انتقادات لتناميها الكبير في الآونة الأخيرة في ظل غياب الإنجازات المجتمعية
«الهجمة» على طلب إشهار الجمعيات الأهلية مصالح شخصية ووجاهة إعلامية و... أمورٌ أخرى؟
أبدى عدد من السياسيين والقانونيين والناشطين استغرابهم من التنامي الكبير لإشهار الجمعيات الأهلية، معتبرين أن كثيراً منها يسعى لتحقيق أهداف شخصية أو وجاهة اجتماعية، أو يُستخدم كجسر عبور للترشح إلى النيابة.
وعزا بعضهم هذا الإقبال على طلب تأسيس تلك الجمعيات إلى محاولة تحقيق مصالح شخصية ووجاهة اجتماعية، لافتين إلى أن «بعض تخصصات هذه الجمعيات غريبة، والمجتمع الكويتي ليس بحاجة لها، فضلاً عن أن البعض الآخر يختص بمجالات منخرطة فيها جمعيات قائمة بالفعل منذ عشرات السنوات».
واعتبروا أن «كثيراً من الجمعيات الأهلية لا تدل ممارساتها على الأهداف المكتوبة التي أنشئت من أجلها، وأحياناً يكون وراءها أيدولوجيات معينة غير مُحببة في الكويت»، داعين إلى أن «يكون لتلك الجمعيات إنجازات ملموسة يشعر بها المجتمع، وتحقق الأهداف المرجوة بشكل عملي وليس نظرياً فقط».
سلوى الجسار: ضرورة إجراء تقييم شامل لجميع الجمعيات الأهلية
- البعض يستخدمها طريقاً للحصول على مقعد نيابي أو وجاهة إعلامية
- كثرتها العددية على حساب النوعية أمر يحتاج إلى توقف ومراجعة
- الخوف من ضررها على سمعة العمل الأهلي
أكدت عضو مجلس الأمة السابق الأستاذ بكلية التربية في جامعة الكويت الدكتورة سلوى الجسار لـ «الراي» أن «إشهار الجمعيات يُعدّ مؤشراً إيجابياً مهماً لتعزيز الشراكة المجتمعية خصوصاً إذا كانت أهداف إشهارها تصب في خدمة قضايا مهمة لأفراد المجتمع وتقديم الحلول والدعم»، مشيرة إلى أنه «لوحظ في الآونة الأخيرة للأسف، أن البعض أصبح يلجأ إلى إشهار جمعيات نفع عام لأغراض تحقق مصالح شخصية موقتة أو يستخدمها طريقاً للقفز بهدف الحصول على مقعد نيابي أو وجاهة إعلامية أو لتبني ملفات ذات بعد لا يخدم المصلحة العامة».
واعتبرت أن «عدم وجود مؤشرات معتمدة من قبل وزارة الشؤون لتقييم أداء جمعيات النفع العام ومتابعة مستوى الأنشطة والبرامج التي تقدمها هو أمر مقلق ويخل بأهداف وجود تلك الجمعيات ودورها في تحقيق الشراكة المجتمعية»، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن «كثرتها العددية على حساب النوعية وما تقدمه من مبادرات ذات قيمة، أمر يحتاج إلى توقف ومراجعة من قبل القطاعات المعنية في الوزارة».
وطالبت الجسار بـ «إجراء تقييم موضوعي شامل لجميع الجمعيات الأهلية، ومدى التزامها بالنظم واللوائح لتحديد وتقييم دورها في النهوض بقضايا المجتمع، وفحص كل ما تقوم به من أنشطة وبرامج ومطبوعات»، لافتة إلى أن «هذه الجمعيات كانت ولاتزال تقدم نموذجاً ناجحاً في الكويت لإبراز أهدافها، لكن التخوف اليوم من أن كثرة الإقبال على إشهارها قد يضرّ بسمعة العمل الأهلي».
وشددت على أن «الوزارة يقع عليها مسؤولية كبيرة ومهمة، لذا يجب مراجعة التشريعات واللوائح بما يتناسب مع المرحلة الحالية والمستقبلية»، مطالبة بـ «إعادة النظر في تقديم الدعم المادي بحسب الغرض من إنشاء كل جمعية نفع، لأنه ليس من العدالة أن تحظى جمعيات النفع العام التي تم إشهارها منذ سنوات بدعم مادي، ويتوقف الدعم عن الجمعيات التي تم إشهارها في السنوات الأخيرة، خصوصاً أن هناك عدداً من جمعيات النفع العام تقدم خدمات تخالف قرار تأسيسها من دون تطبيق الرقابة عليها».
أحمد بوزبر: الممارسات لا تدل على الأهداف المكتوبة
- قد تكون للبحث عن الشهرة وأحياناً يكون وراءها أيدولوجيات معينة غير محببة
- جمعيات النفع العام رافد مهم للتنمية لكن بعضها ينحو منحى سياسياً
رأى مستشار التخطيط الاستراتيجي والتنمية البشرية والتطوير المؤسسي الدكتور أحمد بوزبر أن «المجتمع الكويتي بشكل عام مغرم بالتطوع، ويميل بمختلف شرائحه العمرية سواء من الكبار أو الشباب أن تكون له جهود تطوعية»، لافتاً إلى أن «الشخصية الكويتية مجبولة على التطوع سواء كان هذا العمل إنسانياً أو خيرياً».
وبيّن بوزبر، في تصريح لـ «الراي»، أن «تزايد حالات الإشهار مرده إلى هذه الطبيعة الكويتية، فضلاً عن أن هناك طاقات شبابية تسعى لاستغلال قدراتها ولا تجد مبادرات تستوعب طاقاتها»، موضحاً أن «هناك معايير محددة وجيدة لإشهار الفرق التطوعية، وأحياناً يكون هناك نوع من التشديد لكنها ليست مغلقة بل إن الأمر مسهل».
واعتبر بوزبر أن «الأهداف المكتوبة لكثير من الجمعيات والفرق التطوعية جيدة لكن الممارسات لا تدل على ذلك، فقد تكون تلك الممارسات للبحث عن الشهرة أو التنافس غير الشريف، وأحياناً يكون وراءها أيدولوجيات معينة غير محببة في البلد».
وشدد على أهمية «دور المجتمع المدني وتأثيره على المناخ السياسي العام حتى قبل الدستور، إذ تشكل جمعيات النفع العام رافداً مهماً للتنمية، لكن نحتاج أن نتأكد من أن الجمعية تقوم بالأغراض التي تأسست من أجلها لأننا نشاهد أحياناً جمعيات تنحى منحى سياسياً في تحركاتها، كما أن هذه الجمعيات عليها تقديم مبادرات لتطوير منتسبيها، وثمة ضرورة التدقيق في اختيار قيادات جمعيات النفع العام».
فرق تطوعية مكونة من شخصين!
حذر الدكتور بوزبر من كثرة الفرق التطوعية، لافتاً إلى أن «بعض الفرق التطوعية تتشكل من شخصين أو ثلاثة أشخاص، وليس لها صدى في المجتمع، وتكون قائمة على مجموعة من الأصدقاء تحمسوا ثم مع الوقت يختفي الفريق من التواجد، لكنه محسوب كعدد ضمن الفرق التطوعية رغم عدم فعاليته».
وبيّن أن «هناك تكراراً لنفس أغراض فرق تطوعية موجودة بالفعل، الأمر الذي يجعل هذه الفرق تتنافس مع بعضها البعض بشكل غير جيد»، لافتاً إلى «ضرورة التحول من الكم إلى الكيف».
بسام العسوسي: «الإسهال» في الإشهار ... يضرّ الجمعيات القائمة
- لا محل من الإعراب لخلق كيانات صغيرة تضيّع الوقت والجهد
- الإشهار المتزايد يصعب التدقيق على الأرصدة
- على الجهات المعنية تقنين الإشهار وعدم فتحه من دون ضوابط
قال المحامي بسام العسعوسي لـ «الراي» إن «هذه القضية مهمة وحساسة، فنحن وإن كنا مع إشهار جمعيات تعنى بمصالح الناس وتعتبر داعماً ورافداً لمؤسسات المجتمع المدني إلا أنه في الآونة الأخيرة بات هناك إسهال كبير في إشهار تلك الجمعيات الأهلية، الأمر الذي يعود بالضرر على جمعيات قائمة بالفعل، لأن هناك جمعيات أخرى تأتي في نفس التخصص وتطلب الإشهار، وهذا أمر لا محل له من الإعراب ويخلق كيانات صغيرة ويضيع الوقت والجهد بفعل كيانات لا طائل من وجودها، لأن الهدف من جمعيات النفع العام هو التركيز على تحقيق أهداف المجتمع، على أن ينطوي الجميع تحت لوائها من أجل تعزيز الجهود لمنفعة الدولة والمواطنين».
وذكر أن «الإشهار المتزايد يصعب عملية المراقبة والتدقيق على الأرصدة، الأمر الذي يخلق حالة من الضياع والخلل»، مشيراً إلى أن «هناك جمعيات ليس لها دور أو مساعدة تؤديها ما يستوجب على الجهات المعنية تقنين الإشهار، فنحن مع الحريات لكن الحريات لا تعني أن تكون مفتوحة من دون اشتراطات أو مشابهة لبعضها البعض».
ودعا إلى «التركيز على جمعيات ذات أهداف معينة ومحددة تشكل إضافة وتستطيع تلبية متطلبات لا تلبيها الجمعيات القائمة بالفعل، وعدم فتح الباب على مصراعيه لعملية الإشهار من دون تنظيم».
