حان الوقت للارتقاء بالعلاقات الهندية - الكويتية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية

تصغير
تكبير
| بقلم السفير ساتيش ميهتا* |

لقد فوجئت عندما اقترح مبعوث الهند الجديد إلى الكويت السفير الدكتور أدارش سوايكا أن أكتب مقالاً بمناسبة يوم جمهورية الهند 2023. على الرغم من جدول سفري المتطلب لعملي الخيري، فقد كان هذا طلباً يجب تكريمه.

يوم الجمهورية مناسبة خاصة في حياة كل هندي. وتحتل الكويت مكانة خاصة في قلبي. عادت إلى الظهور ذكريات دافئة للغاية عن رفع علم الهند ثلاثي اللون المحبوبة أمام مبنى السفارة الهندية المهيب والايقوني، والمعروف باسم «القلعة الحمراء» نظراً لتصميمها الجذاب الذي يُشبه الحصن واستخدام الحجر الرملي الأحمر على الجدران الخارجية.

ليس ذلك فحسب، فالعامان ونصف العام الذي أمضيته بين 2011-2013 في الكويت كسفير الهند مليء بذكريات مغرمة بالعاطفة التي تلقيتها من الأصدقاء الكويتيين والهنود على حد سواء.

تقليدياً، يتم الاحتفال بيوم جمهورية الهند بتاريخ 26 يناير بحماس كبير، خلال مهرجان موكب يوم الجمهورية، الذي لا يعرض فقط القدرات العسكرية والدفاعية للهند، لاسيما التطورات السريعة التي تم إحرازها في تطوير التقنيات المحلية، ولكن أيضاً العوامات والعروض من أجزاء مختلفة من الهند، والتي تعكس تنوعها الغني في الفنون والتقاليد والعادات والأزياء والنباتات والحيوانات وكل ما يجعلنا حقًا الهند العجائب. إنه مراسم واحتفال بالهند معا.

لكن احتفالات هذا العام تحمل أهمية خاصة، لأن هذا سيكون أول استعراض ليوم الجمهورية في الشارع الذي تم تجديده حديثاً وإعادة تزيينه و تجميله بطول كيلومترين من راشتراباتي بهوان (منزل الرئيس) إلى بوابة الهند، والذي تم افتتاحه من قبل رئيس الوزراء مودي بتاريخ 8 سبتمبر، 2022 وأعيد تسميته بـ «مسار كارتافيا»، وهو يرمز إلى الانتقال من حكم وعقلية الحقبة الاستعمارية إلى المثل الجمهورية والالتزام ببناء الوطن.

هذا التجديد هو جزء من إعادة تطويرأكبر لمنطقة سنترال فيستا الكبرى التي ستكون مكونة من مبنى برلمان جديد ومكاتب جديدة لوزارات مختلفة ومساكن جديدة لنائب الرئيس ورئيس الوزراء. القصة الأكبر وراء هذا التغيير الجسدي والنفسي في الهند هي قصة يجب ألّا نفوتها.

اليوم الهند ليست فقط خامس أكبر اقتصاد في العالم، ولكنها في طريقها لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في السنوات القليلة المقبلة.

في إشارة إلى ما ينتظرنا، فقد أصبحنا بالفعل ثالث أكبر سوق للسيارات في العالم.

لكن هذه مجرد بداية لقصة الهند، حيث يتم وضع المحفزات الكبيرة للجولة التالية من النمو، من خلال الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الرقمية والمادية، وتجديد وإعادة تنشيط نظامها التعليمي، وجعل السياسات الناس والنمو متمركزين.

الهند والكويت - لقاء العقول والقلوب

مثل الهنود، الكويتيون مغامرون ولديهم حس تجاري أصلي وبديهي.

كانت التجارة مع الهند مصدراً مهماً لتكوين الثروة لرجال الأعمال الكويتيين حتى بعد عقود من اكتشاف الكويت للنفط.

سواء أكان ذلك للتعليم أو الرعاية الصحية أو للترفيه أو للاستمتاع بتراثها الثقافي الغني وجمالها الطبيعي، فإن الهند، وعلى وجه الخصوص، بومباي (مومباي الآن) كانت الوجهة المفضلة للكويتيين.

كانت الروبية الهندية عملة رسمية في الكويت. اشترى أمير الكويت عمارة في الخمسينيات من القرن الماضي على طريق مارين درايف الشهير في مومباي، ليكون منزله خلال زياراته المنتظمة للهند، والتي تسمى الصباح كورت. هذه ليست سوى أمثلة قليلة.

ولدت طفرة أسعار النفط الكثير من الموارد للكويت التي استخدمتها للتحديث السريع، وتم تسهيل ذلك بمشاركة المهندسين المهرة والفنيين والقوى العاملة من الهند، والتي لاتزال حتى الآن القوى العاملة المفضلة في الكويت. مع نمو الثروة النفطية في الكويت، انعكست الأدوار.

بدأ الهنود يبحثون عن الكويت لخلق الثروة والفرص.

مع نمو متطلبات الهند من الطاقة، أصبحت الكويت مصدراً مهماً للنفط للهند.

وليس مجرد مصدر مهم، ولكن بناءً على تجربتي الخاصة، يمكنني أن أؤكد بأمان أنه أصبح مصدراً موثوقاً للغاية للنفط. في أكثر من مناسبة، قيل لي على مستويات عالية جداً في الحكومة الكويتية، أن متطلبات النفط الهندية ستعطى الأولوية القصوى من قبل الكويت. كان هذا مجرد انعكاس واحد لأواصر الصداقة القوية والثقة المتبادلة والتفاهم العميق.

في العقود الأخيرة، مع نمو الهند، شاركت الكويت في النمو الهندي - لدعمها وكذلك للاستفادة منها. الاستثمارات المتزايدة في الهند من قبل الهيئة العامة للاستثمار التي تُدير الثروة السيادية للكويت، وكذلك من قبل مجموعات خاصة في الهند تروي قصتها الخاصة.

ربما لم يكن معروفاً جيداً حقيقة أن الكويت كانت سخية في تقاسم ثروتها مع الدول النامية من خلال مساعدتها، ولكن القيام بذلك بهدوء ودون ضجة كبيرة. قد لا يعرف هذا الجيل، ولكن بالنسبة لدورة الألعاب الآسيوية عام 1982، قاموا ببناء ملعب في دلهي.

الكويت والهند - مستقبل زاهر يلوح في الأفق

بالنسبة للهند، تعد دول الخليج أكبر مصدر لواردات النفط والغاز، وأكبر شريك تجاري، حيث يضم أكثر من 8 ملايين هندي، وأشارت المصادر أن تحويلات من هذه الدول تتجاوز 50 مليار دولار سنوياً، ومصدراً متزايداً للاستثمارات.

استقرار هذه المنطقة له أهمية مباشرة للهند.

نظراً لعلاقاتها الثنائية الوثيقة مع كل من هذه الدول، والثقة المتبادلة التي تتمتع بها معهم، فقد حان الوقت لأن تلعب الهند دوراً أكبر في الاستقرار في المنطقة من خلال العمل الثنائي مع كل من هذه الدول وكذلك من خلال التجمعات الإقليمية.

في حين أن الهند لديها شراكات استراتيجية مع بعض البلدان، إلا أن هذا لم يحدث بعد مع الكويت شريكها التاريخي.

يُمكن أن تكون الخطوة الأولى هي الارتقاء بالعلاقة إلى شراكة استراتيجية.

وسيخلق هذا أيضاً الإطار السياسي والنفسي لكلا البلدين، لإلقاء نظرة طويلة المدى على العلاقات الثنائية والقيام بالاستثمارات المطلوبة.

في عام 2020، فقدت الهند صديقين حميمين للغاية في الكويت - صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمير الكويت، ونجله الأكبر معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وسيكون تقديراً جديراً لهما من خلال الارتقاء بالعلاقات الهندية - الكويتية إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.

* سفيرالهند لدى الكويت خلال الفترة 2011 - 2013

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي