«وصايا» عن الإصلاح السياسي - الاقتصادي... والكرة في ملعب بيروت
قِمم الرياض أعادت لبنان إلى «رادار»الاهتمام الدولي - الإقليمي
- قائد الجيش في قطر... زيارة تحت المعاينة
- «التيار الحر» يرفع سقف المكاسرة مع ميقاتي ويُصيب «حزب الله»
على وقع الإطلالتيْن السعودية - الصينية والخليجية على الواقع اللبناني عبر قمم الرياض، والتشظيات السياسية - الطائفية لأزمة الانتخابات الرئاسية في «بلاد الأرز»، ينطلق في بيروت الأسبوع الأخير من أجندة العمل قبل الدخول في استراحة أعياد نهاية السنة التي امتلأت بـ «الهدايا المسمومة» من أوّلها حتى... رمَقها الأخير.
وفيما كانت القوى السياسية في لبنان تفتّش عن «جنس» رئيس جمهوريةٍ تكاد أن «تضيع» من يد المتقاتلين على الإمساك بالقرار «من فوق» فيما كل ما هو «تحت» يفلت من السيطرة، عاد الوطن الصغير إلى «رادار» الاهتمام العربي - الخليجي من بوابة القمة السعودية - الصينية والقمة العربية - الصينية وقمة مجلس التعاون الخليجي التي احتضنتْها الرياض.
وفي موازاة الأبعاد الاستراتيجية لقمم الرياض، ومضيّ السعودية في حجْز موقع متقدّم على صعيد الريادة عالمياً من البوابة الاقتصادية بامتدادها السياسي، فإن الحضورَ اللبناني في الرياض، سواء عبر البيانين عن القمة السعودية - الصينية وقمة مجلس التعاون، أو من خلال مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولقاءاته، عَكَس أن الفرصةَ مازالت سانحةً أمام بيروت لتعبيد طريقِ الخروج من الحفرة السحيقة على سلّمِ شروطٍ تتمحور حول إصلاحاتٍ سياسية واقتصادية والحدّ من تمكين «حزب الله» ونفوذه وأدواره في المنطقة.
ورغم أن المواقف التي صدرت من الرياض لم تتطرّق إلى الملف الرئاسي إلا من زاوية غير مباشرة من خلال دعوة بيان مجلس التعاون «لاحترام الدستور والمواعيد الدستورية»، فإن الأكيدَ أن هذا الاستحقاق يبقى وفق أوساط مطلعة «الإشارة الأهمّ» لِما إذا كان اللبنانيون مستعدّين لمساعدة أنفسهم على التقاط سترة نجاةٍ لم تُسحب بعد من على الطاولة، وذلك عبر الدفْع نحو اختيار رئيسٍ قادر على لملمة ركام الانهيار المالي وترميم العلاقات مع الخارج ودول الخليج خصوصاً وبدء معالجةٍ ولو «الناعمة» لـ «أصل» المشكلة معها والمتمثلة بحزب الله ووضعيّته «العابرة للحدود».
وفي حين أكد البيان الختامي للقمة السعودية - الصينية «أهمية إجراء الإصلاحات اللازمة، والحوار والتشاور بما يضمن تجاوز لبنان لأزمته، تفادياً لأن يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية وحاضنة للتنظيمات والجماعات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، أو مصدراً أو معبراً لتهريب المخدرات»، لم يقلّ موقف مجلس التعاون الخليجي دلالةً بتشديده على «ضرورة تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوّله نقطة انطلاق للإرهابيين أو تهريب المخدرات أو الأنشطة الإجرامية الأخرى التي تهدّد أمن المنطقة واستقرارها»، و«على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس سيادتها الكاملة فلا يكون هناك أسلحة إلا بموافقة الحكومة اللبنانية، ولا تكون سلطة سوى سلطتها»، قبل أن يدين دعم ايران للميليشيات الطائفية في عدد من الدول وبينها لبنان.
وإذ برز موقف وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحان، الذي أكد رداً على سؤال «أنه يعود للبنانيين أن يقرّروا ما الافضل لهم، وما يقرّره اللبنانيون ستدعمه الدول العربية»، فإن مصادر متابعة استوقفها حضور ميقاتي في القمة العربية - الصينية واللقاءات التي عقدها على هامشها، وسط اعتبار موقع «لبنان 24» (التابع لميقاتي) أن زيارة رئيس الحكومة للرياض «فتحت آفاقا جديدة للعلاقات اللبنانية - السعودية، ينتظر أن تتبلور ملامحها في الفترة القليلة المقبلة، ولا سيما في ضوء الاتصالات واللقاءات التي عقدها»، ناقلاً عن الأخير أنه «مرتاح للمسار الجديد في علاقات لبنان والمملكة وللاهتمام الذي يوليه المسؤولون السعوديون للبنان والوضع فيه»، وتأكيده«ان لبنان مستمر في العمل لإعادة أواصر العلاقات الى سابق عهدها».
وكان ميقاتي التقى في الرياض سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وأشار الى انه «سيزور الكويت على رأس وفد وزاري مطلع السنة، وهناك العديد من الملفات التي سيتم بحثها»، قبل أن يجتمع مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ونظيره الجزائري ايمن عبدالرحمن.
وبرز في جدول اجتماعات رئيس الحكومة، اللقاء الذي عقده في مقر اقامته في الرياض مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي أكد أن بلاده «تقدر المساهمة الايجابية للبنان في تعزيز التعاون بين الدول العربية والصين».
وأضاف ان «الصين مهتمة بتطوير التعاون مع لبنان في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وهي مستمرة في دعم لبنان بكل ما يحتاج اليه لاسيما في هذه الفترة في مجال الطاقة المتجددة».
بدوره، شكر ميقاتي للصين «مساهمتها الفعالة منذ سنوات في حماية الاستقرار في جنوب لبنان عبر مشاركتها الفاعلة في قوات اليونيفيل».
وقال «إن لبنان يتطلع الى المزيد من الاستثمارات الصينية في لبنان، لاسيما في مجال البنى التحتية والتي للصين خبرات واسعة فيها». وتمنى ميقاتي «فتح الاسواق الصينية لمنتجات حرفية لبنانية».
في موازاة ذلك، كانت بيروت تَمْضي في «اللهو» بالصراع «اللاهب» حول الاستحقاق الرئاسي الذي يُخشى أن تكون تشابكتْ معه «معركة مبكّرة» حول رئيس حكومة العهد الجديد، في ضوء ما يبدو «حرب إلغاء» سياسية يسعى «التيار الوطني الحر» لشنّها على ميقاتي بخلفيات «موروثة» من المكاسرة بينه وبين الرئيس السابق ميشال عون حول تأليف حكومة ما بعد الانتخابات النيابية التي لم تولد، فورثت حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة الأولى منذ بدء الشغور (1 نوفمبر) لتعقد الاثنين الماضي، أول اجتماعٍ لها بالقبعة الرئاسية من فوق الـ «لا» المدوية من التيار الذي وجد نفسه «وحيداً» بعدما افترق عنه «حزب الله» الذي غطى الاجتماع الحكومي ولم «يمرّر» للنائب جبران باسيل ما بدا استخداماً لـ «سلاحٍ محرّم» عبر وضْع صدقية السيد حسن نصرالله و«وعوده» قيد تشكيكٍ اعتبره الحزب «غير لائق وغير حكيم».
ولم يكن عابراً أن «التيار الحر» رفع من وتيرة المعركة ضد «حلف اجتماع الحكومة» ساعياً لجعل الكنيسة المارونية «خط دفاع» أمامياً عن مطاحنةٍ تبقى ساحتها الحقيقية الانتخابات الرئاسية التي يرفض باسيل أن يصطفّ فيها مع خيار سليمان فرنجية، الذي يدعمه «حزب الله»، ولا يفصح حتى الساعة للحزب عمّن يريده للرئاسة، ما يُخفي وفق بعض الدوائر أنه لم «يرفع الراية البيضاء» بعد عن إمكان دخوله «المستحيل» قصر بعبدا، وإذا تنحّى جانباً فسيريد أقلّه «كلمة» من نصرالله بأن يكون التالي في الرئاسة بعد فرنجية، أو ربما بعد قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي لا فيتو للحزب عليه والذي انتقل أمس، الى قطر تلبية لدعوة من وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني «للبحث في سبل استمرار دعم الجيش خلال هذه المرحلة».
وإذ كان لافتاً أمس تحديد نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم «3 مواصفات اساسية يجب أن يملكها الرئيس القادم: أولاً رعاية خطة للإنقاذ الاقتصادي المالي، ثانياً القدرة على التواصل والتعاون مع كل الأطراف الموجودين على الساحة، وثالثاً ألّا يكون استفزازياً بل يعمل بهدوء لمعالجة القضايا الخلافية»، لم يكن عابراً «إغراق» التيار بكركي بمنازلةٍ تحت يافطة «حقوق المسيحيين» وذلك عبر زيارتين بفارق ساعات قليلة قام بهما الجمعة كل من باسيل ثم عون للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وبدت المواقف التي أطلقها عون وباسيل مؤشراً إلى أن تشظيات اجتماع الحكومة مازالت تتطاير وتتجه لتعقيدات إضافية بأكثر من اتجاه وبعضها بين التيار و«حزب الله»، لاسيما بحال تكررت الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء، علماً أن رئيس التيار أعلن أنه وضع الراعي «بتفاصيل خطورة وضخامة وفظاعة ما حصل»، مشدداً على أنّه «ضرْبٌ للجمهورية وللكيان ولكل ما تعنيه الشراكة والميثاق والصيغة والأسس التي قام عليها هذا البلد»، قبل أن يعلن عون أن هناك «كلاماً مباحاً» لن يقوله الآن لأنّ «الأزمة كبيرة» والظرف قضى راهناً بوجوب «أن نستودع غبطة البطريرك الوضع الحالي وما فيه من حقوق غير مصانة وضرب للميثاق والدستور».
أما الراعي فنُقل عنه ان «ما حصل من عقد لجلسة مجلس الوزراء ما كان لازم يصير خصوصاً أنّ أطرافاً عدة كانت غائبة عن الجلسة».