No Script

سجّلت تراجعاً مقابل «امتياز أميركا» خلال آخر عامين

جميع العملات الرئيسية خاسرة أمام الدولار «الباهظ»

تصغير
تكبير

- الين الياباني الأشد تضرّراً والفرنك السويسري والدولار الكندي من الأكثر مرونة
- 50 في المئة من التجارة الدولية وأدوات الدّين بالدولار
- 60 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية الأجنبية بالعملة الأميركية
- 90 في المئة من معاملات العالم للصرف الأجنبي طرفها دولار

شهد العديد من العملات عاماً متقلباً وصعباً للغاية في 2022، باستثناء الدولار الأميركي الذي شكّل ملاذاً آمناً للمستثمرين، ووفّر استقراراً استثنائياً، بعد أن انخفضت الغالبية العظمى من العملات في جميع أنحاء العالم مقابل الدولار خلال العام المنصرم.

وبحسب المعطيات، شهد العامان الماضيان تسجيل كل العملات الرئيسية تقريباً خسائر أمام الدولار، ومن بين تلك العملات المتضررة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، الذي انخفض لفترة وجيزة إلى ما دون التكافؤ (ما يعني أن اليورو كان أقل من دولار واحد) في سبتمبر وأكتوبر من عام 2022، قبل أن يتعافى بنسبة 5.3 في المئة في نوفمبر.

وكان الين الياباني العملة الرئيسية الأشد تضرراً، إذ انخفضت قيمته بأكثر من 25 في المئة منذ بداية عام 2021، وبعد وصوله لأدنى نقطة هذا العام في أكتوبر، اخترق الين أدنى مستوياته في 24 عاماً، ما أدى إلى تدخل بنك اليابان وضخ 42.8 مليار دولار لدعم العملة المتهاوية.

بالمقابل، كان الفرنك السويسري والدولار الكندي من أكثر العملات الرئيسية مرونة مقابل الدولار الأميركي منذ عام 2021، حيث يرجع ذلك إلى حد كبير للاستقرار المالي والسياسي للدولتين، إلى جانب استفادة كندا من ارتفاع أسعار النفط الخام في 2022، إذ صدّرت غالبية نفطها الخام عبر حدودها الجنوبية إلى أميركا.

وتعود هيمنة الدولار بالعديد من المزايا على الولايات المتحدة مثل: زيادة عائدات الخزينة من العملة المحتفظ بها في الخارج، وانخفاض العائدات على الدين الحكومي بسبب قلة المخاطر وعلاوة السيولة، وهبوط تكاليف المعاملات بسبب فروق أسعار العملات الصغيرة، والقوة السوقية للمؤسسات المالية الأميركية التي تصدر العملة، فضلاً عن كونها أداة إستراتيجية لاستخدامها في السعي لتحقيق الأهداف الجيوسياسية الدولية، وتمنح الولايات المتحدة درجة عالية من المرونة في السياسة، ولا سيما الحرية في متابعة أهداف السياسة المحلية، وهي ميزة أطلق عليها وزير المالية الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان «الامتياز الباهظ».

عوامل متنوعة

وساهمت مجموعة متنوعة من العوامل في قوة الدولار خلال 2022، إذ أدى الارتفاع السريع في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيديرالي وتشديد ميزانيته العمومية إلى جعل الدولار من الأصول ذات العوائد القيمة، ومع ارتفاع الفائدة، زادت أيضاً عوائد حسابات التوفير والأوراق المالية ذات الدخل الثابت مثل سندات الخزانة الأميركية، ما جعلها بديلاً أكثر جاذبية للمستثمرين.

في الوقت نفسه، أدى انخفاض أسعار الأسهم (خاصة في قطاع التكنولوجيا) إلى تحفيز المستثمرين بشكل أكبر على الانسحاب من أسواق الأسهم المحفوفة بالمخاطر والتقلبات والتوجه إلى شراء الدولار.

وأخيراً، ومقارنة بالعديد من الاقتصادات العالمية الأخرى، ظلت آفاق الاقتصاد الأميركي مرنة وبقدر أقل من المخاطر، في حين ظلت أوروبا، على المقلب الآخر، في مواجهة أزمة طاقة مستمرة بسبب الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بينما أعاقت سياسات الصين الخاصة بمكافحة كورونا قطاع التصنيع في البلاد، فضلاً عن الصناعات الأخرى.

قوة وهيمنة

ويعد وضع الدولار الأميركي كملاذ آمن أثناء الأزمات مظهراً من مظاهر هيمنته في الأسواق المالية العالمية، إذ إن نحو 50 في المئة من التجارة الدولية تتم بالدولار، كما أن نحو نصف جميع أدوات الدين والأوراق المالية في أنحاء العالم كافة مقومة بالعملة الخضراء، وفي أسواق الصرف الأجنبي، يشكّل الدولار طرفاً في نحو 90 في المئة من جميع المعاملات، في حين أن 60 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية من العملات الأجنبية دولارية، وذلك لتسهيل الاستثمارات وإبرام الصفقات وسداد التزامات الديون الدولية، ما يجعل الدولار العملة الاحتياطية الرائدة في العالم.

وتمتلك اليابان وحدها، بصفتها أكبر حامل للديون الحكومية الأميركية، أكثر من 1.1 تريليون دولار، تليها الصين التي تمتلك القدر نفسه تقريباً.

توقعات 2023

بينما ارتفع الدولار في معظم فترات عام 2022، أخذ هذا الاتجاه يفقد قوته في الأشهر الأخيرة من العام. ففي سبتمبر من عام 2022، ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 20 في المئة منذ بداية العام ووصل إلى أعلى مستوياته عند 114.8، لكنه تراجع منذ ذلك الحين وتنازل عن أكثر من نصف مكاسبه حتى منتصف ديسمبر المنصرم.

ويراقب المستثمرون في جميع أنحاء العالم عن كثب لمعرفة ما إذا كان ارتفاع الدولار سيستمر بالارتفاع، أو ما إذا كان سيوفر للعملات الرئيسية بعض الراحة في عام 2023. هذه النظرة المستقبلية للدولار تعتمد على ردة فعل «الفيديرالي» الأميركي خلال العام الجاري في شأن استمراره برفع سعر الفائدة أو عكسها، وهذا الأمر سيؤثر تماماً على توقعات ارتفاع قيمة الدولار، فيما يرى بعض الخبراء أن مؤشر الدولار المرجح بالتجارة سيرتفع بمقدار 2 في المئة عن مستوياته الحالية إلى نهاية الربع الأول من 2023 قبل أن يعود لينخفض بنحو 10 في المئة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي