مضى عام 2022 بحلوه ومره، بأزماته وانفراجاته على بعض الأصعدة، لكنه عملياً لم يرحل عن الكويت بالكامل، باعتبار أنه ترك خلفه العديد من الاستحقاقات الحكومية والنيابة التي لا تزال ينتظر تنفيذها جميع المواطنين.
وربما يكون مفيداً مع بداية سنة جديدة، التذكير بأنه لم يعد هناك متسعاً من الوقت أمام الكويت والكويتيين لتعويض ما فاتهم خلال السنوات الماضية من تنمية مستحقة تشمل جميع القطاعات، إسكانياً وصحياً وتعليمياً واستثمارياً وبشرياً.
وعندما نتحدث عن التنمية، نقصد التنمية المستدامة التي تضمن تقدم الدولة نحو الأمام باستمرار، بتحركات تحقق رفعة الوطن ورفع قدرات جميع أجهزته على مواجهة التحديات كافة التي تطرأ سواء المرئية أو غير المتوقعة والتي تكون عادة معززة بمعطيات دولية.
ولا يخفى على أحد، أن هناك العديد من الملفات المعقدة التي تنتظر حلحلة قوية، لا ترتكز على حلول ترقيعية قد تمنح بعض الوقت لكنها لا تضمن توفير معالجات طويلة الأجل وتنمية تحقق توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا كان هناك توافق على أن نهج الحكومة الحالية والمجلس النيابي، يختلف كثيراً عن السابق، سواء بفضل تركيبتهما ومستهدفاتهما التي تبدو أكثر طموحاً في معالجة القضايا المتأخرة، أكثر من أي وقت مضى، إلا أن تركة المعالجات المعلقة ضخمة وتحتاج لتحرك حكومي ونيابي أوسع وأسرع نحو توفير حلول عملية تحقق كفاءة أوسع في القفز على التحديات ضمن مسار جديد يصحح خارطة الطريق السابقة، باعتبار أن ذلك أمر ضروري لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كل سياق.
تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب جهداً استثنائياً من الجميع، وإعادة النظر في الإمكانات، وفي مقدمها زيادة المساحة التشاركية التي يتعين أن يشغلها القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة للدولة مع زيادة التركيز على الثروة البشرية والنهوض بها تعليمياً وصحياً وسط عالم متحرك بالمعرفة التي تتنامى يومياً.
ولذلك نحتاج إلى إعادة تقييم خيارات السياسات المالية والاقتصادية التي من شأنها زيادة النمو طويل الأجل، وتعبئة مزيد من الإيرادات للاستثمار التنموي، وجذب الاستثمارات الخاصة للمساعدة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأثناء ذلك الاستمرار بتحسين بيئة الأعمال بوتيرة عالمية.
ولعل ما يزيد التفاؤل في هذا الخصوص أن الكويت ورغم التخلف عن ركب العديد من الدول المجاورة، والتعثرات المتتالية التي مرت بها في السنوات الماضية اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وإسكانياً وصحياً وتعليمياً إلا أنها تتمتع بإمكانات عالية جداً مالياً وبشرياً ما يعني أن الحاجة الرئيسية فقط تتمثل في توحيد الجهود وتوفير إدارة قادرة على الاستغلال الأمثل لثروات الكويت التي لا تقف فقط عند حدود النفط.
الخلاصة:
فك شيفرة السر لتجاوز الكويت محطة الانتظار إلى بدء تنفيذ التنمية المستدامة، يتمثل في اتجاهين رئيسين، هما العمل على رفع معدل التوافق الحكومي النيابي على معالجة القضايا الرئيسية وتحديداً التي يعول عليها كثيراً في تحقيق رفاه المواطن وتعزيز مستقبله، وهذا يحتاج إلى ترتيب أولويات المجلسين، على أن يكون المحرك الرئيس لكل إجراء هو مصلحة الوطن والمواطن وليس أي دافع سياسي شخصي.
فضلاً عن التركيز على الاستثمار المكثف في رأس المال البشري والمالي بما يضمن تعظيم الإيرادات العامة وتنويعها على أن يتم توجيهها نحو أوجه صرف مستحقة.
نتمنى أن تكون سنة 2023 بداية جديدة لانطلاقة قوية للكويت على كل الأصعدة، وأن تنسينا انجازاته تعقيدات العام الماضي.