عبدالهادي الصالح: تحقيق الأهداف عملياً وليس نظرياً فقط
- ضرورة ألا تكون الجمعيات تعبيراً عن مجرد حماس طارئ يخفت مع الزمن
قال وزير الدولة السابق لشؤون مجلس الأمة عبدالهادي الصالح لـ «الراي»، إن «تكوين الجمعيات الأهلية في الكويت قائم على الديموقراطية، فتلك الجمعيات أحد ملامح المجتمع الديموقراطي، وقد دوّن ذلك في دستور الكويت الذي نص على حرية تكوين النقابات بوسائل سلمية وهي حالة صحية لإشباع احتياجات المجتمع»، مضيفاً أنه «لدينا مؤسسات عامة وخاصة تعمل في جميع المجالات لكن لكل مجال من هذه المجالات تخصصات تفصيلية، وأعتقد أن مثل هذه الجمعيات الأهلية يمكنها أن تملأ إشباع هذه الحاجات، لا سيما وأنها للنفع العام وليست للمكاسب المادية في ظل تمتع أعضائها بتخصصات أكاديمية وشخصية، وربما لم تشبع الوظيفة العامة رغبات هؤلاء الأشخاص».
وتابع «هذه الجمعيات الأهلية لا تكلف الدولة شيئاً، فوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل غير مكلفة بتوفير مقر لهذه الجمعيات، كما أنها غير مكلفة بأن تمدها بالمساعدات المالية كما هو الحال في الجمعيات القديمة»، معتبراً أن «هذه الجمعيات أيضاً تعطي حافزاً اجتماعياً يُبعد الشباب عن التوافه من الأمور التي ابتليت بها المجتمعات بعد إغراقها بوسائل التواصل الاجتماعي».
وشدد على ضرورة ألا تكون هذه الجمعيات «مجرد حماس طارئ يخفت مع الزمن، فلابد من قناعة راسخة وثابتة لتحقيق الأهداف المرسومة والتي بناء عليها تم أخذ الموافقة على الإشهار الرسمي»، مؤكداً ضرورة أن «يكون لتلك الجمعيات إنجازات ملموسة يشعر بها المجتمع، وتحقيق الأهداف المرجوة بشكل عملي وليس نظرياً فقط».
وذكر أن «هذه الجمعيات يمكنها أن تساعد المؤسسات الحكومية، وعليها أن تسعى للحصول على الإشهار الإقليمي ومن ثم تنظر للظهور على المستوى العالمي حتى يشار لها بالبنان في تخصصها».
4 معايير للجمعيات الناجحة
حدد الصالح أربعة معايير للجمعيات الأهلية الناجحة، وهي:
1 - عدم الانشغال بالأمور الفئوية والشخصية
2 - التركيز على الأهداف الفنية
3 - بناء كوادر وصفوف ثانية وثالثة لتبقى المؤسسة وتدوم
4 - السعي لتحقيق انجازات ملموسة بعيداً عن الحماس الزائل
أقدم 10 جمعيات أهلية
1 - جمعية المهندسين الكويتية 1962
2 - الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية 1963
3 - جمعية المحامين الكويتية 1963
4 - جمعية الثقافة الاجتماعية (رجال) 1963
5 - جمعية الفنانين الكويتية 1963
6 - جمعية المعلمين الكويتية 1963
7 - الجمعية الطبية الكويتية 1964
8 - جمعية الخريجين الكويتية 1964
9 - جمعية الصحافيين الكويتية 1964
10 - رابطة الأدباء الكويتيين 1965
محظورات
تنص المادة 6 من قانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام على أنه «لا يجوز للجمعية أو النادي السعي لتحقيق أي غرض غير مشروع، أو منافٍ للآداب، أو لا يدخل في الأغراض المنصوص عليها في النظام الأساسي لكل منهما. يحظر على الجمعية أو النادي التدخل في السياسة أو المنازعات الدينية، أو إثارة العصبيات والطائفية والعنصرية».
شروط العضوية
تنص المادة 10 من قانون رقم 24 لسنة 1962 في شأن الأندية وجمعيات النفع العام على أنه «يجب أن يكون لكل جمعية أو نادٍ مجلس إدارة لا يقل عدد أعضائه عن خمسة ولا تزيد مدة عضويتهم على سنتين، ويجوز تجديد مدة العضوية وفقاً لنظام النادي أو الجمعية الذي يبين بمراعاة أحكام هذا القانون اختصاص مجلس الإدارة ونظام العمل به وطريقة انتخاب أعضائه وكيفية انتهاء عضويتهم».
إيقاف لـ 17 سنة
في العام 1985 صدر قرار عن مجلس الوزراء بمنع إشهار أي جمعية أهلية إلا باستثناء، دام 17 سنة حتى العام 2002 حيث أوقف مجلس الوزراء العمل به.
وقد استثنى مجلس الوزراء أثناء فترة حظر التراخيص، الجمعيات التالية: الجمعية الكويتية التطوعية النسائية لخدمة المجتمع، الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية، الجمعية الكويتية للدراسات والبحوث التخصصية، جمعية أهالي المرتهنين والمحتجزين الكويتيين، جمعية العون المباشر، والاتحاد الكويتي للمسارح.