No Script

التسعير الغالي موجّه لأصحاب العباءة المالية الواسعة والذين يربطون مدّخراتهم بمدد لا تقل عن سنة

فائدة ودائع الأفراد تتجاوز... 6 في المئة

تصغير
تكبير

- 3 بنوك أشعلت المنافسة على السيولة الفترة الأخيرة
- اتجاهات الفائدة في غالبية البنوك تقترب من 5.5 في المئة
- بنوك تُغازل عملاء النخبة بأسعار خاصة مثل الصفقات الحكومية
- تنامي التوقعات بتصاعد الفائدة قريباً يسرّع تحرّك المصارف على الأموال
- ارتفاع فائدة الدولار وأسعار «الإنتربنك» يغذّيان نشاط الفائدة العالية
- تعقيدات سلّم الاستحقاقات تدفع بعض البنوك لتجاوز إشارات تكلفة أموالها
- جميع المصارف الكويتية متخمة بالسيولة لكن بعضها يحتاج أحياناً ترتيب أوضاعه

سجلت فائدة ودائع الأفراد بالدينار خلال الفترة الأخيرة مستويات أسعار تاريخية، حيث تجاوزت في بعض البنوك حاجز الـ6 في المئة، بينما تراوح تسعير غالبية البنوك بين 5.25 إلى 5.5 في المئة، وذلك حسب العباءة المالية للعميل.

وفي التفاصيل، علمت «الراي» أن هناك 3 بنوك رفعت أخيراً درجة تنافسيتها في استقطاب الودائع، إلى الدرجة التي قدّم معها أحد المصارف تسعيراً يصل إلى 6.1 في المئة، فيما دارت البنوك المنافسة بهذه الدائرة بتسعير يقل بين 25 إلى 50 نقطة، وذلك وفقاً للسياسة التي يصيغها كل بنك في تغطية متطلباته من السيولة.

وبالطبع، لا يتم تقديم معدلات الفائدة العالية عن معدلات التداول الطبيعي، إلى جميع العملاء، ولكنها موجّهة إلى أصحاب ودائع النخبة أو الـ«VIP»، والذين تتراوح أموالهم بين 500 ألف إلى مليون دينار وما فوق، كما أن آجال ودائعهم تتميز بالاستقرار، ولا تقل مدد ربطها عن سنة، ما يحفّز البنك الذي ينافس على استقطاب الودائع لمنحهم أسعاراً خاصة.

سيولة أقل

وقد تشمل الفائدة العالية بعض العملاء الذين يعرضون سيولة أقل من نصف مليون دينار، حيث يعتمد ذلك على مدى حاجة البنك للسيولة وقت عرض هذه الأموال، على ألا تقل مدة ودائعهم عن سنة.

ومقابل زخم التنافس المصرفي على استقطاب الودائع المستقرة وعالية القيمة من بعض البنوك، لا تستطيع المصارف الأكثر تحفظاً لجهة زيادة تكلفة أموالها التسعير بمعدلات منخفضة كثيراً عن السقف الأعلى المتداول بالسوق، ففي الفترة الأخيرة لوحظ أن جميع البنوك مضطرة إلى تقديم فائدة لعملائها لا تقل عن 5 في المئة، وتصل لدى غالبيتها لـ5.5 في المئة.

وتضطر البنوك المتحفظة والتي تمتلك مستويات مرتفعة من فوائض الأموال أحياناً إلى رفع تسعيرها على الودائع إلى حدود قريبة من التسعير الذي تمنحه البنوك المُشعلة للمنافسة، بغرض الحفاظ على عملائها من الهجرة العكسية.

وذكرت المصادر أن الطلب الواسع المتأتي من بعض المصارف على استقطاب السيولة، لم يكن باتجاه مغازلة الجهات الحكومية كما درج التقليد، في كل مرة تبرز فيها تعقيدات ترتيب السيولة، بل استهدف هذا التحرك ودائع الأفراد، بما يعكس وجود رغبة واسعة بجذب ودائع إضافية بالدينار لدى بعض البنوك.

زيادة التكلفة

وإلى ذلك، يعد السؤال مشروعاً حول ما الذي يدفع البنوك إلى زيادة حدة المنافسة في ما بينها على استقطاب الودائع، وإلى الدرجة التي يقبل معها بتضييق هامش الربحية المحققة بين هذا التسعير العالي للودائع ومنح القروض بفائدة 6.5 في المئة؟ ومن ثم الانكشاف على مخاطر ارتفاع تكلفة الأموال بمعدلات مؤثرة؟

وفي هذا الخصوص، أفادت مصادر بأن السبب الرئيسي الذي يشجع منظمي السيولة في أي بنك على تجاوز إشارات معيار الربحية في ميزانهم لحساب تكلفة الودائع والقروض، يتمثل في مدى الحاجة إلى السيولة، والقدرة على تنظيم سلم الاستحقاقات، والتوقيت.

وباختصار، يتميز البنك الذي يتمتع بقدرة أكبر على ترتيب أوضاع سيولته بشهية منخفضة على منح فائدة أعلى من المتداولة، أما إذا كان يواجه ضغوطاً في هذه الدائرة فيضطر صانعو سياسته إلى القبول بمبدأ دفع كلفة عالية لتفادي الوقوع في أزمة عدم النجاح بتنظيم السيولة.

كما أن هناك بنوكاً تسعى لبناء مراكز متقدمة من الودائع لأكثر من سبب، بينها أن الودائع تمثل لها مصدراً رئيسياً للأموال وتمويل القروض، وكذلك هناك قناعة مصرفية بأن اتجاهات الفائدة محلياً مقبلة على صعود جديد قريباً، سواء بتحرك ذاتي من بنك الكويت المركزي، أو على إثر زيادة إضافية من «الفيديرالي» الأميركي للفائدة على الدولار، ما يعطي المنافسة المشتعلة مبكراً على استقطاب الودائع وهجاً إضافياً.

وما يستحق الإشارة في هذا الخصوص، أن بعض البنوك التي تقبل بدفع فائدة أعلى تكون سياستها في هذا الخصوص موجهة فقط إلى المبالغ التي تكفي لترتيب أوضاع سيولتها، وبعدها يخرج البنك عن المنافسة المشتعلة.

وما تقدّم يعني محاسبياً أن الفائدة المكلفة لا تنسحب دفترياً على كامل محفظة ودائع البنك الذي يقبل بدفع فائدة أعلى من غيره، أخذاً بالاعتبار أن هناك موارد لكل بنك من شأنها أن تسهم في كبح جماح تضخم كلفة طلب أموال الطوارئ، بحيث يمكن محاسبياً هندسة الكلفة الزائدة من الودائع الرخيصة والحسابات الجارية، ولكن في جميع الأحوال من شأن أي تكلفة إضافية على الأموال تقليل معدلات الربحية.

إضافة إلى ذلك، هناك متغيرات مصرفية أساسية برزت مع ارتفاعات أسعار الفائدة المتتالية والسريعة، والتي يصعب تجاهلها من مديري الخزينة في البنوك، وفي مقدمتها صعود معدلات أسعار الفائدة الممنوحة على الدولار، والحاجة النقدية والمصرفية لزيادة جاذبية العملة المحلية، مقابل تخفيف الطلب على الدولار، إلى جانب ارتفاع أسعار سوق «الإنتربنك»، أو ما يعرف باسم سوق الودائع في ما بين البنوك، بحيث يغذي كل ذلك حركة الفائدة العالية على الدينار.

ترتيب التحديات

وما يستحق التوضيح هنا، أن قبول بنوك بدفع فائدة عالية عن المتداولة لاستقطاب أموال الودائع، لا يعني أنها تواجه تحديات في مستويات السيولة لديها، إذ من المعلوم أن جميع البنوك الكويتية متخمة بالسيولة، إلا أن بعضها يواجه أحياناً تعقيدات في ترتيب سلم استحقاقاتها، ما يدفعها إلى عرض فائدة أعلى من المتداولة في السوق لترتيب وضع الاستحقاقات.

ويذكر أنه وفقاً للإحصائية الشهرية لبنك الكويت المركزي، فقد بلغ إجمالي الودائع في القطاع المصرفي نهاية نوفمبر الماضي نحو 47.091 مليار دينار، مسجلة زيادة بـ455 مليوناً (+0.98 في المئة) مقارنة بالشهر السابق، فيما شهدت ارتفاعاً بنحو 2.53 مليار دينار (+5.68 في المئة) منذ بداية 2022، ووصل نموها إلى 2.271 مليار (+5.07 في المئة) مقارنة بنوفمبر 2021.

«المركزي» والاستقرار

يأتي الاتجاه العام لأسعار الودائع المتصاعدة في البنوك المحلية خلال الفترة الأخيرة تأكيداً على رسوخ الودائع في القطاع المصرفي.

كما يؤشر ذلك أيضاً إلى الثقة الدائمة والمستمرة بالعملة الوطنية كوعاء جاذب وموثوق للمدخرات المحلية، لما يتمتع به الدينار الكويتي من استقرار أمام الدولار الأميركي والعملات الرئيسية الأخرى، وهي كلها ضمن محركات جذب واستقرار الودائع في الاقتصاد الوطني وليس سعر الخصم وحده، بل هناك العديد من الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي في إطار سياسته الرقابية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي