واشنطن تصنّف «فاغنر» «منظمة إجرامية دولية» ومؤسسها بريغوجين يصف الأميركيين بأنهم «زملاء»

تصغير
تكبير

صنّفت الولايات المتحدة «فاغنر» على أنها «منظمة إجرامية دولية»، منددة بتجاوزاتها في أوكرانيا واستخدامها أسلحة توافرها كوريا الشمالية وتجنيدها سجناء، بينما وصف مؤسس مجموعة المرتزقة الروسية يفغيني بريغوجين، الأميركيين بأنهم «زملاء».

وقال بريغوجين، متهكماً، حسب ما نشره مكتبه الصحافي في «تلغرام» الجمعة: «وأخيرا، أصبحت فاغنر والأميركيين بمثابة الزملاء. ومن الآن فصاعداً، يمكن تسمية علاقتنا التعاونية بتفكيك الجرائم العشائرية».

وبريغوجين، هو رجل أعمال روسي يبلغ الحادية والستين ومقرب من الرئيس فلاديمير بوتين. وتنشط المجموعة في المعركة الدامية التي تدور في شرق أوكرانيا للسيطرة على مدينة باخموت. كما لديها تواجد في دول أخرى في العالم، ولا سيما في إفريقيا.

وكان الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، قال إن «فاغنر منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع».

وأضاف «لا نزال نعتبر أن لدى مجموعة فاغنر حالياً نحو 50 ألف شخص منتشرين في أوكرانيا، هم عشرة آلاف من المرتزقة و40 ألف سجين»، الى درجة أن لدى وزارة الدفاع الروسية «تحفظات» عن «طرق التجنيد» التي تعتمدها المجموعة.

وأعلن المسؤول أن واشنطن لن تكتفي بإعلان المجموعة منظمة إجرامية بل ستفرض عليها عقوبات أخرى.

قطارات روسية

وعرض كيربي على الصحافيين صوراً ملتقطة بالأقمار الاصطناعية، قال إنها تظهر قطارات روسية تتجه الى كوريا الشمالية لنقل عتاد عسكري يشمل صواريخ لـ «فاغنر».

والتقطت الصور في 19 و19 نوفمبر، بحسب كيربي، مضيفا أن الولايات المتحدة نقلت هذه المعلومات إلى مجلس الأمن في إطار العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ.

وأكد كيربي «سنعمل دونما هوادة لتحديد الأطراف التي تساعد فاغنر وفضحها واستهدافها».

وتفيد واشنطن بأن نفوذ المجموعة يتنامى وباتت تنافس القوات الروسية.

«توتر» مع الجيش الروسي

وقال كيربي «لدينا معلومات من أجهزة الاستخبارات تشير إلى تفاقم التوتر بين فاغنر ووزارة الدفاع» الروسية.

ورأى أن «فاغنر باتت مركز سلطة ينافس الجيش الروسي ووزارات روسية أخرى»، مشدداً على أن «بريغوجين يعزز مصالحه الخاصة في أوكرانيا».

وأضاف «فاغنر تتخذ قرارات عسكرية مستندة عموما على ما قد تدر عليها من منافع لا سيما على صعيد الدعاية».

وبرزت الانقسامات بين الجيش الروسي و«فاغنر» التي أشار إليها مراقبون عدة، إلى العلن خلال المعركة لليسيرة على مدينة سوليدار الصغيرة في شرق أوكرانيا.

فعندما أعلن بريغوجين السيطرة على سوليدار، سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى تكذبيه معلنة بعد يومين الاستيلاء على المدينة، الأمر الذي نفته كييف.

منذ الصيف الماضي، تحاول قوات «فاغنر» والجيش الروسي السيطرة على مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا رغم أهميتها الاستراتيجية المتواضعة. لكنها باتت الآن ترتدي أهمية رمزية.

إلا أن الكرملين نفى الاثنين أن يكون ثمة توترا بين الجيش الروسي والمجموعة المسلحة وأكد الناطق ديمتري بيسكوف وجود «تلاعب».

وتشكلت «فاغنر» العام 2014 وقد جندت آلاف السجناء للمحاربة في أوكرانيا في مقابل وعد بخفض عقوباتهم. وبعدما اعتمد لفترة طويلة التكتم باتت بفرض نفسها طرفاً أساسياً في النزاع.

ولم تكن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا المكان الوحيد الذي تشارك فيه «فاغنر»، لكنها كانت المكان الأبرز الذي علا فيه صيتها.

وتنتشر عناصرها في دول أفريقية لتوفير الدعم والأمن لشركات التعدين الروسية والشركات التي تعمل معها، بينما جرى اتهام موسكو باستخدام «فاغنر» للسيطرة على الموارد الطبيعية في القارة السمراء، فضلاً عن التأثير على الشؤون السياسية والصراعات في دول مثل ليبيا والسودان ومالي ومدغشقر، ونشطت في سورية أيضاً.

وتُعرف «فاغنر» بتكتيكاتها وأساليبها القاسية. وعام 2014، كلّفت بأول مهامها في شبه جزيرة القرم بشكل علني.

وساعد عناصرها وبعضهم كانوا يرتدون ملابس رسمية، القوات الانفصالية المدعومة من روسيا، على السيطرة على الجزيرة.

لكن أفعالها جعلتها في مرمى الانتقادات أكثر، حيث كان آخرها إعدام يفغيني نوزين، وهو أحد عناصرها ممن انشقوا عنها، فظهر في مقابلات عديدة ينتقد القيادة الروسية و«فاغنر» نفسها حتى جرى تسليمه بصفقة تبادل أسرى مع الروس، فانتشر لاحقا مقطع فيديو مرعب على تطبيق «تلغرام» يظهر إعدامه بضرب رأسه بمطرقة ثقيلة.

ولعل تلك الحادثة أدت إلى زيادة التدقيق والتركيز الدولي على المجموعة المقربة من الكرملين. فقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، عقوبات على الشركة ومالكها ومعظم قادتها.

ومع تزايد خسائر روسيا في حرب أوكرانيا، بدأ بريغوزين، الذي يعد أحد أبرز الأوليغارش الروس ويُعرف باسم «طباخ بوتين»، في توسيع المجموعة من خلال تجنيد سجناء روس وعناصر مدنية روسية وأجنبية. وما أثبت الأمر أكثر، ظهوره في مقطع فيديو في سبتمبر الماضي، يتحدث إلى سجناء في باحة سجن روسي، واعداً إياهم بتخفيف العقوبة عليهم حال سفرهم 6 أشهر إلى أوكرانيا.

وتشير التقديرات إلى أن 20 ألفاً من عناصر «فاغنر» يقاتلون حالياً في أوكرانيا. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن المجموعة تكبدت خسائر بشرية كبيرة.

وبعدما سطع نجمها إلى حد كبير في أوكرانيا، بدأت التساؤلات حول مدى قانونية وجود مثل هذه المجموعة تقاتل علناً إلى جانب جيش رسمي.

فالدستور الروسي لا يجيز إنشاء شركات عسكرية خاصة أو جيش مرتزقة، إذ ينص على أن مسؤولية الأمن والدفاع عن البلاد تقع على عاتق الدولة دون غيرها.

كما يحظر القانون الروسي على المواطنين الروس، العمل كمرتزقة.

لكن رغم ذلك، فإن القانون يسمح للشركات التي تديرها الحكومة بإنشاء وامتلاك قوات أمن مسلحة خاصة، وهي ثغرات قانونية تمثل منطقة رمادية شبه قانونية تتيح لـ «فاغنر» العمل.

إلا أن روسيا ليست الدولة الوحيدة في العالم التي تمتلك شركات عسكرية خاصة، بل يمتد الأمر إلى دول مثل الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا والعراق وكولومبيا.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي