المدرب الأجنبي لـ «البرازيل» من المحظور... إلى المباح
بعدما توّجت بلقب كأس العالم في كرة القدم للمرة الأخيرة منذ أكثر من عقدين، تفكر البرازيل، رغم غياب الاجماع المحلي، في تخطّي المحظور والتعاقد مع مدرّب أجنبي.
وبعد ست سنوات في منصبه، ترك المدرب تيتي منتخب الـ «سيليساو» الشهر الماضي، بعد الخروج من ربع نهائي مونديال 2022 في قطر أمام كرواتيا بركلات الترجيح.
ورغم علمه قبل أشهر من كأس العالم برحيل تيتي، إلّا أنّ رئيس الاتحاد البرازيلي إدنالدو رودريغيز لم يجد بعد المدرب البديل. ويوسّع الآن دائرة خياراته. وهو قال في 17 يناير الجاري: «ليس لدينا رأي مسبق تجاه اي جنسية».
وتابع: «نريد مدرباً محترماً يفرض مستوى لائقاً باللاعبين. نريد أن نقوم بما تحاول البرازيل دوماً القيام به: أن نكون هجوميين كثيراً».
وبصرف النظر عن إنكلترا التي تعاقدت مع السويدي زفن غوران إريكسن والإيطالي فابيو كابيلو في العقد الأول من الألفية الثالثة، لم يتعاقد أيّ من المنتخبات العظمى مع مدرب أجنبي منذ عقود.
وجفاف الألقاب الذي يُطارد البرازيل منذ 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، عندما قادها الثلاثي الهجومي الضارب رونالدو-ريفالدو-رونالدينيو، قد يُجبر الدولة الأميركية الجنوبية المتوّجة بخمسة ألقاب عالمية (رقم قياسي) في البحث عن خيارات «بعيدة».
ويوجد مرشّحون برازيليون، لكن أيّاً منهم لم يحصد على دعم محلي.
وقال المدرب لويز فيليبي سكولاري، الذي قاد المنتخب الأصفر إلى لقبه الأخير: «لدينا نوعية جيدة، لكن فيما مضى كنا ننتج مدربين أكثر».
وأضاف: «الجيل الجديد... لم يحرز ما يكفي من الألقاب».
واقترحت وسائل الإعلام البرازيلية عدداً من المرشحين المحتملين.
الإسبانيان جوسيب غوارديولا ولويس إنريكي، الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الفرنسي زين الدين زيدان، البرتغالي جوزيه مورينيو أو حتى الأرجنتينيان مارسيلو غاياردو وماوريسيو بوكيتينو.
واستبعد غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنكليزي، وأنشيلوتي مدرب ريال مدريد الإسباني، نفسيهما من السباق، رغم قول الأول قبل سنوات إنّه يرحّب بتدريب منتخب وطني بعد نهاية مشواره مع بطل إنكلترا.
بدوره، قال رئيس الاتحاد البرازيلي، الذي يأمل في تعيين مدرب قبل حلول مارس: «منذ نهاية العام الماضي، اعتقد إني سمعت 26 اسماً. سنلاحق بعضها».
لكن ليس سهلاً التعاقد مع مدرب عالمي في ظل القدرة الرهيبة للأندية الأوروبية على تسديد رواتب خيالية والمنافسة على دوري أبطال أوروبا والألقاب المحلية.
كما ليس سهلاً اقناع الجماهير البرازيلية بالتعاقد مع «غرينغو» (أجنبي) على رأس المنتخب الوطني.
وأظهر استفتاء في ديسمبر وقوف 48 في المئة ضد هذه الفكرة، مع 41 في المئة معها. لكن معدّل الرفض كان أقلّ من الاستفتاءات السابقة.
ويقول فيكتور فيغولس، المؤرخ وناشر موقع «لودوبيديو»، لوكالة «فرانس برس»: «في البرازيل هناك فكرة واحدة، لدينا أفضل كرة قدم في العالم، لذا لسنا بحاجة لمدرب أجنبي يعلمنا كيف نلعب».
وتابع: «نحن، القادرون على تطوير لاعبين عظماء ابتكر بعضهم المراوغات، وطريقة ممارسة الكرة الجميلة».
وكان للبرازيل مدربون أجانب في السابق، لكن فتراتهم كانت عابرة، حيث تولى الأوروغوياني رامون بلاتيرو المهمّة في 1925، وتسلم البرتغالي جورج غوميز دي ليما المنصب بمشاركة البرازيلي فلافيو كوستا في 1944، ثم الأرجنتيني فيلبو نونيز لفترة وجيزة في 1965.
لكن تم استبعاد فكرة المدرّبين الأجانب مع اثبات البرازيل نفسها كأحد أبرز القوى العالمية في كرة القدم.
في المقابل، اجتاح المدربون البرازيليون مختلف زوايا العالم، على غرار سكولاري، فاندرلي لوكسمبورغو، كارلوس ألبرتو باريرا، ريكاردو غوميز، زيكو وغيرهم.
وأضاف فيغولس: «رُسمت صورة عبر التاريخ، أننا قادرون على صناعة مدربين رائعين بما أننا قادرون على صناعة لاعبين رائعين، وهذا أمر خاطئ». وتابع: «إذا نظرنا إلى العشرة الأوائل في تصنيف فيفا، لا يحتل المدربون البرازيليون أيّ مركز».
وهناك بعض الأسماء المحلية التي تنال شعبية في وسائل الإعلام، على غرار دوريفال جونيور، الذي أحرز كأس ليبرتادوريس 2022 مع نادي فلامنغو، أو فرناندو دينيز مدرب فلوميننسي، ريناتو بورتالوبي مدرب غريميو ومانو مينيزيس مدرب إنترناسيونال والمنتخب سابقاً بين 2010 و2012.
لكن أيّاً منهم، لا يملك سيرة تيتي قبل توليه تدريب البرازيل في 2016. مع كورينثيانز، توّج تيتي بكأس ليبرتادوريس، لقبين في الدوري المحلي وكأس العالم للأندية في 2012.
وبدوره، قال الكاتب باولو فينيسيوس كويليو في صحيفة «فوليا دي ساو باولو»: «يجب تحسين مستوى أولئك الذين يعيشون هنا، بصرف النظر إذا وظّفنا برازيلياً أو أجنبياً».
وأضاف: «لن يأتي غوارديولا. لكن هذا لا يجنّب البرازيل. من انتاج غوارديولا الخاص بنا خلال بضع سنوات، بعدما انتجنا سابقاً زاغالو وتيلي سانتانا».