مع تسابق دول العالم في نجدة ضحايا زلزال جنوب تركيا وسورية من المفقودين تحت الأنقاض، سارعت دولة الكويت كعادتها بتوجيهات سامية من صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، في إنشاء جسر جوي لإرسال مساعدات وطواقم طبية وإنقاذ عاجلة بمشاركة كل من وزارة الخارجية وقوة الإطفاء العام والهلال الأحمر ووزارة الصحة والجيش الكويتي، لتكون من أولى دول العالم التي بادرت في تقديم العون، وبكل تأكيد هذا الأمر وسرعة الاستجابة في تقديم المساعدات الخارجية لكل المحتاجين والمنكوبين غير مستغرب على دولة الكويت، وما أحوجنا إلى جسر إنقاذ داخلي سريع الاستجابة لانتشال البلد من حالة الانهيار التي تسببت بها زلازل الفساد خلال الأعوام الماضية.
قطعاً لسنا نعارض جهود الكويت التي نعتز ونفخر بها في المجال الإنساني ومساعدة المحتاجين، ولكن نتمنى أن تكون المساعدات بالتوازي داخلية أيضاً، فإذا كان الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا 7.8 على مقياس ريختر واستمر دقيقة، فما يصيب بلادنا من زلازل فساد استمر سنوات حتى تسبب بدمار كبير في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية والإدارية وغير الخافية عن الجميع، حتى بات الأمر يتطلب تدخلاً بإجراءات شديدة دون محاباة ولا اعتبارات وممارسات سياسية بين الشد والجذب، فالكويت اليوم بحاجة إلى نهضة بدلاً من العودة إلى الممارسات القديمة نفسها بين الحكومة والمجلس التي جعلتنا في حالة شلل سنوات.
عندما قامت حكومة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح في بدايتها باتخاذ إجراءات إصلاحية واضحة حظيت بدعم شعبي كبير والتف الجميع حولها بسبب الإجراءات التي قامت بها لا بسبب الأشخاص، وهاهي اليوم بدأت تخسر الالتفاف الشعبي عندما أصبحت مترددة وعادت إلى انتهاج الأسلوب ذاته الذي نفّر الناس من الحكومات السابقة المتعاقبة، فما حصل بين الجهازين التشريعي والتنفيذي في الشهرين الماضيين ودفع الحكومة إلى تقديم استقالتها أصابنا بكثير من الإحباط بعد أن كنا مفعمين بالتفاؤل، ولكن للأسف يبدو أن الوضع عاد إلى عهد المساومات السياسية الذي يكون فيه الشعب خارج الحسابات.
نسأل الله أن يرحم ضحايا زلزال جنوب تركيا وسورية وأن يشفي المصابين، فقد كان المصاب جللاً بعد أن قاربت أعداد ضحايا الكارثة إلى الـ17 ألفاً، ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان ويؤلف بين قلوب المسلمين وقلوب أعضاء مجلس الأمة والحكومة القادمة.