No Script

مشاهدات

خدمة الوطن تكليف وليست تشريفاً (1 من 2)

تصغير
تكبير

إن المال هو عصب الحياة، وبه تقوم حياة الناس، وبه تنهض الشعوب وترتقي الأمم، وهو عماد الحضارات، فهو زينة من زينة الدنيا، واختلفت طريقة الحصول عليه وجمعه، فمنهم من يخاف الله ويفرق بين الحلال والحرام فيتوفق في عمله العام أو الخاص، ومنهم من يحصل عليه بطريقة غير مشروعة كالسرقة والغش والرشوة وغيرها من الأمور المشينة، وآخرون تتيح لهم فرص الحياة الحصول عليه بطريق غير مشروع دون أن يقعوا تحت طائلة القانون، وهناك من يشرع قانوناً خاصاً ليتم الاستفادة منه لفئة مختارة ممن يشغلون الوظائف العامة؟

من البدهي أن صاحب الغاية النبيلة يبحث في البداية عن الوسائل السليمة والصحيحة، وصاحب الغاية الذي لا يحمل الخير لمجتمعه وبيئته يبحث دون تردد عن أي وسيلة توصله لغايته من السلطة والجاه ولا يبالي مهما حملت تلك الوسائل من أضرار ومخاطر على المجتمع.

فى البداية، لنقرأ المادة التي بموجبها يتم صرف الراتب الاستثنائي بكتاب من رئيس مجلس الوزراء موجهاً لمؤسسة التأمينات الاجتماعية.

- نص المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية:

(يجوز بقرار من مجلس الوزراء منح معاشات أو مكافآت استثنائية للمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات أو المستحقين منهم أو لغيرهم من الكويتيين ولو كانوا من غير الخاضعين لأحكام هذا القانون، مع عدم الإخلال بما يقرره مجلس الوزراء من أحكام خاصة تسري على هذه المعاشات والمكافآت الاستثنائية لأحكام هذا القانون).

السؤال المستحق:

هل أصدر مجلس الوزراء هذه الأحكام الخاصة حتى تكون ضوابط لتطبيق القرار؟ أم أن له الحق بمنح معاشات استثنائية وفقاً لتقديره المطلق؟

فهل من الحصافة في الرأي والعقل، وفي هذه الفترة بالذات، والتي يطالب فيه الكثيرون بحل مشكلة المقترضين وزيادة رواتب المتقاعدين، أن يقوم مجلس الوزراء بإصدار قرار بزيادة رواتب الوزراء إلى 9000 دينار! أي بزيادة 200 في المئة على الراتب الحالي؟

هنا يجب أن تتم مراجعة ما اتخذ من قرارات منذ بداية صرف الرواتب الاستثنائية وحصر أعداد المستفيدين؟ وهل أن هناك إسرافاً في منح المعاشات الاستثنائية؟ وما قيمة تلك المبالغ؟ ماذا قدم هؤلاء الذين شملهم هذا القرار من خدمات للنهوض بالوطن؟ ومن يتحمل تلك الزيادات والمعاشات الاستثنائية، مؤسسة التأمينات أم ميزانية الدولة؟ هل سيتم استرجاع المبالغ التي صرفت لمن لايستحق؟

وبالطبع فإن ذلك يستدعي اتخاذ إجراءات حازمة لوقف كل تلك التجاوزات التي للأسف أجازها هذا القانون؟ أليس من العدالة أن يتم إلغاء هذا القرار الذي لا يشمل جميع المواطنين في الوظائف العامة؟

وهناك من يقول بأن هذا القرار مستحق لأشخاص رواتبهم قليلة بشرط أن تكون هناك ضوابط موجودة سلفاً قبل تطبيق القرار.

وللأسف هناك البعض من أعضاء المجلس التشريعي مستفيدون من هذا القرار وتصرف لهم رواتب استثنائية؟

مع العلم بأن عضو المجلس التشريعي موظف سابق ولديه راتب، ولكن البعض منهم يقول بأن راتبه قبل العضوية كان أكبر قبل وصوله للبرلمان ويطالب براتب استثنائي، فلماذا؟ من الذي أجبر هذا العضو للترشح وخوض العملية الانتخابية ومنافسة الآخرين للوصول إلى المقعد الانتخابي ليتعين في هذا المنصب، فمن يرى نفسه قد خسر وضحى مادياً فليتنحى جانباً وليعود أدراجه إلى ما كان عليه من قبل، هذا ما يقوله العقلاء الذين يريدون الخير لوطنهم.

قمة التناقض عندما يكون المشرع والمراقب والمحافظ على المال العام يستفيد من تلك الميزة المالية.

القرار الآن يقع على أعضاء السلطة التشريعة للتقدم بقانون يطالب بإلغاء المادة 80 من قانون التأمينات الاجتماعية، وذلك لإرساء مبدأ الشفافية والعدل والمساواة دون تمييز، ومنع تعارض المصالح بما يكفل تحقيق الإدارة الصحيحة، أو تحديد الضوابط التي تحدد سقف الزيادة بطريقة معقولة، وألّا تكون قرارات مجلس الوزراء مطلقة دون ضوابط أو أحكام.

فعلاً هو (هذا القانون) مأساة:

كن وزيراً أو نائباً لأيام معدودة واستفد من المبالغ الطائلة الممنوحة بمسمى الراتب الاستثنائي مدى الحياة؟

وقمة السذاجة المطالبة بضم مجموعة من القياديين للاستفادة من تلك الميزة، وبالمقابل يتم التصدي والرفض عندما يقدم طلب زيادة مالية بسيطة للسواد الأعظم من الموظفين المشمولين تحت غطاء التأمينات؟

فخدمة الوطن تكليف وليست تشريفاً، ولذة المنصب ليست السلطة ولا الوجاهة، بل في القدرة على العطاء والتأثير وإحداث التغيير، فلكل إنسان قيمة وأثر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي