No Script

اتساع رقعة الأزمة المصرفية يزيد ذعر المستثمرين

ماذا خَسِرت «هيئة الاستثمار» و«التأمينات» والشركات والأثرياء الكويتيون بعد تنامي اضطرابات الأسواق العالمية؟

No Image
تصغير
تكبير

- قائمة ملاك «كريدي سويس» تخلو من الكويتيين
- «الهيئة» و«التأمينات» طلبتا من مديري محافظهما تحديد انكشافهم
- تقييم مراكز الاستثمارات السيادية وإعادة توزيعها وزناً وقطاعاً
- مستثمرو السندات ومحافظ الثروات الخاصة من الأكثر تضرراً بالأزمة
- تسارع اتجاه الأزمة نحو الرعاية الصحية والتكنولوجيا والعقار يزيد حدة مخاطر الأسواق العالمية
- الضرر الذي لحق بسمعة «كريدي سويس» يهدّد بوقف عقوده لتنسيق الاندماجات

بينما لا يزال العالم منشغلاً بجرد خسائر أزمة بنك كريدي سويس، ينظر بعض الشركات في الكويت وأثرياؤها فضلاً عن مسؤولي الهيئة العامة للاستثمار والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى ما هو أبعد، خصوصاً مع تنامي الحديث عن إمكانية تمدد الاضطرابات إلى بنوك وقطاعات أخرى.

وما يعزز هذه المخاوف أكثر تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، في الكلمة التي ألقتها أمس في منتدى التنمية الصيني، حيث قالت إن المخاطر التي تحدق بالاستقرار المالي تزايدت، ودعت إلى مواصلة توخي الحذر رغم تحركات الاقتصادات المتقدمة لتهدئة ضغوط السوق.

تشدد نقدي

وأكدت غورغيفا، على وجهة نظرها بأن 2023 سيكون عاماً آخر مليئاً بالتحديات مع تباطؤ النمو العالمي إلى أقل من 3 في المئة بسبب تداعيات الجائحة والحرب في أوكرانيا وتشديد السياسة النقدية، مضيفة أنه حتى مع وجود توقعات أفضل لـ2024 سيظل النمو العالمي أقل بكثير من متوسطه التاريخي البالغ 3.8 في المئة، وستظل التقديرات ضعيفة إجمالاً.

ومع توسع موجة الذعر التي انتابت المستثمرين العالميين من التعرض لخسائر مالية كبيرة أو لمعارك قضائية محتملة من اضطرابات القطاع المصرفي العالمي تبدو هذه المخاطر ليست بعيدة عن نظرائهم في الكويت.

فبعد الزلزال الذي ضرب «كريدي سويس» لا يبدو أن المخاوف الكويتية ستهدأ في الوقت القريب، لاسيما مع اتساع رقعة الأزمة المصرفية العالمية، وبعد ما تم تداوله من أن «دويتشه بنك» الألماني يواجه هو الآخر خطر الإفلاس، بعد أن شهدت أسهمه انهياراً قبل أيام قليلة، ليصبح بالتالي ثاني بنك أوروبي يواجه هذه المخاطر، وقبل ذلك أزمة إفلاس البنوك الأميركية الثلاثة، ما يثير مخاوف فرض تشريعات غربية أقوى تتضمن سياسات أكثر صرامة.

وهنا قد يكون مستحقاً السؤال حول الخسائر التي يمكن أن تلحق بالشركات والبنوك والأثرياء الكويتيين من اضطرابات الأسواق العالمية، وكذلك بالنسبة للصندوق السيادي والمؤسسة العامة للتأمينات؟

علاقة كويتية

من حيث المبدأ، وحسب إفصاحات البنوك تشكل انكشافات الكويت على البنوك الأميركية المنهارة نسبة محدودة جداً، إذ تقارب قيمتها نحو 1.8 دينار، في حين تخلو قائمة ملاك «كريدي سويس» من الكويتيين، وتنحصر خليجياً في 3 مساهمات رئيسية بإجمالي يبلغ نحو 20 في المئة، نصفها تقريباً للبنك الأهلي السعودي، ونحو 10 في المئة لجهاز قطر للاستثمار ومجموعة العليان السعودية.

لكن على أرض الواقع هناك علاقة كويتية استثمارية متشعبة بـ«كريدي سويس» تتجاوز هيكل ملكيته، وتتمثل في الاستثمار بمحفظتي البنك للثروات الخاصة والسندات، فمنذ 2006 يتبنى «كريدي سويس» إستراتيجية تتمثل في ملء الفراغ في السوق الخليجي عامة والكويتي تركّز على العمليات المصرفية الخاصة والخدمات الاستثمارية وإدارة الثروات، وتقديم الاستشارات في المنطقة، وبمقدمة ذلك الاستحواذات والاندماجات، ما يرجَّح معه تمكّنه من استقطاب مستويات ثروات واستثمارات عالية.

ربح وخسارة

وإذا كان لا يجافي الموضوعية القول إن جميع المستثمرين الكويتيين ربحوا من علاقتهم الاستثمارية مع البنك السويسري سواء مؤسسات أو أفراد أو هيئات حكومية، إلا أنه لا يمكن تفادي حقيقة أن «كريدي سويس» أحدث هزة في سوق السندات من الشريحة الأولى (AT1)، التي تبلغ قيمتها حالياً نحو 275 مليار دولار.

وتحليلياً يعود ذلك الأثر لسببين، الأول حجم تخفيض القيمة الذي يعد الأضخم في تاريخ السندات الطارئة القابلة للتحويل، والثاني حقيقة أن حملة الأسهم حلوا قبل حملة سندات (AT1) في الحصول على حقوقهم.

ويتخوف المستثمرون من عدم قدرة البنوك الآن على إصدار سندات (AT1) بالشروط المثلى في المدى المنظور، ما يعني أن السندات التي تستحق على المدى القصير ستفقد علاوة السند القابل للاستدعاء.

وهنا يبرز السؤال حول مدى انكشاف الكويت شركات وبنوك وأفراد وصندوق سيادي و«تأمينات» على «كريدي سويس»؟

تقييم المراكز

وفي هذا الخصوص، علمت «الراي» من مصادر ذات صلة أن حجم الاستثمارات الكويتية المرتبطة بـ«كريدي سويس» عموماً يقدر بمئات الملايين من الدولارات موزعة على استثمارات في سندات وثروات خاصة، موضحة أن المستثمرين يقيّمون حالياً مراكزهم المالية والقانونية من هذه الاستثمارات.

وما يزيد وهج السؤال بخصوص «كريدي سويس» أن القلق لا يتوقف عند المخاطر المرتبطة بمستقبله، بل يتزايد في ظل الأزمة التي تسرّع اتجاه الاضطرابات نحو قطاعات أخرى مثل الرعاية الصحية والتكنولوجيا والعقار، والتي على أغلب الظن يستثمر الصندوق السيادي و«التأمينات» والشركات المحلية فيها بحصص ملموسة.

وإلى ذلك، عُلم أن ديوان المحاسبة طلب من «هيئة الاستثمار» و«التأمينات» تحديد حجم انكشافهما على «كريدي سويس»، فيما أفادت المصادر أن الجهتين خاطبتا مديري محافظهما لتحديد الانكشاف والأثر المترتب عليه، دون أن تعطي قيمة لإجمالي ذلك على أساس أن عملية التقييم لا تزال قائمة.

مخاطر متصاعدة

بالطبع، فإن المخاوف الاستثمارية من اضطرابات الأسواق العالمية تتجاوز هنا حدود أزمة «كريدي سويس» و«دويتشه بنك» والبنوك الأميركية الثلاثة المنهارة مع تنامي التوقعات بتعرض الأسواق العالمية لاضرابات إضافية قريباً قد تمتد لقطاعات خارج النظام المصرفي.

وفي هذا الخصوص، أفادت المصادر بأن مسؤولي «هيئة الاستثمار» و«التأمينات» يعملون حالياً على تقييم محافظهما في الأسواق الغربية بشكل عام وسط المخاطر الاقتصادية العالمية المتصاعدة، وأن التحرك بهذا الاتجاه يشمل الانفتاح على إعادة النظر في استثماراتهما، موضحة أن هذا لا يعني التفكير في تسييلها بل إمكانية إعادة توزيع الأوزان بالقطاعات والأسواق نفسها.

وعلى صعيد تقديم الاستشارات للشركات والبنوك الكويتية، رجحت المصادر إعادة النظر فيها بعد الضرر الذي لحق بسمعة «كريدي سويس»، لافتة إلى أن ذلك سيشمل الصفقات المرتبطة بدراسات الاستحواذات والاندماجات التي تم التعاقد عليها مع البنك السويسري ولا تزال سارية، ومتوقعة أن تحد التطورات الأخيرة من حجم عقوده لإعداد الدراسات ومشاركاته ضمن المنسقين العالمين للإصدارات.

وعادة ما يكون «كريدي سويس» ضمن منسّقين مشتركين عالمياً، لإدارة الإصدارات والتنسيق بين أطراف الإصدار حول إعداد نشرة الاكتتاب، إضافة إلى دوره في دعوة المستثمرين المحتملين محلياً وخارجياً للاستثمار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي