الدولة التنموية العميقة...

تصغير
تكبير

المواقف السياسية التي تحدث بالبلد والتدافع الحاصل بين الحكومات والمجالس التشريعية المتعاقبة، كانت سبباً في تراجع مؤشرات الكويت بسبب الخلافات والمساومات والتشكيك والفساد المتحور بسبب قصور تشريعي أو عدم كفاء الأجهزة الرقابية.

فالظروف الحاصلة تحتم الحاجة إلى بروز مفهوم الدولة العميقة، تعمل بالتوازي مع مؤسسات الدولة الرسمية من حكومات وهيئات وغيرها، لكنها لن تكون في واجهة رسمية كي تكون بمنأى عن أية ضغوطات أو مساومات، ويكون منهجها هو التخطيط الإستراتيجي والرقابة والتوصيات لتصحيح المسار وتحقيق هدف النهضة المنشود.

الدولة العميقة التي بدأت تبرز الحاجة لها في ظل تباطؤ خطوات اتخاذ القرار بمؤسسات الدولة بسبب الربكة في دوائر الاتصال والتواصل بين مؤسسات الدولة، أو عدم القدرة على تحمل المسؤولية بعد اتخاذ القرارات اللازمة في حسم الملفات العالقة منذ عقود.

الدولة العميقة ذات مفهوم تنموي لمراقبة وتصحيح المسار على خطى ثابتة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، وتنموياً في ظل تسارع دورة تغيير حكومات ومجالس تشريعية إما بالاستقالات أو الحل أو بدعة الأبطال، فما عادت الحياة كالسابق والكويت تعيش بين منظومة خليجية أبهرت العالم في إنجازاتها بوقت قياسي، والمواطن الكويتي بدأ يتهم الديموقراطية، أنها هي سبب ما يحدث من تراجع ويتهم الحكومة بتسهيل الفساد الإداري والمالي من شبهات غسل أموال وغيرها نتيجة عدم المحاسبة الجدية والسريعة والعلنية الحاسمة لا التي تخدر المواقف كي يتناساها الشعب رهان على عامل الوقت!

الدولة العميقة التي تبرز الحاجة لها ليس المقصود منها هدم النظام المؤسسي بالدولة، بل تقوم بإصلاحه فوراً بأطر دستورية قانونية بأساليب غير عادية وغير نمطية كما هو الحال المتبع.

دولة عميقة يجب أن تكون بعيدة عن أي صراعات أو مصالح أو نفوذ حتى تتمكن من عملها بكل ثبات على المبدأ والخط المرسوم لها، وتحظى بدعم ومتابعة ومراقبة أعلى هرم في دولة الكويت وفق مفهوم خطة إستراتيجية شاملة للنهضة تكون طويلة الأمد تحت أي ظرف ومعينة بتاريخ محدد؟!

الدولة العميقة هي الدولة التي تسيّر مؤسسات الدولة نحو تحقيق رؤية واضحة بخطى ثابتة، وتكون ذات مفاهيم ومنهجاً لا يتغيّر بتغير المسؤولين وأصحاب القرار من تشكيل وزاري أو إفرازات مجالس الأمة ومخرجاتها التي بالغت في إرضاء الناخبين بقرارات شعبوية تكسّباً رغم استحالة تطبيقها خلّفت أجواء مشحونة.

نطمح لدولة عميقة يشعر معها المواطن بالنهضة ومواكبة الدول المحيطة من مؤسسات حكومية دورها فقط تطبيق الخطط المرسومة لها على خطى الرؤية النهضوية الشاملة.

أعضاء الدولة العميقة عبارة عن رموز نهضة فعلية لهم خبرات طويلة يقومون بدور واحد هو توجيه مؤسسات الدولة نحو تحقيق رؤية واضحة أيا كانت الظروف السياسية والاقتصادية، وفي حال التقصير أو الإخلال أو التكسب تتم محاسبتهم بطريقة جادة وفورية.

الدولة العميقة تملك صلاحيات رقابية واسعة (غير مؤسسية) تبدي الملاحظات العامة ووضع التوصيات اللازمة لتصويب المسار.

الدولة العميقة التي يحتاجها الشارع هي التي لها مسار واضح ومحدد وخطط بديلة مرنة معدة مسبقاً لمواجهة أي طارئ محلّي أو إقليمي ودولي.

الخلاصة:

أغلب الدول الناجحة تتمتع بدول عميقة غير معلنة بمفهوم نهضوي لا أمني قمعي... فالمسؤول فيها له دور محدد وفق خطة مرسومة وخيارات محدودة يجب ألا يحيد عنها.

الدولة العميقة هي ازدهار وتطور إستراتيجيات نهضوية لاستمرار وطن واستغلال أمثل لموارده وإيراداته.

تويتر: hmy888@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي