سنة على حرب أوكرانيا... انتصارٌ ممنوع وهزيمة مستحيلة


بوتين يضع إكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول بالقرب من الكرملين	(أ ف ب)
بوتين يضع إكليلاً من الزهور على قبر الجندي المجهول بالقرب من الكرملين (أ ف ب)
تصغير
تكبير

سنة مريرة مرّت على العالم منذ أعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأوامر لجيشه لاقتحام الحدود واجتياح أوكرانيا.

سنة تبدّل فيها وجه العالم وتغيّرت الخرائط والأولويات على الأجندة الدولية.

لا صوت يعلو فوق صوت الحرب التي سترسم حدود النفوذ والصراع بين روسيا والغرب لعقود طويلة، بعد أن تضع أوزارها.

كل الملفات السياسية والاقتصادية تراجعت منذ 24 فبراير 2022 إلى الخلف ولم تعد موجودة على مكاتب أصحاب القرار، حتى القاتل «كورونا» توقف عن احتلال صدارة العناوين، وبالكاد يجد لنفسه مكاناً في العناوين الصغرى بين حين وآخر.

أيقظت الحرب حلف شمال الأطلسي من «سباته» العميق، وأطلقت سباق تسلح استدعى تشغيل بعض مصانع السلاح في الولايات المتحدة وأوروبا على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع، ودفعت إلى تجهيز الحقائب والأزرار النووية في عواصم الدول العظمى.

على الرغم من تشابكها وتعقيداتها، يمكن تقسيم الحرب إلى ثلاث مراحل زمنية:

- المرحلة الأولى التي سقطت فيها رهانات روسيا على تحقيق نصر سريع وخاطف واضطرت إلى لملمة جراحها وتكبد خسائر ضخمة على تخوم كييف.

- المرحلة الثانية التي ظنت فيها أوكرانيا أن بإمكانها قلب المعادلة من خلال الهجمات المضادة بعدما فتح الغرب مخازن الأسلحة لها.

- المرحلة الثالثة التي أعادت فيها روسيا ترتيب استراتيجيتها، وبدأت تحديداً منذ الانسحاب من خيرسون، لتُطبّق بعدها سياسة القضم التدريجي في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي، بالتوازي مع ضربات جوية وبعيدة المدى على المرافق والمواقع الحيوية في مختلف أنحاء أوكرانيا.

أثبتت مجريات الحرب على مدار 12 شهراً أن كل الحسابات خاطئة:

- لم يهرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى دولة مجاورة على متن طائرة أميركية، ولم يرفع جيشه الراية البيضاء مع الأيام الأولى للاجتياح، بل ثبت أن رئيس أركانه الفريق فاليري زالوجني كان على حق عندما توجه للروس بالقول قبل 11 يوماً من الهجوم: أهلاً بكم في الجحيم.

- لم تغرق روسيا في المستنقع، كما ظنّ كثيرون، ولم تنجح في تحقيق نصر كانت تعتقده سهلاً وسريعاً، لكنها أيضاً لم تتنازل عن أي من أهدافها، وأعادت ترتيب أوراقها على أساس أن الحرب مستمرة لسنوات طويلة، ودأبت على تذكير العالم بأن «الدول النووية لا تُهزم».

- لم يتعب الغرب من الدعم الاقتصادي والعسكري المتواصل لأوكرانيا: الاتحاد الأوروبي لم يشهد انقسامات بسبب التضخم ونقص إمدادات الغاز والوقود، والحلف الأطلسي لم يرتبك بل استيقظ فجأة من سباته بعدما كان يوصف بـ«الميت سريرياً».

- لم تُقدّم الصين الدعم المطلق لروسيا، عسكرياً واقتصادياً، وإن كانت سياسياً تميل إليها وترتبط بها بعلاقات استراتيجية في مواجهة «الإمبريالية» الأميركية والغربية، إذ إن حساباتها الاقتصادية والجيوسياسية مختلفة تماماً.

ويعتبر البعض أن الصين هي الطرف الرابح أياً تكن نتيجة الحرب: إنْ خسرت روسيا فستكون بكين أمام سيناريو واضح لما سيكون عليه مدى رد الفعل الأميركي لو قرّرت يوماً غزو تايوان كما أنها ستنفرد بالجلوس في المقعد المقابل لواشنطن، وإن فازت روسيا فستقف إلى جانبها وتحتفل بـ«نصر الحليف».

تشي الرهانات الخاسرة بصعوبة التوقعات لمآلات المواجهة، لكن ما هو واضح بلا لبس أن الحرب مستمرة وستأخذ أشكالاً أكثر عنفاً في عامها الثاني، وأن الولايات المتحدة ماضية في استراتيجيتها بعنوان «ممنوع انتصار روسيا» (مع اختلاف تفسيرات ما يعنيه النصر)، وأن روسيا متمسكة بما تعتقده واقعاً «يستحيل هزيمتنا».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي