«زلزال القرن» يلقي «ضبابية» على الدعم المخلص لأردوغان

 أردوغان يلتقي مع عدد من متضرري الزلزال في كهرمان مرعش أمس (رويترز)
أردوغان يلتقي مع عدد من متضرري الزلزال في كهرمان مرعش أمس (رويترز)
تصغير
تكبير

- نحو 30 مقابلة مع ناجين تظهر تحولاً في وجهات النظر
- الزلزال دمر معقلاً للمحافظين المؤيدين للرئيس التركي
- غضب من بطء الاستجابة وسخط من تصريحات مسؤولين
- قليلون سيدعمون المعارضة في انتخابات مايو
- الحكومة تبدو واثقة من أن إعادة البناء يمكن أن تعزز الدعم

كهرمان مرعش (تركيا) - رويترز - كان من الممكن أن يعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على دعم الناخبين القوي في تشيغدم تيب وقرى وبلدات أخرى في جنوب شرقي البلاد في الماضي، لكن بطء عمليات الإنقاذ إثر «زلزال القرن» المدمر فجر السادس من فبراير، ألقى بالضبابية على الدعم الذي كان مخلصاً له ذات يوم.

هناك دلائل على أن حزب أردوغان، العدالة والتنمية، يدرك بشكل متزايد أنه لا يمكن أن يضمن الأصوات التي كانت مؤيدة له سابقاً، إذ يتحدث مسؤولون عن تسريع خطط إعادة البناء قبل الانتخابات المقررة في مايو المقبل، والتي قد تكون الأصعب خلال أكثر من عقدين لأردوغان في السلطة.

وقال سائق شاحنة في تشيغدم تيب الواقعة في إقليم كهرمان مرعش، الذي دمر الزلزال مراكز حضرية فيه بأكملها «هذه القرية بأكملها صوتت لصالح حزب العدالة والتنمية حتى ولو لم يعرف أي أحد السبب».

وأضاف «الزلزال غير رأينا بالتأكيد لأن أول فرق الاستجابة والخيام تأخرت كثيراً في الوصول».

ومن الصعب تحديد حجم التحدي الذي يواجهه أردوغان نظراً لنقص استطلاعات الرأي في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، ترددت المعارضة قبل الاتفاق أخيراً على مرشح لمواجهة أردوغان، ما أثار قلق الناخبين، بينما يقول خبراء إن المتضررين من الزلزال يمكن أن يغيروا رأيهم بسرعة.

لكن مقابلات أجرتها «رويترز» مع قرابة 30 من السكان في الأسبوع المنصرم في كهرمان مرعش وأديامان وغازي عنتاب، وهي أقاليم تنتشر فيها الخيام البيضاء وسط المباني المتضررة أو المنهارة، تشير إلى تحول في الولاء حتى بين من كانوا ذات يوم متعصبين في تأييدهم لأردوغان.

قال طالب في ريف كهرمان مرعش، والذي كغيره من السكان أحجم عن الكشف عن اسمه، «تغير رأيي تماما... كنا نؤيد حزب العدالة والتنمية بشدة هنا ولكن هذا الزلزال غير كل شيء بالنسبة لنا. هؤلاء لا يعرفون ماذا يفعلون».

ودمرت الكارثة، الأكثر فتكاً في تاريخ تركيا الحديث، مدناً وبلدات وأودت بحياة عشرات الآلاف قبل شهر معظمهم في معقل لمحافظين كان يدعمون بقوة أردوغان وحزب العدالة والتنمية على مدى عقدين.

وعلى الرغم من أنهم يشكلون عينة صغيرة جداً من 14 مليونا تضرروا من الزلزال في جنوب شرقي تركيا، فإن آراء من أجريت المقابلات معهم تلقي الضوء على مدى تأثير هؤلاء الناخبين، الذين يمثل أبناء الريف والطبقة العاملة أغلبيتهم، على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

واستاء كثيرون من سياسات حزب العدالة والتنمية المتساهلة على مدى سنوات في ما يتعلق بالبناء والتي سمحت بتشييد مبانٍ سكنية تصل إلى ثمانية طوابق ودمرت الهزات الأرضية الآلاف منها.

وانزعج البعض بسبب ما اعتبروها بيانات متبلدة الشعور لقادة سياسيين من بينهم أردوغان، الذي طلب الصفح الأسبوع الماضي عن الاستجابة للزلزال التي كان يمكن أن تكون أسرع، بينما سخر آخرون من خطة الحكومة لإعادة بناء المنطقة في عام واحد فقط.

لكن الناخبين وجدوا صعوبة أيضاً في تخيل التصويت لأحزاب المعارضة ومرشحها كمال قليجدار أوغلو.

وحكم حزب العدالة والتنمية تركيا من دون تحد انتخابي فعلي يذكر منذ عام 2002.

وقالت مصادر مطلعة في الحزب لـ «رويترز» إنهم على دراية بالغضب السائد بين قاعدة الناخبين في جنوب شرقي البلاد، لكنهم واثقون من النصر وسط تسريع جهود إعادة البناء وارتباك المعارضة.

وأعلن أحد المسؤولين في الحزب انه سيتم تحويل تركيز السكان إلى جهود إعادة البناء والتأكيد على أنه لا أحد سوى أردوغان يمكنه فعل ذلك بسرعة.

وقال مسؤول آخر إن الحزب سيستعرض إعادة الإعمار في منطقة بها 227 ألفاً من المباني، إما انهارت وإما ستهدم.

وتجنب منظمو الاستطلاعات في الغالب السكان في منطقة الكارثة، بينما خلصت استطلاعات وطنية إلى أن حزب العدالة والتنمية يحتفظ بشعبيته.

وتشير استطلاعات إلى منافسة انتخابية محتدمة رغم أزمة تكلفة المعيشة التي عصفت بالأتراك قبل فترة من وقوع الزلزال الذي زاد من الانتقادات للحكومة.

معارضة غير مقنعة

ويوم الاثنين، أعلنت كتلة المعارضة الوسطية، اختيار قليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري منذ عام 2010 مرشحا لهاً.

وصوتت المنطقة بنسبة 65 في المئة أو أكثر لصالح حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية في الانتخابات السابقة عام 2018.

وقال كثير من السكان لـ «رويترز»، إن المعارضة تأخرت في اختيار مرشح وإنهم لن يدعموا سوى مرشح له جذور قومية، مثل رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش الذي من المقرر أن يكون أحد نواب قليجدار أوغلو حال فوزه بالرئاسة.

وسخر أحد تجار مواد البناء في أديامان، وهي مدينة يقطنها 650 ألف نسمة تحولت المنطقة المركزية فيها إلى أرض قاحلة من أنقاض المباني، من فكرة أن يصبح قليجدار أوغلو رئيساً.

وصرح محاسب شاب في المدينة بأنه يعتزم الإدلاء بصوته للمرة الأولى على الإطلاق للمعارضة ولكن فقط إذا كان المرشح «شخصاً لا يحظى بالأضواء لكنه فعال مثل ياواش».

«ليس من الحكمة إجراء الانتخابات»

وطرح مسؤولون فكرة تأجيل الانتخابات، ولكن سرعان ما تم التراجع عنها والمضي قدماً في إجرائها في الموعد المحدد في 14 مايو، وهو قرار يصعب على البعض فهمه.

وقال موظف في قطاع التأمين يدعى محمود «ليس من الحكمة إجراء انتخابات في مايو. الناس متضررة، مازلنا نتألم».

وروى أنه ظل يسمع أصوات أبناء عمه ليومين من تحت الأنقاض بعد الزلزال قبل أن تنقطع.

وأشار إلى أن طلب أردوغان الصفح لاقى ردود فعل سلبية، مضيفاً أنه عادة ما يصوت لحزب الحركة القومية.

وتابع «هناك الكثير ممن يريدون التصويت للمعارضة... ويمكنني أنا أيضاً ذلك، لكنني لن أصوت لصالح قليجدار أوغلو لأنه لم يفز في أي انتخابات».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي