No Script

يعكس جهود كل مؤسسات الدولة وليس جهة واحدة

قراءة في مؤشر مدركات الفساد: أداء الكويت لم يتغيّر في 4 من 6 مصادر

تصغير
تكبير

- تراجع الكويت درجة واحدة لا يُعتبر تغييراً ذا دلالة على أرض الواقع

أظهرت قراءة تحليلية لدرجات دولة الكويت وترتيبها عالمياً في مؤشر مدركات الفساد من العام 2012 حتى العام 2022، أن أداء الكويت لم يشهد أي تغيير يُذكر على مدى السنوات الخمس الماضية، إذ تراوحت الدرجات بين 40 و43، ما يُشير إلى عدم تغير الانطباع السلبي حول ملف الفساد في دولة الكويت.

ويعكس هذا المؤشر جهود كل مؤسسات الدولة وليس جهة واحدة في مجال مكافحة الفساد، الأمر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود في هذا الصدد.

ولاحظت القراءة التحليلية، التي أجرتها جهات مختصة، تراجع أداء جميع دول الخليج في مؤشر مدركات الفساد (الذي اعتبرته مؤشراً انطباعياً وغير تشخيصي) للعام 2022 فيما عدا مملكة البحرين، التي تحسن أداؤها بمقدار درجتين وتسع مراتب، مشيرة إلى أن تراجع الكويت بمقدار درجة واحدة فقط لا يُعتبر من الناحية الإحصائية تغييراً ذا دلالة على أرض الواقع.

وبنظرة شمولية لنتائج الدول في مؤشر مدركات الفساد 2022 اتساقاً مع ما ورد في تقرير منظمة الشفافية الدولية، يتضح أن هناك العديد من الدول قد تراجعت درجاتها في 2022، ما يعكس محدودية الجهود المبذولة في مكافحة الفساد، بحسب رأي المنظمة.

ووفق القراءة، لم يتغيّر أداء دولة الكويت في أربعة من المصادر الستة، التي يعتمد عليها المؤشر، وهي:

1 - مصدر دليل المخاطر الدولية (GI) الذي يقيس المخاطر التي يواجها الأفراد والمؤسسات الراغبة في ممارسة العمل التجاري من رشاوي وممارسات فساد مختلفة.

2 - مصدر تصنيفات مخاطر الدول (PRS) الذي يقيس مدى الفساد الفعلي والمحتمل في النظام السياسي.

3 - مصدر خدمة مخاطر الدول (EIU) الذي يقيس الفساد المالي، ومدى إمكانية محاكمة الوزراء والمسؤولين، وعدالة التعيين في القطاع العام، وتفشي ثقافة الرشوة.

4 - مصدر دليل برتلسمان للتحول (BF) الذي يقيس محاكمة أو معاقبة أصحاب المناصب العامة من الفاسدين والمتجاوزين على القانون بصرامة وفقاً للقوانين، ومدى تعرض أصحاب الوظائف العمومية الذين أساؤوا استخدام مناصبهم للملاحقة القانونية أو للعقاب.

في المقابل، كان التغيير في مصدرين فقط، وهما:

1 - مصدر استطلاع رأي التنفيذيين الصادر عن منتدى الاقتصاد الدولي (WEF) الذي يقيس مدى شيوع تحويل المال العام بشكل غير قانوني، ودفع الشركات مبالغ غير موثقة أو رشاوى حيث انخفض بمقدار 3 درجات مئوية.

2 - مصدر التنوع الديموقراطي (V-DEM) الذي يقيس أبعاداً مُتعددة ومُركبة للفساد الحكومي والتشريعي والقضائي، وقد تراجع بمقدار درجة مئوية واحدة فقط. 8 إيجابيات

نوّهت القراءة التحليلية بالجهود الكبيرة التي بذلتها الكويت في تلبية بعض المتطلبات الدولية، والتي من شأنها خلق بيئة موائمة تساعد على مكافحة الفساد، مشيرة في الوقت نفسه إلى ضرورة استكمال هذه الجهود وتعزيزها.

ومن أبرز الجهود الإيجابية:

1 - إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد وفق قانون يعزز الإفصاح المالي ويوفر السرية والحماية للمبلغين.

2 - إصدار استراتيجية الكويت لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وفق جهد تشاركي تضمن العديد من المبادرات.

3 - إصدار العديد من التشريعات، منها قانون حق الاطلاع الذي يعزز الشفافية في الأداء الحكومي وتبادل المعلومات، إلا أنه لا يزال هناك العديد من الجهات لم تُفعّل القانون بشكل كامل، خاصة الإفصاح الطوعي ونشر البيانات حسب الوارد بالقانون.

4 - ميكنة ورقمنة الإجراءات، والذي يعتبر من المشاريع المهمة التي تحسن الإنتاجية ومستوى الخدمات وتقلل فرص الفساد كالواسطة والرشوة.

5 - وجود مدونات سلوك وظيفية لتحسين أداء الموظف وتقديم الخدمة العامة والارتقاء بأخلاقيات المهنة، إلا أن تطبيق تلك المدونات لا يزال ضعيفاً، ويحتاج جهداً أكبر من ديوان الخدمة المدنية والجهات الحكومية المختلفة حتى يحقق الأثر في تغيير السلوك.

6 - صدور قانون منع تعارض المصالح رقم 1 لسنة 2023 والذي ينتظر إصدار لائحته التنفيذية وما يلحقه من حسن تطبيق. وعلى الرغم من أهمية هذا القانون إلا أن إصداره قد أخذ وقتاً طويلاً، وكان وقت صدوره قد تجاوز توقيت جمع بيانات مؤشر مدركات الفساد فلم تعكسه النتائج، الأمر الذي يتطلب سرعة إنجاز اللائحة وفاعلية التطبيق.

7 - وجود سجلات مركزية لتسجيل المالكين الحقيقين للشركات، حتى لا يتمكن الفاسدون من إخفاء أصولهم غير المشروعة، وهذا الأمر يتطلب سرعة التحرك من قبل وزارة التجارة والصناعة وهيئة أسواق المال بتوفير السجلات المطلوبة.

8 - الاهتمام بتحسين أداء دولة الكويت في المؤشرات الدولية، حيث أن أغلب تلك المؤشرات متقاطعة وتؤثر كل منها بالآخر.

7 متطلبات

حددت القراءة عدداً من المتطلبات، أهمها:

1 - يجب على الجهات الاهتمام بتوفير البيانات التي يتم بناء نتائج المؤشرات الدولية عليها، حيث تعكف المنظمات على البحث عن البيانات المحدثة والواضحة والتي يسهل الوصول إليها، وهو ما يؤكد أهمية قيام الإدارة العامة للإحصاء المركزي بتوفير البيانات والإحصائيات والمؤشرات بالشكل الذي تتطلبه المنظمات الدولية، ومنها مصادر مؤشر مدركات الفساد، وبالحداثة المطلوبة.

2 - الاهتمام بتطبيق المعايير الخاصة بالتعيينات والترقيات وتعيين القيادات في المناصب العامة على أساس العدالة والكفاءة والمساءلة.

3 - تطبيق مبادئ الحوكمة في القطاع الحكومي ونظام إدارة المخاطر والتدقيق الداخلي من خلال تطبيق ديوان الخدمة المدنية للإطار الوطني لحوكمة الجهاز الإداري للدولة، والاسترشاد بدليل التدقيق الداخلي المُعد من قبل ديوان المحاسبة.

4 - شفافية نظام المشتريات العامة والالتزام بتطبيق قانون المناقصات العامة، بما يحقق الشفافية والعدالة وصون المال العام.

5 - إقرار قانون الجزاء بتجريم الموظف العام الأجنبي والرشوة في القطاع الخاص. ولما لهذا الأمر من أهمية كونه أحد المتطلبات الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فقد أوردت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها أن الدول المصدرة الكبرى تخلت عن التزاماتها بالرشوة الأجنبية وقد أسقطت دول عدة درجاتها في التقرير الأخير.

6 - إنفاذ القانون على الجميع وسرعة إصدار الأحكام الخاصة بقضايا الفساد وقضايا التعدي على المال العام والمساءلة حول ما يصدر عن الجهات الرقابية، خاصة في ما يتعلق بالهدر أو التعدي على المال العام.

7 - تغيير الصورة الذهنية السلبية الناتجة عن عدم الرضا العام والتي تنعكس بدورها على نتائج استطلاعات الرأي التي تؤثر بشكل مباشر على ترتيب الكويت في المؤشر.

3 محاور رئيسية

خلصت القراءة التحليلية إلى أنه لبلوغ الهدف يجب التأكيد على 3 محاور، هي:

1 - إن الجهود التي تبذل للإصلاح ولمكافحة الفساد هي جهود مشتركة لا تقتصر على جهة أو مؤسسة.

2 - بذل الجهد التكاملي يجب أن يكون وفق رؤية وبرنامج زمني واضح.

3 - الجدية في تطبيق سيادة القانون والالتزام بتفعيل القوانين الإصلاحية من الجميع، هو ما سيحقق الأثر وبالتالي يبني الانطباع العام الإيجابي واستشعار التقدم فيه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي