فرق عظيم بين خدمة الدين واستخدامه، فالأول يبذل جهده طلباً لأُخراه، والثاني يبيع دينه بعرض من الدنيا... فخدمة الدين هي التدين الحقيقي الشامل لطلب رضوان الله تعالى، وصيانة حقوق الناس كافة، والسعي في رفع مستواهم في سائر أمور حياتهم، والأخذ بأيديهم نحو الفضيلة، فهي امتثال كامل لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من أقوال وأفعال ظاهرة وباطنة.
بخلاف استخدام الدين، وهو التدين الظاهري المزيّف، يظهر للناس علانية صالحة ويبطن ما يخالف ذلك، فهو خداع ونفاق اجتماعي، وصار ظاهرة بارزة لأحوال المسلمين في الآونة الأخيرة، الذين تغافلوا عن التدين الحقيقي، وحصروه في مظاهر علنيَة من أقوال وأفعال مفضوحة، من أجل تحقيق منافع شخصية أو نيل مكاسب مادية من مال، ونيل مناصب ومصالح زائلة، والعمل من أجل ثناء الناس عليه...
المستخدمون للدين لا يتورّعون عن الظلم والكذب، وتعريض حياة الناس للخطر، وتدمير حقوقهم المادية والفكرية وهو واقع نعيشه في مجتمعنا الإسلامي مِن الذين جعلوا الطاعة ستاراً يخفون خلفه تلك الرذائل، يُؤدون بعض ما يدعو إليه الإسلام مع ترك جوهره، كالذي يظهر بلباس المتقين ويأتي بأفعال تخالفه، أو يقوم بأنوع من الطاعة الظاهرة كالندوات وصلاة الجماعة في فترة معينة إلى أن تُقضى حاجته، أو الوعظ والدعوة والخطابة لكسب الأموال، فلا يخاف مِن فِعل أي شيء كي يحقّق غايته وإن كان يُظهر الديانة والورع والصلاح.
مَن عاش بينهم وتعامل معهم ومرّ بمواقف فضحتهم، صار خبيراً بكشف النفوس الخبيثة التي تظهر حقيقتها مع الأيام، وغالباً ما يُكشف هؤلاء المتسترون بظاهر الدين بسهولة، بالرغم من أساليبهم الملتوية والخداع والتمويه. إن فلتات اللسان وزلاته البسيطة تبرز ما يخفون، ويظنون أنه لن يفطن إليها الناس.
استمرارهم في ذلك جريمة خطيرة تؤثر على المجتمع بأكمله، ومسؤولية ذلك تقع على جهات عديدة منها ضعف مستوى المؤسسات التعليمية والجهات التربوية التي أهملت علاج الأفراد من الصغر وتساهلوا في التوجيه والإرشاد ورفعة الأخلاق، ومن ثم ينبغي أخذ الحذر منهم، لخطورتهم على المجتمع واتقاء شرّهم، فالرياء خطره كبير، وإظهار خطورتهم على الأمة واجب ويمكن علاجه أو تخفيفه بوسائل، كإقامة الندوات وإلقاء المحاضرات واللقاءات لتوجيه وإرشاد الشباب إلى الطريق الصحيح، وبيان خطورة النفاق وآثاره على الفرد والمجتمع الذي صار أضعف مما كان، بسبب من استخدم الدين ولم يخدمه.
aaalsenan@
aalsenan@hotmail.com