دعا إلى تشكيل فريق أزمة محترف يتابع تطورات انهيارات المصارف الأميركية أولاً بأول
«الشال»: ما يحدث في الكويت سياسة مُبرمجة لاختصار وقت الاصطدام بالحائط
- البلاد لا تحتمل تكلفة عدم التحوط لتداعيات «سيليكون فالي»
- أي سيناريو محتمل سيضغط على النفط ويخفّض أسعار الأصول المالية
- مدّخرات النفط ستفقد جزءاً من قيمتها والخسارة قد تكون مُؤلمة حال تكرار سيناريو 2008
- نرجّح ألا يكون هناك احتواء سريع وكامل للأزمة ولا انفراط بحجم ما بعد 2008
- «المركزي» قام سريعاً بإعلان صحيح حول ضآلة تأثير الأزمة على القطاع المصرفي
أفاد مركز الشال للاستشارات الاقتصادية بأن سقوط بنك «سيليكون فالي» مشابه لما حدث ما بين بداية القرن الحالي وأزمة عام 2008، منوهاً إلى أن أموالاً رخيصة ناتجة عن سياسة نقدية توسعية بفائدة منخفضة أو صفرية ولفترة طويلة من الزمن، أدت إلى ارتفاع شهية المخاطر لدى المستثمرين، وأخلّت بشدة بالتوازن ما بين الالتزامات قصيرة الأجل والاستحقاقات طويلة الأجل.
وأوضح «الشال» في تقريره الأسبوعي أن سقوط «ليمان براذرز» كان بدايتها، وللأسباب نفسها سقط «سيليكون فالي»، مشيراً إلى أن صعوبة الأوضاع الحالية تكمن في أنها تقع والعالم يواجه متلازمة ارتفاع معدلات التضخم مع ضعف في نمو الاقتصاد ما يجعل البنوك المركزية، وهي في مقعد قيادة الأزمة، في حيرة كبيرة لمواءمة التناقض ما بين تأثير رفع أسعار الفائدة من أجل كبح التضخم، وآثاره السلبية على النمو، في حين أن الخطأ في تحقيق تلك المواءمة، أي التوقف المبكر أو الإسراف في الزيادة، قد يدفع إلى ركود طويل وعميق، وربما كساد.
سيناريوهات الأزمة
ولفت التقرير إلى أن هناك سيناريوهين محتملين أو شيء في ما بينهما، الأول والأفضل هو أن ينجح فريق إدارة الأزمة في حصرها في حدود ضيقة.
وتابع «السيناريو الثاني والأسوأ هو تكرار سيناريو أزمة العالم المالية في عام 2008، وذلك قد يحدث إذا لم ينجح السيناريو الأول في تهدئة المخاوف ما يؤدي إلى ارتفاع معدل سحوبات الودائع عن المستوى الآمن، وقد يتبعه استمرار في هبوط أسعار الأصول – الرهونات – ما يهدد بانتقال الأزمة إلى القطاع المالي، مع العلم بأن أوضاع القطاع أفضل بكثير حالياً»، مبيناً أنه إذا تحقق مثل هذا السيناريو، تصبح احتمالات انتقال الأزمة إلى الاقتصاد الحقيقي احتمالات كبيرة، ما يجعل الاتجاه إلى حقبة ركود اقتصادي عالمي أمراً واقعاً بانعكاساتها السلبية على سوق العمل – البطالة –.
وأكد التقرير أن عالم اليوم مختلف عن أوضاع 2008 من زاوية توافق مجموعة العشرين على مواجهة الأزمة، فدرجة الوفاق السياسي بين زعامات اقتصادات العالم الكبرى أدنى بكثير، واحتمالات تكرار تعاونهم الفعال باتت أضعف، مرجحاً تحقق سيناريو وسط ما بين السيناريو الأول والثاني، أي، لن يكون هناك احتواء سريع وكامل للأزمة، ولن يكون هناك انفراط بحجم ما حدث بعد 2008.
وأوضح «الشال» أنه إذا تحقق ذلك السيناريو، قد نشهد قريباً عودة عن سياسات التشدد النقدي رغم ارتفاع معدلات التضخم في شهر فبراير، فزيادة أسعار الفائدة الأميركية المتوقعة الأربعاء المقبل قد تكون بالحد الأدنى، أي 0.25 في المئة إن حدثت، يتبعها توقف ولاحقاً البدء بخفضها، لأن ضعف النمو الاقتصادي قد يحقق هدفي التشدد النقدي، وهما كبح التضخم وارتفاع معدلات البطالة، بينما رفع الفائدة قد يضيف بنوكاً أخرى إلى حالة التعثر.
الاقتصاد المحلي
وأضاف «ما يعنينا من تلك المقدمة الطويلة هو تداعيات الأزمة على اقتصادنا المحلي، فالاقتصاد الكويتي اقتصاد مالية عامة ولا شيء غيرها، وللمالية العامة في الكويت مصدر دخل واحد إما النفط أو مدخرات النفط، والاثنان سوف يتأثران سلباً»، مشيراً إلى أن حال الدول ليس مثل حال الأفراد أو الشركات، إذ إن إصابة الأفراد أو الشركات في حال اتخاذهم قرارات خاطئة ينحصر ضررها بالفرد أو مجموعة المساهمين، بينما خطأ الدولة يدفعه كل الناس ولأجيال عديدة قادمة، لذلك، يبقى القرار الحصيف على مستوى الدول هو التحوط من أسوأ سيناريو، ولا بأس من الأمل في الأفضل.
ولفت التقرير إلى أنه «في بلد فريد في وضعه يولّد القطاع العام 70 في المئة من اقتصاده، ويوظف 83.6 في المئة من عمالته المواطنة، وفيه مئات الألوف تنتظر الوظيفة، وفي وضع فيه إيرادات النفط تموّل 90 في المئة من نفقات موازنته العامة، فإن تكلفة خطأ عدم التحوط غير محتملة».
وأشار «الشال» إلى أن «المركزي» قام سريعاً بإعلان صحيح حول ضآلة تأثير أزمة «سيليكون فالي» على القطاع المصرفي الكويتي، متوقعاً منه مواقف سريعة مماثلة وفق تطورات الأزمة، خاصة إن طال التعثر بنوكاً كبيرة، موضحاً أنه على مستوى الاقتصاد الكلي، ستبدأ السنة المالية 2023 /2024 بعد أقل من أسبوعين بموازنة ارتفع مستوى نفقاتها عن مستوى نفقات السنة المالية الحالية بنحو 11.7 في المئة، وبلغت نفقاتها رقماً قياسياً بحدود 26.3 مليار دينار، مع انحراف تخصيص النفقات بطغيان النفقات الجارية بارتفاع نسبتها من 87.5 في المئة للموازنة الحالية إلى 90.5 في المئة للموازنة المقبلة، فيما تبلغ نفقات الموازنة المقبلة نحو 6.5 ضعف حجم نفقات موازنة السنة المالية 1999 /2000، وأي اسقاط على المستقبل وبأدنى معدل للنمو في مستوى النفقات، سيجزم بعدم استدامتها، أو يُنذر بحريق للمالية العامة تستحيل السيطرة عليه، أو ما أسماه كل مستشارو الحكومة الأجانب، بالاصطدام بالحائط.
وأضاف «أياً كان السيناريو المحتمل، فإنه سيؤثر على جانب الطلب على النفط ويضغط على أسعاره وربما إنتاجه إلى الأدنى. وأياً كان السيناريو المحتمل، سيتسبّب بانخفاض أسعار الأصول المالية، وحتى نهاية يوم الأربعاء الفائت، فقد المؤشر العام لبورصة الكويت 2.8 في المئة وفقد «داو جونز»1.2 في المئة خلال أسبوع إلى جانب خسائر الاستثمار في السندات، وستستمر البورصات في حالة من التذبذب الحاد، وعليه ستفقد مدخرات النفط جزءاً من قيمتها، وقد تكون الخسارة صغيرة وموقتة في حال تحقق السيناريو الأول، وقد تكون مؤلمة في حال تكرار سيناريو عام 2008».
وبيّن «التقرير» أنه بينما متغيرات سوق النفط ومتغيرات بورصات العالم تتحكم في مصير الكويت، فإنه لا تأثير للإدارة العامة في الكويت على تلك المتغيرات، مشيراً إلى أن واجب الإدارة العامة في الكويت أن تتحوط لسيناريو مشابه لما حدث في 2008.
وأكد التقرير أن ما يحدث في الكويت حتى هذه اللحظة هو سياسة مبرمجة لزيادة السرعة واختصار وقت الاصطدام بالحائط، مضيفاً أنه «لعل حدوث الأزمة متزامناً مع تشكيل جديد للحكومة، يعيد بعض الوعي بحجم المخاطر القائمة والمحتملة، ورغم اعتقادنا بأن الأمل ضعيف في استعادة الوعي، لكن، لا بأس من التمسك بالأمل، وليت الأمر يبدأ بتشكيل فريق أزمة محترف يتابع تطوراتها أولاً بأول».
52.7 في المئةمن الأسر الكويتية تقطن فيلا بأكملها
لفت «الشال» إلى أن المسح الميداني الذي أجرته الإدارة المركزية للإحصاء لتقدير مكونات ميزانية الأسرة، حقق هدفه في وضع أساس جديد لميزانية الأسرة، لافتاً إلى أن نتائجه أظهرت أن متوسط الإنفاق للأسر الكويتية على السلع والخدمات وموزعة حسب فئات الإنفاق الشهري للأسرة بعد احتساب القيمة الإيجارية المقدرة للمساكن بلغ نحو 4138.8 دينار، وللأسر غير الكويتية 1071.3 دينار، فيما بلغ نصيب الفرد الكويتي وغير الكويتي من متوسط الإنفاق الشهري نحو 603.1 و266.8 دينار على التوالي.
وأفاد بأنه عند تحليل البيانات الموزعة حسب نوع المسكن للأسر الكويتية، نجد أن 52.7 في المئة تقطن في فيلا بأكملها، و31 في المئة للشقة أو دور في فيلا، و8.9 في المئة للشقة في عمارة سكنية و7.4 في المئة للبيت العربي، في حين أن غالبية الأسر غير الكويتية تقطن في شقة بعمارة سكنية وبنحو 66.4 في المئة، و22 في المئة للملحق، و5.5 في المئة للبيت العربي و5 في المئة للشقة في دور أو فيلا.