محكمة الاستئناف في باريس تنظر الثلاثاء بصحة حجز أملاك لرياض سلامة في فرنسا
باريس - أ ف ب - تنظر محكمة الاستئناف في باريس الثلاثاء، في صحة عمليات حجز على عدد من الأملاك العقارية والأموال المصرفية لحاكم المصرف المركزي اللبناني رياض سلامة، للاشتباه بجمع ثروته في أوروبا عن طريق اختلاس لأموال عامة لبنانية.
واستمع محققون أوروبيون بينهم قاضية التحقيق الفرنسية أود بوريسي في منتصف مارس في بيروت إلى سلامة (72 عاما) الذي يؤكد براءته منذ فتح الملف بحقه.
وتشكّل ثروة سلامة محور تحقيقات منذ عامين في لبنان والخارج، حيث تلاحقه شبهات عدة بينها اختلاس وغسل أموال وتحويلها الى حسابات في الخارج.
وينفي سلامة باستمرار الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية سياسية وإعلامية «لتشويه» صورته. ويؤكد أنه جمع ثروته من عمله السابق طيلة عقدين في مؤسسة «ميريل لينش» المالية العالمية ومن استثمارات في مجالات عدة.
وأعلنت فرنسا والمانيا ولوكسمبورغ في أواخر مارس 2022 تجميد 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه رجا سلامة، بتهم غسل أموال و«اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021».
وتناقش غرفة التحقيق الباريسية الثلاثاء الطلبات التي قدمها سلامة لاستعادة أكثر من عشرة أملاك وأموال تم تجميدها في فرنسا وتضم شققا في الدائرة السادسة عشرة من باريس وعلى جادة الشانزيليزيه، كما في المملكة المتحدة وبلجيكا، فضلا عن حسابات مصرفية وغيرها.
وستجري مناقشة القرار في شأن هذه الأصول التي تقدر قيمتها بعشرات ملايين اليوروات، على أن يصدر القرار خلال أسابيع.
وطلبت النيابة العامة تأكيد عمليات الحجز خشية حرمان فرنسا في حال صدور إدانة قضائية مستقبلاً من «أي احتمال لاستعادة» الأملاك.
وقال مصدر مطلع على الملف إن الرهان كبير جداً، مؤكداً أن «استهداف أموال (سلامة) هو التحرك العملي الرئيسي الممكن في هذا الملف» إذ يرفض لبنان تسليم مواطنيه ويقوم بمحاكمتهم على أرضه في حال دينوا في الخارج.
كما يطالب ويليام بوردون، محامي طرفي الادّعاء المدني منظمة «شيربا» غير الحكومية و«تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان»، بتأكيد عمليات حجز الأملاك والأموال التي «تستند إلى عناصر أدلة قوية جداً» مضيفاً أن «الطلبات التي قدمت لرفع اليد إنّما هي معركة خطوط خلفية بقدر ما هي عملية علاقات عامة».
- شركة في الجزر العذراء
ويجري التحقيق القضائي الفرنسي الذي كشفت عنه «فرانس برس»، منذ يوليو 2021، بموازاة تحقيقات أوروبية ولبنانية أخرى بحق سلامة.
وبحسب وثائق من التحقيق اطلعت عليها «فرانس برس»، فإن عمليات اختلاس الأموال تقوم بشكل أساسي على شركة مسجلة في الجزر العذراء أنشأها عام 2001 مكتب «موساك فونسيكا» الذي شملته فضائح وثائق بناما.
وتركّز التحقيقات على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة «فوري أسوشييتس» التي لها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم.
ويُعتقد أن الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من مصرف لبنان عبر تلقّي عمولة اكتتاب، تمّ تحويلها إلى حسابات في الخارج يملكها رجا سلامة الذي قام لاحقا بإعادة تحويل «أكثر من 220 مليون دولار إلى حسابات شخصية عدة في لبنان» بعضها لرياض سلامة.
وقال رياض سلامة للقضاء اللبناني في أغسطس 2021 أنه تلقى أموالاً من شقيقه لإعادة تسديد دين بقيمة 15 مليون دولار يعود إلى التسعينيات.
وأعرب القضاء الفرنسي أخيراً عن مخاوف حيال عقبات «صعبة لا بل مستحيلة» تعترض التحقيق، ومن أبرزها أن رياض سلامة بصفته حاكم مصرف لبنان، هو الذي يترأس هيئة التحقيق الخاصة التابعة للمصرف والمخولة رفع السرية المصرفية، وهي التي طلب منها السماح برفع السرية عن تحويلات مالية من حسابات رجا ورياض سلامة في لبنان.
ولم يوجه القضاء الفرنسي التهمة رسمياً إلى سلامة حتى الآن.
وفي يونيو 2022، وجهت التهمة رسميا إلى مقربة منه هي آنا ك.، أوكرانية عمرها 46 عاماً، للاشتباه بضلوعها في «ترتيبات مالية معقدة تسمح بإخفاء مصدر الأموال التي اختلسها رياض سلامة».
وأفادت مصادر عدة أن بوريسي تريد استجواب سلامة في منتصف مايو في فرنسا غير أنه لا يعرف إن كان لبنان سيسمح له بالسفر.
ويقول محاميه بيار أوليفييه سور إن التحقيق الفرنسي قد ينهار بسبب مخالفات، مشيراً إلى الاستماع إلى رياض سلامة بصفة «شاهد بسيط» في منتصف مارس في لبنان في حين أن القانون الجنائي الفرنسي «يحظر بصورة باتة الاستماع» بهذه الصفة «إلى شخص تشير أدلة خطيرة أو متوافقة إلى ضلوعه في الجرم» موضع التحقيق.
ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم.
ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو المقبل.