التكهنات بعدم استمرار دورة صعود الفائدة عاماً إضافياً تزيد وهج المُدد القصيرة

البنوك تُغيّر «تكتيكها»... منافسة حامية على ودائع الـ 3 أشهر بدل السنة وبأعلى فائدة

No Image
تصغير
تكبير

- تفويض محافظ «البنك المركزي» بهامش جديد للفائدة يستخدمه في الوقت المناسب
- مصارف تمنح تسعيراً يتجاوز 6 في المئة على فترات الـ 90 يوماً
- العين مفتوحة مصرفياً على أموال الحكومة والقطاع الخاص
- تسعير الآجال السنوية لايزال مرتفعاً لكنه موجّه لعملاء النخبة
- مديرو الخزينة مُطالبون بإحداث توازن بين التكلفة وترتيب سلّمهم
- مَخاوف مصرفية من أن تُورّط ودائع السنة البنوك بمصاريف إضافية

بدأت البنوك المحلية منافسة حادة على جذب أكبر منسوب سيولة ممكن من خلال الودائع بالدينار، ما ترتب على ذلك زيادة حادة في سعر الفائدة، والتي وصلت إلى مستويات تاريخية تجاوزت أخيراً سقف الـ6 في المئة.

ما سبق لا يُعد مستجداً ظهر فجأة في سلوك المصارف خلال الفترة الماضية، فمعلوم أنه منذ فترة دخل صانعو السياسة الائتمانية في البنوك المحلية سباقاً على العملاء لاستقطاب الودائع سواء الحكومية أو من القطاع الخاص، الأمر الذي دفع بعض البنوك إلى عرض تسعير إضافي للفائدة عن المتداول في السوق، وبهامش ملموس بغرض إغراء مزيد من العملاء.

عوائد مرتفعة

أما المستجد الرئيس في الفترة الماضية فإنه بخلاف التركيز المصرفي على الودائع طويلة الأجل باعتبارها الأكثر استحقاقاً للتسعير الخاص، وتحديداً التي يبلغ عمرها عاماً عاكست المصارف هذا التوجه باستهداف الودائع قصيرة الأجل والتي تبلغ آجالها 3 أشهر.

وبذلك تكون البنوك، وفي سابقة تاريخية، تمنح عوائد مرتفعة على ودائع قصيرة الأجل فماذا تغيّر مصرفياً؟

ربما لا يُعد سراً التغيرات التي طرأت على اتجاهات الفائدة منذ مارس الماضي عالمياً ومحلياً، والتي زاد خلالها سعر الخصم في الكويت من 1.5 إلى 4 في المئة مسجلاً تسعيراً تاريخياً غير معتاد منذ 2008.

تشدد نقدي

وبعد مرور عام على تطبيق سياسة التشدد النقدي عالمياً في تبني سعر فائدة أعلى لكبح جماح التضخم بدأ الحديث ينفتح في كل مكان عن التوقيت المتوقع لانتهاء دورة رفع الفائدة، خصوصاً بعد بروز بعض المؤشرات الذي أظهرت فيه ديناميكيات التضخم بعض التحسّن على نطاق واسع، فيما لم تتخل أجزاء من الاقتصاد الأميركي عن التباطؤ.

احتمالية الركود

فرغم الإشارات التي أطلقها مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي أخيراً بخصوص إمكانية رفع الفائدة في اجتماعه المرتقب الشهر الجاري 50 نقطة بدلاً من ربع في المئة مدفوعاً بعدم استجابة مؤشرات التوظيف والتضخم لرفع الفائدة بالقدر المأمول، إلا أن التكهنات عالمياً تشير إلى صعوبة استمرار دورة صعود الفائدة لعام إضافي، لاسيما وسط وجود إشارات تحذيرية في الناحية الثانية من التحليلات تُظهر احتمالية التعرّض لركود عالمي في حال الاستمرار في سياسة التشدد النقدي برفع الفائدة.

وبناءً على هذه المعادلة الصعبة، يكون مناسباً مصرفياً إعادة النظر في الآجال التي يتعيّن على البنوك الارتباط بها في تكوين ودائعها للفترات المقبلة.

فإذا كان مناسباً قبل عام التحرك مصرفياً مبكراً على بناء ودائع بمراكز طويلة الأجل لتخفيف تكلفة الأموال وذلك انسجاماً مع توقعات استمرار رفع الفائدة لفترات طويلة، فإن الترجيحات الحالية والتي تُشير إلى أن دورة رفع الأسعار قد اقتربت من نهايتها تحفّز البنوك على عدم التوسع في فتح مراكز ودائع جديدة طويلة الأجل، وللسبب نفسه، وهو تقليل تكلفة الأموال.

نقطة مفضلة

ونتيجة طبيعية لما تقدّم يكون استقطاب الودائع قصيرة الأجل ولو بأسعار مرتفعة السيناريو الأفضل استثمارياً بالنسبة للبنوك من استقطاب ودائع طويلة الأجل بتسعير مرتفع، على أساس أن الودائع قصيرة الأجل تتماشى أكثر مع توقعات قرب انتهاء دورة صعود الفائدة، وذلك بخلاف أجل العام الذي قد يقود لتورط البنك في تحمل تكلفة إضافية، خصوصاً إذا اتجهت الفائدة للانخفاض قبل نهاية أجل العام ولو بأشهر قليلة.

إذاً، وحسب مصادر مصرفية مسؤولة، تكون النقطة المفضلة لدى مديري السيولة في البنوك المحلية هي ذات الآجال القصيرة، بسبب تخفيف أوزان كلفة الأموال، فإذا كانت السيولة طويلة الأجل تُسهم في تسهيل ترتيب سلم الاستحقاقات فإنه مطلوب أن يقوم مدير الخزينة بإحداث توازناً مقبولاً بين التكلفة وتنظيم السيولة.

سياسة متدرجة

وبالطبع، هذا لا يعني استبعاد الآجال السنوية من التسعير المرتفع، لكن ذلك يظل موجهاً نحو ودائع النخبة والجهات الحكومية، في حين أن واقع الحال يُشير إلى أن العين المصرفية باتت مفتوحة أكثر على هيكل ودائع الأشهر الثلاثة وبأسعار أكثر تنافسية، خصوصاً إذا كانت أموالاً مستقرة.

كما أن التوقعات المصرفية بخصوص اتجاهات الفائدة قريباً تغذي هذا التحرك، باعتبار أنها تشير إلى احتمال إقرار بنك الكويت المركزي رفعاً جديداً بأسعار الفائدة الفترة القريبة المقبلة، سواء قبل أن يقر «الفيديرالي» ذلك في اجتماعه القريب أو بعده بفترة قليلة.

وما يزيد وهج هذه التوقعات ما أفادت به مصادر ذات صلة لـ«الراي» بأن محافظ «المركزي» باسل الهارون حصل في اجتماع مجلس إدارة البنك الأخير على تفويض بهامش محدّد يمكّنه من التحرك لرفع الفائدة مرة واحدة أو على مراحل، وفقاً لمخرجات الإحصائيات وقاعدة البيانات التي يعتمد عليها في اتخاذ قراراته النقدية.

وينسجم ذلك مع تحركات الناظم الرقابي المحلي الذي يتبنى سياسة متدرجة لرفع الفائدة وبمعدلات تحافظ على هامش مقبول بين فائدة الدولار وفائدة الدينار، وذلك على نحو لا يقلل من جاذبية العملة الوطنية، علماً أن الفائدة على الدولار حالياً بين 4.5 و4.75 في المئة.

47.2 مليار دينار ودائع في البنوك

ارتفع إجمالي الودائع في القطاع المصرفي بنحو 296 مليون دينار (+0.63 في المئة) خلال الشهر الأول من 2023، إذ بلغت 47.206 ملياردينار نهاية يناير الماضي مقارنة بـ46.91 مليار نهاية ديسمبر.

ووفقاً للإحصائية الشهرية لبنك الكويت المركزي، شهد إجمالي الودائع ارتفاعاً بنحو 1.916 مليار دينار (+4.23 في المئة) على أساس سنوي مقارنة بمستواها البالغ 45.29 مليار نهاية يناير 2022.

وبلغ إجمالي ودائع القطاع الخاص نحو 37.376 مليار دينار نهاية يناير 2023، مرتفعة بنحو 617 مليوناً (+1.68 في المئة) مقارنة بديسمبر 2022، بينما شهدت نمواً بـ2.491 مليار (+7.14 في المئة) مقارنة بيناير من العام الماضي.

وزادت ودائع القطاع الخاص بالدينار بنحو 554 مليوناً (+1.58 في المئة) على أساس شهري وبـ2.35 مليار (+7.08 في المئة) على أساس سنوي لتبلغ 35.539 مليار في نهاية يناير الماضي، فيما سجلت ودائع القطاع الخاص بالعملات الأجنبية ارتفاعاً بـ62 مليوناً (+3.49 في المئة) في أول شهور 2023 مقارنة بالشهر الذي سبقه، ووصل ارتفاعها إلى 141 مليوناً (+8.32 في المئة) مقارنة بيناير 2022، لتبلغ 1.836 مليار.

أما بالنسبة للتسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك المحلية للمقيمين وغير المقيمين فسجلت ارتفاعاً طفيفاً بنحو 16 مليوناً (+0.03 في المئة) على أساس شهري لتبلغ 52.463 مليار نهاية يناير الماضي، فيما سجلت قفزة بنحو 4.137 مليار (+8.56 في المئة) على أساس سنوي مقارنة بمستواها في يناير من العام الماضي عندما سجلت 48.326 مليار دينار.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي