هل الكويت ستواجه أزمة دولة تاريخية؟

تصغير
تكبير

في ضوء تقديم الحكومة لاستقالتها وقبولها، يشعر المراقب للشأن السياسي بالغموض والحيرة والتساؤل في ظل الفوضى والبلبلة السياسية التي تعيشها البلاد منذ فترة ليست بالقليلة، فيتبادر إلى الذهن هل الكويت وصلت لمرحلة أزمة دولة تاريخية؟ وهي أزمة أركانها متداخلة وأسبابها متعددة، هي أزمة تراجع دور مؤسسات الدولة الدستورية وعدم حضورها وضعف هيبتها وتقاعسها عن أداء دورها بكفاءة وفاعلية؟

إنّ أركان هذه الأزمة وأسبابها تتجسّد في ما يلي:

أولاً، أداء الحكومة:

الذي يوصم باللين والتردد بسبب اعتمادها على جهاز إداري مترهل، أداءً لا يتوافق مع خصائص ومتطلبات وظيفة الدولة في عصر العولمة بتداعياتها المتسارعة في تأثيرها، حيث أصبحت تمثل ركناً أساسياً لأزمة الدولة وصانعة لها، ما يهز الثقة بقدراتها وكفاءة وصلابة إرادتها واستقامة قراراتها في:

1 - حماية كيان الدولة وأجهزتها من الاختراق السياسي والمصلحي والفئوي، بما يؤسس لتفشي الفساد المالي والإداري والقيمي والإخلال بعملية ضبط اختيار القيادات السياسية والإدارية وفقاً لمعايير الكفاءة وقواعد المفاضلة بينهما وأسس التقييم المهني بعيداً عن ممارسات التقدير الشخصي واعتبارات المحاصصة والترضيات والتحالفات المصلحية.

2 - صيانة المجتمع من ازدواجية الولاءات الفئوية وحمايته من نزاعات التطرف المذهبي والتعصب القبلي والتكتل العائلي، وتعزيز مسؤولية المواطن المُؤمن بخصوصية الوطن قولاً وفعلاً.

3 - ضمان حراك سياسي معتدل ونشاط إعلامي مهني وتفاعل اجتماعي منتمٍ بهوية وطنية موحّدة وأهداف مشتركة، وبفكر إستراتيجي يجمع ولا يفرق وجامع لمشروع نهضة وطنية.

4 - تشكيل اتجاهات الرأي العام وترشيد حركته وحشد جهوده حول المصالح العليا وقضايا الأمن الوطني.

5 - تأكيد أهمية الأمن الوطني وجعله المحور الذي تنطلق منه كل جهود التعامل مع كل قضايا وأمور المجتمع والدولة الداخلية والخارجية، وبإرادة صلبة عندما تتعارض دواعي الأمن الوطني مع استحقاقات بعض الحريات.

6 - ترسيخ الفكر الإستراتيجي في الاستجابة السليمة لقضايا وأمور الدولة، وفي وضع الخطط وصياغة المشاريع والبرامج وحمايتها من الفساد بتفعيل مبدأ الثواب والعقاب.

ثانياً، أداء مجلس الأمة:

- إن المجلس يمثل أحد الأركان الأساسية في أزمة الدولة الحالية، وسبباً رئيسياً لصناعتها وترسيخ تداعياتها وتعظيم تأثيرها على المصالح العليا وعلى الاستقرار والسلام الاجتماعي للدولة.

- ذلك المجلس لم يستطع تطوير مفاهيم وأساليب المشاركة الشعبية ويعزّز قيمها المنتجة، ودعم أهداف الدولة للنهوض بالممارسة البرلمانية والسياسية عموماً وفقاً لخصوصية المجتمع الكويتي ودواعي تطوره من أجل تأمين حياة أفضل للمواطنين.

- كذلك لم يفلح المجلس بترسيخ ممارسة برلمانية رشيدة لحياة ديموقراطية معتدلة ومشاركة شعبية تدعم مفهوم هيبة الدولة المدنية الحديثة، وتصون مفاهيم وقيم العمل المؤسسي وتحارب الفساد بكل أشكاله، وأن يكون النواب نماذج للنزاهة وطهارة الذمم ونظافة اليد، وتعزيز أساليب الاندماج الشعبي وصيانة مقتضيات الوحدة الوطنية وتعظيم صلابة إرادة الدولة، لذلك فإنه من الواجب الوطني مراجعة التجربة البرلمانية وتصحيح بعض مكوناتها أفقياً ورأسياً، وإصلاح أسس وأساليب عملها وترشيد غاياتها والارتقاء بأدائها بشكل عام.

- في ضوء ذلك، فان الكويت تعيش حالياً مشهداً سياسياً مأسوياً وواقعاً إدارياً لم يستخلص مآسي الغزو والاحتلال العراقي، ولم نتعظ مما يجري في محيطنا العربي.

- إن المطلوب هو صياغة مشروع نهضة شاملة بمنظور إستراتيجي يحقق تعزيز دور الدولة، والارتقاء بكفاءة وفاعلية مؤسساتها الدستورية وأجهزتها التنفيذية، وترشيد دور المواطن وتعزيز مسؤوليته الوطنية وفقاً للأطر الدستورية والثوابت الوطنية ومقتضيات المصالح العليا للدولة الداخلية والخارجية للخروج من أزمة الدولة التاريخية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي