No Script

بنوك سجّلت سحوبات غير اعتيادية خلال الفترة الماضية وتُرجّح زيادة التدفقات

هجرة أموال من الحسابات الجارية للودائع... طمعاً بالفائدة المرتفعة

No Image
تصغير
تكبير

- بنوك تُشجع على نقل أموال عملائها الجارية لترتيب سلّم استحقاقاتها
- تأثّر مصرفي محدود من السلوك المستجد للعملاء
- زيادة غير معتادة منذ 2008 بسحوبات الأموال تحت الطلب
- 12 مليار دينار بالحسابات الجارية
- 3 ملايين حساب جارٍ
- 2.5 ألف دينار عوائد 50 ألفاً بفائدة 5 في المئة
- 90 في المئة الإقراض مقابل الودائع

مع تسجيل أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية قفزة تاريخية بلغت معها نحو 6 في المئة، يبدو أن زيادة تكلفة استقطاب الودائع لن تكون التحدي الوحيد الذي سيواجه البنوك الفترة المقبلة.

فمن باب الكلفة أيضاً لوحظ أن الفائدة الباهظة شرعت على المصارف نافذة دفع جديدة لم تكن مبوّبة في حساباتها، أقله منذ 2008، وهو تاريخ بدء تغيير اتجاهات الفائدة عالمياً بخفضها إلى معدلات قريبة من الصفر في بعض الدول.

ومصرفياً قاد ارتفاع الفائدة لمستويات تاريخية إلى تحفيز شريحة من العملاء على تخفيف منسوب سيولتهم المتوافرة في الحسابات الجارية وإعادة امتصاصها في ودائع، وذلك في مسعى منهم للاستفادة من الفائدة المغرية، ومن هنا تبدأ القصة:

وفقاً لمعلومات مصرفية يوجد في الكويت نحو 3 ملايين حساب جارٍ، والتي تُشكل أحد العمليات المصرفية المعاصرة، وتندرج في عُرف المصارف تحت مسمى وديعة المبالغ التي يودعها أصحابها في البنوك بقصد أن تكون حاضرة للتداول، والسحب منها لحظة الحاجة وبمجرد الطلب، دون أن يتوقف ذلك على أي إخطار سابق من أي نوع.

وبالطبع، من أصحاب هذه الحسابات مَنْ لديه حساب واحد ومَنْ لديه أكثر من حساب سواء في البنك نفسه أو في بنوك عدة، أخذاً بالاعتبار أن هذه الحسابات تتضمن حسابات الجوائز والأطفال وغيرها من الحسابات الهادئة لجهة السحب منها.

مبالغ مودعة

وإلى ذلك، كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي» أن قيمة المبالغ المودعة في الحسابات الجارية تقارب 12 مليار دينار، وهي أحد مكونات محفظة الودائع المفصح عنها ضمن بيانات بنك الكويت المركزي والتي تقدر بنحو 47 ملياراً، موضحة أن هذه المبالغ كانت مودعة في البنوك بالمجان دون أن يقابلها أي فائدة مدفوعة من البنوك للعميل.

ولفتت المصادر إلى أنه مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية لحظت البنوك أن شيئاً ما تغيّر في سلوك العملاء، وتحديداً أصحاب الحسابات الجارية المليئة، حيث من الواضح أن الفائدة العالية شجعتهم على إقرار هجرة لأموالهم باستثمارها في أوعية ادخارية، استفادة من تحرك الفائدة الصعودي على أموالهم، لاسيما أن التوقعات تشير إلى استمرار تضاؤل الفرص المتاحة أمامهم لتوظيف أموالهم خارج الأوعية المصرفية.

كلفة الأموال

وكشفت المصادر أن بنوكاً سجلت خلال الفترة الماضية نشاطاً ملموساً من عملائها في نقل غالبية أموالهم المركونة في حساباتهم الجارية لأخرى تُصنّف على أنها حسابات ودائع بعائد عال، موضحة أن هذه التحركات لن تؤثر على البنوك، لكنها تزيد كلفة الأموال عليها، كما أنها ترجّح فتح شهية العملاء لمزيد من التوسع بهذه الدائرة، لاسيما أن سعر الخصم ارتفع منذ مارس الماضي حتى الآن 2.5 في المئة، فيما سيغذّي هذا التحرك أكثر مَيل اتجاهات الفائدة إلى الصعود أكثر، وهو المرجح عالمياً ومحلياً.

وبحسبة افتراضية، إذا كان لدى العميل حساب جارٍ بمعدل فائض أموال 50 ألف دينار، فيكون تحويلها من حساب جارٍ لوديعة ومن ثم اكتساب مصدر إضافي للدخل بواقع 2.5 ألف دينار سنوياً، وذلك بافتراض الحصول على فائدة بنسبة 5 في المئة، أي ما يوازي أكثر من 200 دينار شهرياً، ولعل ما يزيد وهج هذه العوائد أنها متأتية من مصادر غير مدرجة في أبواب العميل التقليدية للدخل.

تجربة تاريخية

وبالطبع، هناك حسابات تتضمن 100 ألف دينار وأخرى 200 ألف وربما أكثر، فيما تعد الأموال المحجوزة في حسابات الجوائز والأطفال الشريحة الأكبر والدارجة مصرفياً، وفي الغالب لن تتحرك هذه الأموال إلى الودائع طمعاً في الفائدة العالية، ما يعني أن النشاط الأكثر سيتأتى من أوعية الحسابات الجارية التي تزيد على 5 آلاف دينار.

وأشارت المصادر إلى أن التجربة التاريخية أظهرت عدم حاجة العديد لاستغلال الأموال الجارية كثيراً، ما يعني انخفاض احتمالات السحب منها بمعدلات لافتة، وهذا يشجع أكثر على تنامي ظاهرة تحويل هذه الأموال إلى ودائع.

لكن المفارقة أن بنوكاً تُغذّي هذا التحوّل المستجد على سلوك العملاء وتُشجّع نموه، وذلك أملاً في زيادة قدرتها على الإقراض، وفي هذا الخصوص عُلم أن بعض المصارف، وتحديداً التي تواجه تحديات في ترتيب سلم استحقاقاتها، تُحفّز عملاءها أو النخبة منهم تحديداً على نقل أموالهم أو غالبيتها من الحسابات الجارية إلى أوعية الودائع.

وهنا يكون السؤال مشروعاً: لماذا تفعل هذه البنوك ذلك وهي تعلم جيداً أنها ستنكشف مع ذلك على زيادة تكلفة الأموال؟

الإجابة باختصار أن هذه البنوك تستهدف دعم تحركاتها في تنظيم متطلبات السيولة لديها، فإذا كان بإمكانها الاستفادة من الحسابات الجارية بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 في المئة بهذا الخصوص، فبإمكانها أن تُقرض مقابل الودائع حتى 90 في المئة منها، وبالتالي تخفيف الضغوط على سلم استحقاقاتها، ما يُسهم في تهدئة حاجتها لطلب السيولة التي يضطر بعضها إلى استقطابها بمعدلات فائدة تنافسية، وهنا تتحقق الفائدة العكسية المرجوة وهي تقليل تكلفة الأموال واستيفاء المتطلبات الرقابية وليس زيادتها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي