«الوطني»: توقعات بتباطؤ وتيرة رفع الفائدة مع بلوغ التضخم ذروته

إمكانية دخول الاقتصادات المتقدمة في ركود... تتصاعد

تصغير
تكبير

- أسعار المساكن في أميركا انخفضت على مدار 3 أشهر للمرة الأولى منذ 10 سنوات
- بإمكان أوروبا تجنب الانكماش شتاءً مع تراجع مشاكل عدم توافر الغاز

ذكر بنك الكويت الوطني أنه على الرغم من استمرار ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، إلا أن وتيرته بدأت تهدأ في العديد من الأسواق، ما ساهم في تعزيز الآمال بأن التضخم قد تجاوز ذروته أخيراً، عازياً تباطؤ وتيرة النمو في المقام الأول لتراجع أسعار الطاقة، مع بقاء معدلات التضخم الأساسي أكثر استقراراً.

وأوضح «الوطني» في تقرير له أنه في ضوء تلك التطورات، ستواصل البنوك المركزية الرئيسية رفع أسعار الفائدة، وإن كان من المتوقع أن تبدأ اتباع خطى أكثر اعتدالاً مقارنة بالزيادات الكبيرة التي شهدناها في الفترة الأخيرة، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن ضغوط ارتفاع تكاليف المعيشة ورفع أسعار الفائدة ساهمت في التأثير سلباً على توقعات الطلب، إذ تصاعدت إمكانية دخول الاقتصادات الغربية المتقدمة في مرحلة من الركود المحدود، إلا أن سوق العمل لا يزال يتسم بالمرونة ما يساهم في تخفيف وطأة الصدمات.

وبين التقرير أن توقعات رفع «الاحتياطي الفيديرالي» الأميركي لسعر الفائدة بوتيرة أبطأ أدت لصعود العملات العالمية مقابل الدولار (انخفض مؤشر الدولار بنسبة 8 في المئة منذ أواخر سبتمبر الماضي)، والذي قد يعزّز مساعي البنوك المركزية لمكافحة التضخم في بعض الأسواق، منوهاً إلى أنه خلال الفترة المقبلة، سيتم التركيز على مراقبة نهج الصين تجاه تدابير الإغلاق لاحتواء الجائحة، والتي نتج عنها تداعيات واسعة النطاق على اقتصاد البلاد، وأثرت على سلاسل التوريد العالمية وأسعار السلع، بما في ذلك النفط.

وتيرة مقبولة

وأفاد «الوطني» بأن الدلائل تشير إلى أن أداء الاقتصاد الأميركي ما يزال يعمل بوتيرة مقبولة، رغم الرياح المعاكسة الناجمة عن ارتفاع معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة وضعف الاقتصاد الكلي العالمي، موضحاً أنه وبعد تراجع الناتج المحلي الإجمالي على مدار ربعين متتاليين، عاد مجدداً للنمو بنحو 2.9 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الثالث 2022، إلا أنه ونظراً لتلك المخاطر، فإنه من المرجح أن يتباطأ الزخم في الربع الرابع من العام الجاري، وقد يكون مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي بلغ ذروته مع تراجع المعدل السنوي إلى 7.7 في المئة في أكتوبر مقابل 9.1 في المئة خلال يونيو، ومن المرجح أن يواصل تراجعه خلال الفترة المقبلة.

ولفت إلى أن التضخم الأساسي قد يكون أكثر تعقيداً، بعد أن كشفت أحدث البيانات (أكتوبر) مفاجأة إيجابية، إذ ارتفعت الأسعار بمستويات أقل من المتوقع لم تتعد أكثر من 0.3 في المئة على أساس شهري، مع انكماش أسعار السلع بـ0.4 في المئة على أساس شهري بعد استقرارها في سبتمبر، مبيناً أنه نظراً لارتفاع معدلات الرهن العقاري، انخفضت أسعار المساكن على مدار 3 أشهر متتالية (من يوليو إلى سبتمبر)، الأمر الذي لم نشهده منذ نحو 10 سنوات، فيما من المتوقع أن تبقى أسعار المساكن تحت الضغوط، ما يساهم في الحد من تضخم أسعارها، وهي أحد العناصر الرئيسية لتضخم قطاع الخدمات.

سياسات «الفيديرالي»

وأضاف التقرير: «واصل (الفيديرالي) اتباع سياسات نقدية مشددة، إذ قام برفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس 4 مرات على التوالي (لنطاق يتراوح بين 3.75 إلى 4 في المئة) في اجتماع شهر نوفمبر، لتصل بذلك الارتفاعات التراكمية إلى 3.75 في المئة منذ مارس الماضي، إلا أنه من شبه المؤكد أن تتحول سياسات «الفيديرالي» لرفع سعر الفائدة بـ 50 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر هذا الأسبوع»، مشيراً إلى توقع رئيس «الفيديرالي» جيروم باول أن تكون الذروة النهائية للمعدلات «أعلى إلى حد ما مما كان متصوراً»، وذلك عندما قدّم أعضاء اللجنة الفيديرالية للسوق المفتوحة التي تحدد أسعار الفائدة توقعاتهم الأخيرة في سبتمبر (ليصل الحد الأعلى إلى 4.75 في المئة)، فيما يعتبر نبرة تيسيريه مقارنة بالفترة السابقة.

وذكر أنه نظراً لأنه تم بالفعل تسعير وصول الحد الأعلى لسعر الفائدة إلى 4.5 في المئة بنهاية العام، فإنه مع بداية 2023، ستكون دورة رفع أسعار الفائدة على وشك الانتهاء، وفي هذا السياق، سيكون لقراءة مؤشر أسعار المستهلكين لشهر نوفمبر (التي ستصدر اليوم أهمية كبرى، ومن المرجح أن يؤدي الأداء بوتيرة أفضل من المتوقع (كما شهدنا في أكتوبر) إلى تقليص دورة رفع أسعار الفائدة وتقليل توقعات السوق الحالية لوصول الحد الأعلى للفائدة إلى 5 في المئة.

وأفاد التقرير بأن سوق العمل الأميركي واصل تأكيد مرونته على نطاق واسع من خلال تزايد الوظائف بمعدلات مقبولة، لافتاً إلى أن أحدث تقارير الوظائف غير الزراعية (نوفمبر) كشفت عن زيادة قدرها 263 ألف وظيفة، والتي تعتبر من المعدلات القوية نظراً للارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار الفائدة، إلا أنها تعتبر أدنى المستويات المسجلة منذ أبريل 2021، في حين ارتفع معدل البطالة إلى 3.7 في المئة مقابل 3.5 في المئة (معدل ما قبل الجائحة في فبراير 2020 وأدنى المستويات المسجلة منذ أكثر من 40 عاماً) في سبتمبر.

تحديات أوروبية

وأوروبياً، لفت التقرير إلى تزايد احتمالات حدوث ركود خلال فصل الشتاء في منطقة اليورو، وإن كانت التوقعات في الوقت الحالي تشير إلى أنه قد يكون قصيراً أو غير عميق، منوهاً إلى تراجع إمكانية عدم توافر الغاز خلال ذروة فصل الشتاء نظراً لظروف الطقس الأكثر اعتدالاً حتى الآن وتوافر مخزونات الغاز الكبيرة، ما ساهم في الحد من مخاطر ترشيد الطاقة على نطاق واسع خلال الأشهر المقبلة، إلا أن أسعار الطاقة لا تزال مرتفعة، وسيكون استمرار حالة عدم اليقين من أبرز التحديات الرئيسية التي يتعرض لها الاقتصاد في ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتزايد أسعار المواد الغذائية.

وذكر أن نمو الناتج المحلي الإجمالي تباطأ في الربع الثالث 2022 إلى 0.2 في المئة على أساس ربع سنوي مقابل 0.8 في المئة بالربع الثاني، ما أدى إلى ضعف معدلات النمو على أساس سنوي بنسبة 2.1 في المئة مقابل 4 في المئة بالربع الثاني، مشيراً إلى أن المعنويات الاقتصادية تبدو ضعيفة، إذ بقيت قراءة مؤشرات مديري المشتريات الأخيرة في منطقة الانكماش خلال شهر نوفمبر، وخفّضت المفوضية الأوروبية توقعات نمو الناتج المحلي للكتلة لعام 2023 إلى 0.3 في المئة (1.4 في المئة سابقاً) مع وصول معدل التضخم إلى 6.1 في المئة.

وأوضح التقرير أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة، ما زال سوق العمل ضيقاً، إذ انخفض معدل البطالة إلى 6.5 في المئة في أكتوبر مقابل 6.6 في المئة الشهر السابق، فيما يعد أدنى مستوياته على الإطلاق.

وأضاف: «في ظل الارتفاع الحاد لمعدلات التضخم، وضعف اليورو، وضيق سوق العمل، قام البنك المركزي الأوروبي في أكتوبر الماضي برفع سعر الفائدة على الودائع بمقدار 75 نقطة أساس، للمرة الثانية على التوالي بالمعدل نفسه، إذ رفع سعر الفائدة إلى 1.5 في المئة مقابل 0.5 في المئة في يونيو، ومن المتوقع أن نشهد المزيد من الارتفاعات، إذ يتوقع السوق حالياً رفع الفائدة بـ50 نقطة أساس هذا الشهر».

بريطانيا نحو ركود أعمق

أفاد تقرير «الوطني» بأن المملكة المتحدة تتجه إلى ركود أعمق، إذ تواجه رياحاً معاكسة نتيجة لارتفاع معدلات التضخم لمستويات لم تشهدها منذ عقود من الزمن، واتباع سياسات التشديد المالي، ورفع سعر الفائدة.

وذكر أن الناتج المحلي الإجمالي فقد زخمه في الربع الثالث من العام وانكمش بـ0.2 في المئة على أساس ربع سنوي مقابل تسجيل نمو بـ0.2 في المئة بالربع الثاني من العام، وتباطأ النمو على أساس سنوي إلى 2.4 في المئة مقابل 4.4 في المئة، لافتاً إلى أن بنك إنكلترا رفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس إلى 3 في المئة، ويبدو أنه سيرفع المعدل بـ 50 نقطة أساس خلال الشهر الجاري.

وبين أن الجنيه الإسترليني ارتفع بـ 18 في المئة تقريباً مقابل الدولار مقارنة بأدنى مستوياته المسجلة بنهاية شهر سبتمبر، ما قلّص خسائره منذ بداية العام الجاري إلى 10 في المئة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي