رئيس مجلس أمناء «AUM» شدّد على الاهتمام باللغة في كلمته خلال حفل جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية

فهد العثمان: العمل من دون فكر ورؤية واقعية كـ... القارب في محيط هائج بلا بوصلة

تصغير
تكبير

- اللغة يجب أن تكون حاضرة في كل مراحل التعليم والعمل
- في عالم الاستثمار القصة تخلق قيمة مضاعفة للمؤسسات
- القصة بمثابة البرمجة العقلية للقيادة وللعاملين... ولا نجاح من دونها
- الحياة بتجلياتها عملية تفاعلية بين محاور ومعطيات وأحداث تمت صياغتها بحبكة درامية
- الكتابة والقراءة السبيل الوحيد لتوظيف اللغة ومن ثم إثراء الفكر وتعزيز العمل
- الكتابة بالرغم من أنها وسيلة للتعامل ونقل المعلومة إلا أنها أداة ووسيلة للتفكير
- لا يُمكن للمؤسسة أن تتفوّق من دون استراتيجية تستوطن أعماق قيادتها والعاملين فيها
- الثقافة هي كل ما ينتج عن الحركة الإنسانية والحضارية في رحم الواقع
- فلسفتنا في «AUM» لا تقتصر على تخرّج الطالب...بل ما يستطيع تحقيقه بعد 5 أو 10 سنوات

أكد رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط الأميركية (AUM) فهد العثمان أن الاهتمام باللغة يجب أن يكون حاضراً في كل مراحل التعليم، وما بعد التعليم، وصولاً إلى إثراء الفكر وتعزيز العمل.

ورأى أن العمل من دون فكر ورؤية كالقارب في محيط هائج بلا بوصلة، وأن القصة بمثابة البرمجة العقلية للقيادة وللعاملين التي يستحيل من دونها تحقيق النجاح، مشيراً إلى أن الكتابة، وبالرغم من أنها وسيلة للتعامل ونقل المعلومة، إلا أنها أيضاً أداة ووسيلة للتفكير.

وأكد أن فلسفة «AUM» لا تقتصر على تخرّج الطالب، وإنما ما يستطيع خرّيجوها إنجازه وتحقيقه في المجتمع بعد خمس أو عشر سنوات من التخرّج.

وأكد ضرورة الاهتمام بالقصة وبالسردية وبالكتابة، واحتضان القاص والروائي والأديب ليكون بيننا في المصنع والاقتصاد، وفي كل أوجه العمل والإنتاج.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها العثمان في الحفل الختامي لجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية، الذي احتضنته جامعة «AUM» في مركزها الثقافي، بمشاركة فعاليات وشخصيات ثقافية واجتماعية وفنية كويتية وعربية وعالمية.

وفي ما يلي نص الكلمة:

مساكم الله بالخير، أهلاً وسهلاً بالحضور الكريم لوجودكم في «AUM»، نزداد شرفاً وفخراً بوجودكم معنا. يتساءل البعض، ما علاقة «AUM» بالقصة وبالثقافة، وهي جامعة متخصصة في إدارة الأعمال والهندسة؟

فى عالم المال والاستثمار، تكون هناك مؤسستان في البورصة، ومتشابهتان تقريباً في كل شيء، وتكون القيمة السوقية لإحداهما 10 أضعاف أو 50 ضعفاً أحياناً عن الأخرى.

ويكون أحد أهم الأسباب، هو باختصار أن الشركة الأعلى قيمة، لديها قصة مقنعة عما سيكون عليه مستقبل الشركة، وتكون هناك سردية للرؤية وللخطة الاستراتيجية، تعكس صورة ديناميكية، عن كيفية تبلور هذه الرؤية إلى واقع في المستقبل، فيتهافت المستثمرون والأموال إلى هذه الشركة، تحت وقع أنغام وموسيقى المستقبل لهذه الشركة، والتي تعكس معطيات موضوعية حقيقية، وعاطفة صادقة.

الفكر يسبق العمل

وكذلك، فإن وجود قصة مقنعة، هي ضرورة ليؤمن العاملون في المؤسسة برؤية وأهداف الشركة، والسبيل لتحقيق هذه الأهداف، ومن هنا تنشأ الحماسة، والدافع الصحيح لديهم، وإن هذه الحماسة تكاد تكون بمثابة البرمجة العقلية للتنفيذ والإنجاز، لأنه باختصار، الفكر... يسبق العمل، لأن العمل مهما كانت أهدافه وإمكاناته عظيمة، إلا أنه من دون فكر ورؤية مصاغة بواقعية وبوضوح في واقع المؤسسة، سيكون كالقارب في محيط هائج بلا بوصلة.

حبكة درامية

لا يمكن للمؤسسة أن تتفوّق من دون رؤية واضحة، واستراتيجية تستوطن أعماق ووجدان وعقل وجوارح قيادة المؤسسة، والعاملين فيها.

وهنا تبرز أهمية الكتابة والسردية، لتعمل على صياغة الرؤية والخطة الاستراتيجية، من الواقع الداخلي والخارجي للمؤسسة، بقصة سهلة الفهم والهضم والتذكر.

فتكون هذه القصة بمثابة البرمجة العقلية للقيادة وللعاملين، التي من دونها يستحيل تحقيق النجاح.

إن الحياة بكل أحوالها وتجلياتها، والحضارة الإنسانية بكل إنجازاتها، هي ظاهرة ديناميكية وليست استاتيكية، هي عملية تفاعلية بين محاور ومعطيات ومعارف، وأحداث تمت صياغتها بحبكة درامية.

غول اللغة

وإن الحضارة الإنسانية ليست معارف وعلوماً، وأحداثاً فرادى صماء استاتيكية مبعثرة ومعزولة، فصناعة وقانون الكتابة والسردية، هي مَنْ تجمع هذه المتناقضات، لتعطيها الروح والطاقة والإيقاع والموسيقى، لتشكّل بين كل هذه العناصر، المعرفة الإنسانية، وإيقاع الحياة.

مخزن الذاكرة

وعليه، فإن اهتمامنا باللغة يجب أن يكون حاضراً في كل مراحل التعليم، وما بعد التعليم. إن الكتابة والقراءة هما السبيل الوحيد لتوظيف واستخدام اللغة، وبالتالي إثراؤها، ومن ثم إثراء الفكر وتعزيز العمل.

مثال على ذلك: عندما يستفسر الإنسان عن رقم هاتف على سبيل المثال، ويكون الجواب 98765432 00965، هنا يطلب الإنسان بعد الرقم الرابع أو الخامس لحظة، ويأتي بالقلم ليسجل الرقم، لأنه لم يستطع تذكر كامل الرقم في حينه، والسبب باختصار أن الذاكرة الموقتة لم تعد تحتمل، كما في الكمبيوتر (Ram)، وبالتالي، يجب تسجيل الرقم على ذاكرة دائمة، وهنا يتم اللجوء للكتابة، كأداة لتخزين هذه الذاكرة الدائمة.

إن هذا مثال بسيط على أن الكتابة، وبالرغم من أنها وسيلة للتعامل، ونقل المعلومة، إلا أنها أداة ووسيلة للتفكير. فالإنسان لايستطيع تحليل وتفكيك، والمواءمة بين مواضيع وأبعاد كثيرة مختلفة، وأحياناً متناقضة، من دون اللجوء إلى قوانين وآلية الكتابة.

أصحاب الفكر

ومن هنا يتضح مدى أهمية وجود أصحاب الفكر، المتمرسين والقادرين على صياغة وبلورة المحتوى، وأهمية أن يكونوا قريبين من أصحاب اتخاذ القرار، في المؤسسات المختلفة ومؤسسات الدولة، بل هم في عمق الفريق القيادي. وهنا أستذكر معالي الأستاذ عبدالعزيز حسين، رحمه الله، الذي كان يُجسّد هذا النموذج من المفكرين، الذين هم ضرورة لنجاح أي مؤسسة.

فبعد كل هذا، هل يمكن أن نستهين بأهمية الكتابة والسردية والقصة؟ هل يمكن أن نستهين بأهميتها في التعليم، وفي الدفع بعجلة التنمية والتطور الإنساني؟

المعارف والمهارات

من الخطأ جداً أن يتصوّر المهندسون على سبيل المثال لا الحصر، أن يكون اهتمامهم في الهندسة فقط، لأن العلوم والمعارف فى حيز الواقع متداخلة ومترابطة، وإننا في معترك التنفيذ والإنجاز، نحتاج إلى جملة من المعارف والمهارات، لإنجاز المهمات بنجاح.

ومن الخطأ أيضاً، أن يتصوّر من يملكون ملكة الكتابة ويمتهنونها، بأنهم يعيشون بمعزل عما يدور في الأسواق والاقتصاد، والمعامل التصنيعية والمجتمع، ويدورون في حلقة ضيقة يسمونها الثقافة والمثقفين، فالثقافة هي كل هذه الحركة والإنتاج التقني والاقتصادي والعسكري والفكري، الثقافة هي كل ما ينتج عن الحركة الإنسانية والحضارية في رحم الواقع.

حركة مستنيرة

ومن الخطأ أن نتصوّر أنه ولأننا جامعة متخصصة في الهندسة وفي إدارة الأعمال، فلا يجب أن نهتم بالثقافة وبالكتابة وباللغة.

ففلسفتنا في «AUM» لا تقتصر على تخرّج الطالب، فهناك معايير واعتمادات عالمية قد حققناها ولله الحمد، إلا أن المعيار الأكبر والأهم الذي وضعناه لأنفسنا، هو ما يستطيع خرّيجونا إنجازه وتحقيقه في المجتمع بعد خمس أو عشر سنوات من التخرّج.

ومن هذا المنطلق، قمنا بخلق البيئة التي تمكنه من التسلح بالمعارف المطلوبة، بالإضافة إلى مساهمتنا بتعزيز الحركة الثقافية والفكرية، فلا يمكن للمجتمع وللاقتصاد أن ينهض، من دون حركة فكرية نشيطة فعّالة مستنيرة.

هذه دعوة للاهتمام بالقصة، وبالسردية، وبالكتابة. ودعوة بأن نحتضن القاص والروائي والأديب، بأن يكون بيننا في المصنع والاقتصاد، وفي كل أوجه العمل والإنتاج.

شكراً لحضوركم ومشاركتكم، والشكر الخاص لأخي وصديقي الأستاذ المبدع المتميز طالب الرفاعي، على مبادرته في تأسيس ودعم هذه الجائزة المهمة.

نبارك للجميع شرف المشاركة، وللفائزين بما حققوه من فوز. والله ولي التوفيق.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي