية وطفلتها خلال أحد الشعانين في وسط بيروت أمس (أ ف ب)
سيدة لبنانية وطفلتها خلال أحد الشعانين في وسط بيروت أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- جعجع رَفَعَ السقف بوجه أيّ مرشح لـ «الممانعة» وجنبلاط ثابِت على الـ لا الناعمة و... الحاسمة
- الراعي عن خلوة 5 أبريل الروحية للنواب المسيحيين: سنُصلّي معاً من أجل لبنان وخلاصه من أزماته

تنشغل بيروت اليوم الإثنين، بزيارة وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز الخليفي الذي يستطلع آفاقَ الأزمة اللبنانية لاسيما المأزق المستحكم في استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية الذي تواكبه الدوحة من ضمن الخُماسي الدولي - العربي الذي تَحَوَّلَ أشبه بـ «خليةِ أزمةٍ» ويضمّها إلى الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية ومصر.

ولا يُعوَّل على أن يحمل الموفدُ القطري في جعبته مقترحاً محدَّداً، بمقدار ما أنه سيَسمع خلال لقاءاته رؤيةَ الأفرقاء اللبنانيين لآفاق الأزمة الرئاسية في ضوء خريطة الطريق التي ترتسم خطوطُها بين أطراف «مجموعة الخمس» التي التقت في باريس في فبراير الماضي ومازالت تحتاج إلى «توحيد معاييرها» ليكون جميع أركانها على «الموجة نفسها».

وتأتي زيارة الخليفي على وقع التباينات التي لم تُذلَّل بعد في ما خص مقاربة كل من باريس والرياض خصوصاً لمرتكزات معالجة الملف اللبناني و«مفاتيحه»، وسط إصرار فرنسا على منطق المقايضة وفق ما انطوى عليه طرح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجيه (مرشح الثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري) لرئاسة الجمهورية ونواف سلام (من جوّ ما كان يُعرف بقوى 14 مارس) لرئاسة الحكومة، أو «حماية» خيار فرنجيه بضماناتٍ يقدّمها الأخير لدول الخليج،

في ما بدا تكراراً لـ «اللعب بحسب القواعد القديمة» التي أوقعت لبنان أصلاً في «جهنّم المالية – المعيشية» وسقطت فرنسا نفسها في «فخّها» إبان مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون عقب انفجار مرفأ بيروت في 4 اغسطس 2020 والتي ذهبت أدراج الرياح.

وفي رأي أوساط سياسية أن الدوحة لا تتحرك في المسرح اللبناني بمعزل عن المناخ الخليجي الذي سبق أن عبّرتْ عنه المبادرة الكويتية، لكنها تُبادِر في الوقت الضائع الفاصِل عن بلوغ الاستحقاق الرئاسي «نهائياته»،

إما باقتناعِ فرنجيه أن العوائق أمام وصوله لقصر بعبدا، خارجياً وداخلياً، تشكل سداً مانعاً لانتخابه، وإما بتبلْور النتائج العملانية للانفراج الاقليمي في الاسابيع المقبلة بما ينسحب على لبنان «تسويةً على البارد» يستعيد معها «توازنه السياسي» فيكون ذلك الضمانةَ لمرحلة الإنقاذ والإصلاح.

ومع عودة فرنجيه من زيارته لباريس وسط توقعاتٍ بأن تكون للأخيرة جولة جديدة من التباحث مع الرياض، التي ترفض الانجرار للعبة الأسماء وتكتفي بتحديد مواصفاتٍ لرئيس «خارج الاصطفافات والفساد المالي والسياسي»،

وذلك في محاولةٍ من فرنسا لاستكشاف موقف المملكة من الأجوبة التي قدّمها زعيم «المردة» تحت عنوان الضمانات، لم يكن عابراً ارتفاع منسوب التشدد بين معسكريْ المعارضة والموالاة (بقيادة حزب الله) حيال الموقف من ترشيح فرنجيه.

فالمعارضة جددت رفْع البطاقة الحمراء بوجه زعيم «المردة» بموقفين: الأول على طريقة الـ «لا الناعمة ولكن الحاسمة» والثاني بنبرة نارية، وكلاهما عكسا أن السواتر أمام فرنجيه تعلو تأكيداً على أن طريقه إلى بعبدا غير سالكة بصرف النظر عن محاولات باريس لتسويقه.

وفي الإطار، جاء إعلان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع «أن أيَّ مرشّحٍ من محور الممانعة هو الفراغ في ذاته»، مشدّداً على «أنّ مَن يريد الدويلة والسلاح غير الشرعي،يعمِلُنْ عندو، فمن غير المسموح من الآن وصاعداً أن نسمع بحوادث انتحار أو هجرة أو يندفن شعب هوي وعايش بسبب القهر واليأس وكثرة الظلم والفساد».

وتوجّه إلى «مَن يبتزّنا ككل مرّة، ويخيّرنا بين المرشّح التابع له أو الفراغ»، بالقول: «روح بلّط البحر».

واشار إلى أنّ «محور الممانعة تسلّم الرّئاسة مرّة، ودمَّر البلد ألف مرّة، لذا حان الوقت كي يبتعد ويفسح المجال أمام اللبنانيين الشُرَفاء الإِصلاحيّين السياديّين، بدل أن يسعى إلى حوارات لطرح مرشّحين والإتيان برؤساء أو إلى التّفاوض حول شكل الحكومة العتيدة، فهذه المرة لن نترك الفاجر ياكل مال التاجر... ونقول لمحور الممانعة، عالقصر ما بتفوتوا».

في سياق متصل، كان رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط يردّ على ما يجري تداوله عن تباين مع والده رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حيال الموقف من ترشيح فرنجية، مؤكداً موقف الكتلة والحزب بالدعوة «للبحث عن شخصية وفاقية لرئاسة الجمهورية، لا تكون طرفاً أو تُشكّل تحدياً لأحد، وتملك رؤيا إصلاحية وإنقاذية للبلد، وهذه ضمانة لبنان الأساسية مما يتخبط به من أزمات اقتصادية واجتماعية ومالية وغيرها، وهو ما سبق وطرحه وليد جنبلاط وأعلناه في كل الاتصالات والمداولات التي حصلت في الداخل والخارج».

وقال «كفى مخيلات عند البعض، فموقفنا واحد، ونتطلع إلى لحظة فرج للوطن، من خلال عهد جديد لا يستسيغ استنساخ الأزمات».

في المقابل، بدا أن «حزب الله»، الذي يَمْضي في تحصين ترشيح زعيم «المردة» من دون أن يُعطي إشارات حاسمة إلى طرحه معادلة «فرنجية أو لا أحد»، أطلق مرحلة وضع «أكس» (X) على المرشحين الذين يجري تَداول أسماء بعضهم كـ «خيار ثالث» (لفرنجية والمرشح ميشال معوض)،

وكان الأول على «لائحة المشطوبين» ضمناً الوزير السابق للمال جهاد أزعور، وهو حالياً يشغل منصب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي.

فرئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد انطلق مما جرى تداوله إعلامياً عن أن الإدارة الأميركية «تفكّر بشخصيّة لها خلفية إقتصادية» للرئاسة اللبنانية.

وسأل «ماذا يعني لديه خلفيّة اقتصادية؟ يعني أنّ البنك الدولي يستطيع أن يتفاهم معه، كما صندوق النّقد الدّولي، لمصلحة التّعليمات والتّوجيهات والسياسات التي يرسمها النافذون الاستكباريّون للعالم من خلال هذه المؤسّسات الاقتصاديّة الدولية».

ولفت إلى أنّه «تحت عنوان التّواصل مع صندوق النّقد الدولي قُلنا بأنّ 3 مليارات لن تنفع البلد، فلا«تتعبوا قلبكم»، ويجيبون بكلّ ثقة المسألة ليست مسألة مليارات بل هي فتح أبواب الدول من أجل مساعدتكم، وعليه يجب أن تركَنوا لسياسات تلك الدول من أجل أن نوفّر لكم المساعدات دائماً».

وأكمل رعد أمس، معلناً «لا نريد دولة تقوم على التسوّل»، داعياً «لنمنع الأجنبي من أن يتدخل في رسم سياساتنا الإقتصادية والإجتماعية والتربوية».

وأكد أن «المدخل إلى إعادة بناء مثل هذه الدولة هو انتخاب رئيس للجمهورية، ونحن دعمْنا مرشحاً قادراً على أن يَعْبر بالبلد في هذه المرحلة، ونحن منفتحون على الحوار مع الآخَرين، لكن أين المرشح الآخر؟ حتى الآن الطرف الآخَر لم يقدم ولم يدعم مرشحاً له واضحاً، هم يعطّلون ويؤخّرون هذا الاستحقاق ويراهنون على وصول كلمة سر من الخارج»،

داعياً إلى «ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية من دون انتظار الأوامر الخارجية».

في موازاة ذلك، وفيما تنشدّ الأنظار إلى استنئاف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي أنهى أداء مناسك العمرة في مكة المكرّمة نشاطَه اليوم في السرايا، حيث يجتمع الى الموفد القطري ويترأس اجتماع «اللجنة الوزارية المكلفة معالجة تداعيات الازمة المالية على سير المرفق العام» تحضيراً لجلسة مرتقبة لمجلس الوزراء،

كان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يطلّ في عظة قداس عيد الشعانين على الخلوة الروحية التي دعا اليها النواب المسيحيون يوم الأربعاء ولن يغيب طيف الانتخابات الرئاسية عنها، من دون أن يحضر كعنوان مباشر في ضوء رفْض أطراف عدة الانجرار الى «مقاربة مسيحية» لاستحقاقٍ وطني، علماً أن عدداً من النواب أبلغوا عدم حضورهم هذا اللقاء.

وقال الراعي إن «السلطة هي خدمة ولا يُمكن أن تكون تسلّطاً والمسؤولون خدّام الناس للخير العام. فالسياسيّ الحقيقيّ خادم وعندما لا يكون كذلك فهو سياسيّ سيّئ بل ليس سياسيًّا لأنّ السياسة فنٌّ شريف لخدمة الخير العام».

وأضاف «ليعلم السياسيّون وعلى رأسهم نواب الأمّة أنّ ضامن السياسة الصّالحة هو انتخاب رئيس جمهوريّة لكي تنتظم معه المؤسّسات الدستوريّة».

واشار الى «أننا نستعدّ مع السادة النواب المسيحيين لخلوة روحية لنستمع معاً إلى كلام الله في تأمُّلَين ونُكرّس الباقي للصلاة والتأمل، وسنصلّي معاً من أجل لبنان وخلاصه من أزماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي