الحرب الأميركية بالوكالة لا تسير وفق ما يشتهيه الغرب !

امرأة تقف فوق أنقاض مدرسة مُدمرة في شرق أوكرانيا (أ ف ب)
امرأة تقف فوق أنقاض مدرسة مُدمرة في شرق أوكرانيا (أ ف ب)
تصغير
تكبير

لم يعد مُمْكِناً منْعُ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من السيطرة على الأهداف التي أعلنها وضمّ المقاطعات الأوكرانية الأربع، والحرب ستستمرّ لسنوات، كما قال نظيره الأميركي جو بايدن.

لقد عَزَّزَ الجيشُ الروسي جبهاتٍ عدة ويتقدم ببطء وثبات في مدينة باخموت الإستراتيجية من دون توسيع المعركة في الوقت الراهن لتجنُّب استنزافه، في وقتٍ استنزفت الحربُ المخزونَ الإستراتيجي من الأسلحة والذخيرة لدولِ حلف «الناتو» وضربتْ اقتصادَ أوروبا بشدة وقسوة.

من المنطقي ألا تسمح روسيا لدول الغرب بمعاودة تسليح الجيش الأوكراني وتنظيمه وتدريبه حين تتوقّف المعركةُ الهادفةُ، كما أعلن الرئيسان بايدن وفولوديمير زيلينسكي، إلى حماية «الناتو» والهيمنة الأميركية على العالم.

لذلك فإن من الممكن أن تستمر روسيا في الحرب وضرب البنى التحتية الأوكرانية بهدف إفقار الغرب (أوروبا) خصوصاً ان انعدام الثقة وإغلاق الطريق أمام عودة العلاقات الاقتصادية، يسيطران على القارة الأوروبية وقادتها، بما فيهم روسيا.

وما زال أمام القوات الروسية مرحلة مهمة لإكمال السيطرة على بضع مناطق في مقاطعة لوغانسك، وأكثر من 40 في المئة من دونيتسك وما تبقى من زابوريجيا وخيرسون.

ولذلك، فإن الرئيس الأوكراني بدأ بإطلاق الرسائل المباشرة لأميركا والناتو طالباً المزيد من الدعم لأنه يقاتل بالنيابة عنهم، تحسباً لما سيأتي لاحقاً من معاودة بناء البنى التحتية التي تواظب روسيا على تدميرها لرفْع تكلفة الحرب الواقعة على عاتق الغرب.

تعلّمت روسيا الكثير من هذه الحرب الحديثة التي تخوضها للمرة الأولى منذ إنشائها وتجابه فيها أسلوباً غير تقليدي.

وقد بدأت مصانعُها تُنْتِجُ الأسلحةَ التي يحتاجها جيشها بحسب مقتضيات المعركة في مواجهة الجيوش الغربية التي تقود المعركة بأسلحتها وخططها من خلال قاعدة رامشتاين الألمانية.

وهذا ما سيدفع بجيوش عدة لأخذ العِبَر وإنتاج الأسلحة المناسبة للحروب المقبلة الحديثة، وهو الأمر الذي حَمَلَ الصين على زيادة ميزانيتها الدفاعية «لمواجهة التحديات الأمنية ذات الصلة والمعقّدة» وتحديث ترسانتها، كما يصرّح مسؤولوها.

وأكثر ما يخشاه الغرب هو دخول بكين من الباب الخلفي إلى نادي الدول الداعمة لروسيا بأسلحتها وذخائرها.

فالتهديدُ الأميركي الناعم للصين قرّبها أكثر من روسيا وأَبْعَدَها عن الغرب من دون أن تتّخذ موقفاً عدائياً من أميركا وأوروبا.

ورغم استمرار الولايات المتحدة بإضافة مئات العقوبات، إلا ان قوة الصين الصناعية والاقتصادية الضخمة وجذْبها لمصادر الطاقة المتدفقة من إيران وروسيا، يزيدها قوةً ويعطيها الأفضليةَ على الدول الصناعية الغربية لعدم امتلاكها الموارد الطبيعية التي تحتاجها (أوروبا) كي تستمرّ في المنافسة في إنتاجها الصناعي.

وفي أول بيانٍ رسمي يتحدّى الولايات المتحدة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين، إن «أميركا هي أكبر مُحِبّ للحرب. فمنذ تأسيسها قبل 240 عاماً، لم تقاتل لمدة 16 عاماً فقط.

إنها أكبر منتهك لسيادة الدول وتتدخل في الشؤون الداخلية. ومنذ الحرب العالمية الثانية، حاولت أميركا تخريب أكثر من 50 حكومة أجنبية وتدخلت في انتخابات أكثر من 30 دولة واغتالت أكثر من 50 زعيماً. وإذا استمرت الهيمنةُ الأميركية وحبّ الحرب، فلن ينال العالمُ السلامَ الذي يستحقه».

إنها سطور قليلة، ولكنها معبّرة عن موقف صيني متشدّد، خصوصاً بعدما أعلنت واشنطن أنها سترسل مساعدات عسكرية إضافية إلى تايوان لمساعدتها في مواجهة الصين، على الرغم من اعتراف أميركا والأمم المتحدة، ان تايون هي جزء من الصين.

وفي الأشهر الأخيرة، أعطتْ الولايات المتحدة الضوءَ الأخضرَ لتَوَسُّع «الناتو» في بحر الصين، وتحدّت بكين بعدما دفعتْ اليابان إلى زيادة ميزانيتها العسكرية وقررتْ إنشاء 4 قواعد في الفيلبين.

وهذا دليلٌ آخَر على أن الصين تريد الانضمامَ إلى نادي تحدّي الهيمنة الأميركية على العالم لأن الدول، مثل الصين وروسيا، لا تأخذ في الحسبان مصالحها الإقتصادية عندما يتعلّق الأمر بأمنها القومي.

ومن دون شك أن بكين تفضّل أن تشاهد وتتعلّم وتدعم روسيا في حربها على «الناتو» بدَل أن تنتقل الحربُ إلى أراضيها إذا تسنى للولايات المتحدة الانتصارَ في حربها بالوكالة في أوكرانيا.

ويبقى السؤال: إلى متى تستطيع أوروبا دمْج أهدافها مع الأهداف الأميركية في حربها من أجل الهيمنة إذا فشلتْ في هزيمة روسيا في أوكرانيا؟

ليس لوقت طويل بالتأكيد، خصوصاً بعدما أصبحت بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، مُثْقَلة بالديون التي بلغتْ بضعة تريليونات من الدولارات لكل دولة، وتجابه حكومات هذه الدول انهيارَ الاقتصاد والتظاهرات في الشوارع.

نعم... إن واشنطن تشعر بحرارة النيران التي تقترب من هيْمنتها على العالم وتخشى جدياً الخطر المحدق بأحاديتها.

وهذه هي النتيجة المباشرة لعامٍ من الحرب في أوكرانيا يبدو ان الغرب لم يكن مستعداً تماماً لها ولم تَجْرِ الأمور، كما اشتهاها القادة الغربيون.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي