عدد مدارس دولة الكويت يبلغ 1146 مدرسة، ما بين حكومية وعربية وخاصة، ويبلغ عدد الطلبة 522220 طالباً وطالبة ويبلغ عدد المُعلّمين والمُعلمات 92122.
وعندما يقف المواطن متأملاً هذا الزحف البشري من أبنائنا الطلاب والطالبات وهم يستقبلون كل عام بمختلف مراحلهم التعليمية، حياتهم الأكاديمية بكل حيوية ونشاط يحق له أن يتساءل ما مصير هذه الثروة البشرية؟ وعلى مَن يقع عبء توجيههم وإرشادهم؟ هل المسؤول الأول الحكومة والوزاره؟ أم البيت؟ أم المدرسة؟ أم المسجد؟ والحقيقة أننا جميعاً مررنا بهذه المحطات في حياتنا، وقد مرّت علينا كلمح البصر! وما زال البعض منا يستذكر بشرف بعض الرموز من المعلمين والمعلمات والمدرسين من الطراز الأول، وكيف كان تدريسهم للمادة بحيث يكون الإلقاء مباشرة وبلا كتاب ولا دفتر تحضير، لكن تلمس فيه الصدق والإخلاص والثروة العلمية التخصصية الغزيرة في المادة، وهذا ما نفقده اليوم رغم ثورة التكنولوجيا ووفرة المعلومات وكثرة وسائل الإيضاح التي شكّلت في النهاية عبئاً دراسياً ثقيلاً امتلأت به عقول الطلبة، بحيث أصبحوا عاجزين عن حفظ قصار السور بل يكتفون بعدد من الآيات من الذكر الحكيم!
إنّ مادة التربية الإسلامية ليست مادة على هامش الدراسة والتعليم، وإنما يُفترض فيها أن تكون المادة المسيطرة على عقل وضمير الطالب.
والمدرس هو الذي يتحمّل ذلك كله، وهذا ما لا يقدر عليه إلا مُعلّم ملتزم بأهداب الدين ومتفهم لواقعه، وهذا هو أملنا بالإخوة مدرسي مادة التربية الإسلامية والثقافة الإسلامية.
والأمل في مدرس الدين الإسلامي أن يكون قدوة ومناراً يُهتدى به، ولكن عندما يفقد هذه الصفة يصبح استمراره في تدريس الدين كارثة كبرى تُرتكب في وزارة التربية والتعليم!
فالإسلام ليس مادة كبقية المواد العلمية أو النظرية، بمعنى ليس مجرد علم يُنقل؟ حيث إن المدرس مطلوب منه أولاً أن يلتزم بما يدعو الناس إليه، ويترك كل ما ينهاهم عنه وإلا فلا أثر لكلامه «يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتابُ بطنه فيدورُ بها كما يدورُ الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار. فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه».
هذه إذاً المسؤولية الملقاة على عاتقكم واحذروا من نزغات الشيطان، لا يصرفكم عن الإخلاص لله تعالى في عملكم فتُحرمون الأجر وتحملون الوزر...
فمن ذلك على سبيل المثال، فقد يكون المُعلّم الواعظ صادقاً قاصداً للنصيحة، إلا أن منهم من شرب حب الرئاسة في قلبه مع الزمان فتجده يُحبّ أن يُعظّم وعلامة ذلك أنه إذا ظهر مُعلّم آخر ينوب عنه، أو يعينه على الخُلق كره ذلك في قرارة نفسه، ولو صح قصده لم يكره أن يعينه أحد على خلائق الخلق وتربيتهم!
وصنف آخر من المعلمين تجده حافظاً للقرآن ولكنه جعل من الشعر والوعظ معاشاً يستمنح به الأمراء والظلمة ويتكسّب بكثرة التنقل في البلدان، ويخلط في مجالسه الرجال والنساء ويرى النساء يُكثرن الصياح والنوح وجداً على زعمهن فلا ينكر ذلك عليهن جمعاً للقلوب وتأليفاً لهن عليه!
مع حثه على الزهد وقيام الليل ثم لا يُبيّن للعوام القصد من العبادة، وهو التقوى ولا يوضح مخاطر المحرمات فتجد الناس يذهبون للحرم في العشر الأواخر من رمضان للاعتكاف ثم يعودون ويُرابون ويتاجرون بالمحرمات، فإذا كان معلمو التربية الإسلامية والمربون والمدرسون على هذه الحال فمتى يرجع صاحب الزنا ومستعمل الربا وتعرف المرأة حق زوجها وتحفظ صلاتها؟ هيهات!
هؤلاء تركوا الشرع وراء ظهورهم ولهذا نفقت سلعتهم، لأن الحق ثقيل والباطل خفيف فهل وصلت الرسالة؟