No Script

مجرد رأي

مأزق السلطتين وقتامة المشهد...

تصغير
تكبير

زادت استقالة حكومة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، الأسبوع الماضي قتامة المشهد السياسي في الكويت، بعد أن أعطت إشارات سلبية قوية على غياب أي تفاهم محتمل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على مواجهة التحديات المتجذرة، وحل المشاكل العالقة.

وسط ذلك، يتنامى الاعتقاد في العقل الجماعي لدى أهل الكويت باختلاف توجهاتهم على أن بلادهم تسير اليوم نحو المجهول، خصوصاً أن هذا الواقع أصبح معوقاً رئيسياً في إحداث أي صناعة اقتصادية جادة تنقذ البلد من مساره غير الصحي.

اليوم، عادت الكويت مجدداً لاستعادة مأزق غياب الخطة الطموحة، التي تتضمن مشروعاً وطنياً شاملاً يمكن من خلاله التنبؤ بمستقبل أفضل، أخذاً بالاعتبار قتامة المشهد الاقتصادي عالمياً، والذي يزيد تعقيد الوضع في الكويت تعقيداً على تعقيده.

ربما لا تعد مبالغة القول إن الحياة السياسية في الكويت تحولت إلى حالة معقدة تستحق معها وبكل جدارة دراستها، وإفراد فصول من التحليلات الموضوعية لتوصيفها، أملاً في الوصول إلى مرتكز تدهور السلوك السياسي رغم محاولات التوافق المبذولة ودعم القيادة والشعب.

باستقالة حكومة سمو الشيخ أحمد النواف، يرتفع عدد الحكومات التي استقالت على التوالي منذ 2020، إلى خمس حكومات، والسبب المعلن الخلاف مع مجلس الأمة، حتى باتت استقالة الحكومات في الكويت أمراً شائعاً ومتوقعاً.

واللافت، أن الحكومة المستقيلة تشكلت على أساس تقديم تنازلات لبعض نواب المعارضة، ولكن المسار التصالحي توقف بعد الخلاف في شأن مشروع قانون نيابي يدفع بشراء الدولة لقروض شخصية تبلغ قيمتها 14.7 مليار دينار.

عملياً، يمكن القول إن الحياة السياسية في الكويت بخلافاتها المتجددة يومياً باتت تعوق أي تقدم مأمول في المدى القريب، رغم أهمية عامل الوقت في اللحاق بركب الدول المجاورة التي صححت مسارها الاقتصادي منذ فترة، وانطلقت تنموياً في اتجاهات متعددة.

وما يزيد من خطورة مآلات الحياة السياسية التي نعيشها اليوم بلا حكومة، معاناة الجهاز الحكومي منذ فترة طويلة من فراغ واسع، حيث تشكو معظم الوزارات والجهات الحكومية المختلفة من شواغر قيادييها.

وربما لا يعد سراً القول إن البرلمان شكل تحدياً حقيقياً للحكومات الأخيرة التي عانت من أزمات اقتصادية وسياسية متتالية منذ 2020.

وأمام ذلك تملي المسؤولية الوطنية الاعتراف بأن ما آلت إليه الأوضاع السياسية في الكويت بالفترة الأخيرة مسؤولية مشتركة تتحملها السلطتان التنفيذية والتشريعية، لكن الأهم أن استمرار تدهور الوضع السياسي ينذر بدخول البلاد في نفق أكثر عتامة من أي وقت مضى، خصوصاً في ظل التعقيدات الجيوسياسية والاقتصادية التي تضرب العالم من حولنا بقسوة.

الخلاصة:

وسط القلق المتنامي شعبياً على المستقبل يكون مستحقاً وبكل تجرد التأكيد على أن الكويت لم تعد تحتمل الخلافات السياسية المحتدمة، والتي يمكن تجاوزها بسهولة إذا توافرت الإرادة الحقيقية لحلحلتها بدافع حماية الوطن والمواطن.

فببساطة وبعيداً عن أي تعقيد، الكويت ومواطنيها بحاجة ماسة إلى حكمة وحنكة السلطتين في التخلي عن خلافاتهما لصالح العمل معاً على إقرار مشاريع اقتصادية وتنموية حقيقية، توافر حلولاً عملية مستدامة تعالج عجز الميزانية، وتكافح التضخم الذي يشتكي منه الجميع، والأهم التوافق على إحداث نهضة اقتصادية وتعليمية وصحية وبشرية وهكذا دواليك.

أما الانجرار يومياً في شرك الخلافات السياسية سيبعدنا أكثر وأكثر عن استعادة التحكم بمقود السير نحو مواجهة مشاكلنا المتجذرة بخطط واضحة، وبذلك سيكون أي حراك إنقاذي مستقبلاً للوضع المتدهور على الأصعدة كافة مجرد حراك عبثي ستزداد تكلفته.

وأمام ذلك، تكون المخاوف مشروعة من أن تكون فاتورة الإصلاح باهظة للدرجة التي يخشى معها من عدم توافر القدرة المالية للدولة على تحملها مستقبلاً، لا سيما وسط التنبؤات العالمية التي تراهن على تراجع أسعار النفط في المستقبل القريب، ما يعني تهديد شريان الحياة الرئيس للكويت في وقت لا تتجاوز فيه خلافتنا الجوهرية محل أقدامنا!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي