ارتدادات جلسة الحكومة اللبنانية تتدحرج وبري «ينسحب» من مرمى النار
باسيل يُصعّد بوجه «حزب الله»: دورُنا سلاحُنا وأغلى من أيّ تَفاهُم
- بري أرجأ جلسة البرلمان اليوم لمناقشة العريضة الاتهامية بحق 3 وزراء اتصالات سابقين
- بين باسيل و«حزب الله»... فتِّش عن الرئاسة
عَكَسَ الانسحابُ المدروسُ لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري من «مرمى النار» بتأجيله الجلسة العامة التي كانت مقرَّرة اليوم لمجلس النواب لمناقشة العريضة الاتهامية بحق 3 وزراء اتصالات سابقين، حجمَ الاحتقان السياسي - الطائفي الذي تَطايَر من اجتماع مجلس الوزراء (أول من أمس) والذي بدت معه البلاد في فوهة استقطاباتٍ حادة على جبهاتٍ متشابكة بما كَرَّسَ أن أزمة الانتخابات الرئاسية مازالت في مرحلةٍ حامية من لعبة «مَن يصرخ أولاً» في الداخل، وفي الوقت الضائع الفاصل عن تشكيل رافعة خارجية بتقاطعاتٍ اقليمية – دولية تسمح بوضع «بلاد الأرز» على سكة «التقاط الأنفاس» والخروج من قعر الانهيار الكبير.
فبعد مواقف معلَنة للكتلة المسيحية الأكبر (القوات اللبنانية) ونواب حزب الكتائب والتغييريين برفْض حضور الجلسة العامة للبحث في الادعاء على وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح، وذلك تحت عنوان أولوية الملف الرئاسي وأن البرلمان الملتئم لانتخاب رئيس «يُعتبر هيئة انتخابية لا اشتراعية ويترتّب عليه الشروع حالاً بانتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أيّ عمل آخر»، وفيما كانت كتلة «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر وحلفاؤه) تتجه لموقف مماثل، تفادى بري تلقّي ضربة سياسية - معنوية عبر تأجيل الجلسة «بعدما تمنّت هيئة مكتب المجلس تأجيلها إفساحاً في المجال لمشاركة غالبية الهيئة العامة».
وبدا هذا التطور في سياق تفادٍ مزدوج، أولاً لإذكاء الارتدادات التي تَرتَّبت على عقد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي جلسةً مثيرة للجدل توافر نصابها بمعزل عن إرادة «التيار الوطني الحر» ورئيسه جبران باسيل الذي وجد نفسه معزولاً وفي وضعيةٍ سُحب معها من يده «دَسَم» الثلث المعطّل الذي كان يعتقد أنه يملكه وذلك بعدما نَقَل الوزير جورج بوشكيان (هو جزء من تكتله النيابي عبر حزب الطاشناق) «البارودة» إلى كتف الرئيس نجيب ميقاتي وأمّن غالبية الثلثين الشَرْطية لالتئام أول جلسة لحكومة تصريف الأعمال بصفة «رئاسية» منذ بدء الشغور في الكرسي الأول في 1 نوفمبر الماضي.
وثانياً لمنْع باسيل من التعويض عن «الجِراح» العميقة التي خَرَجَ بها من امتحان جلسة الحكومة والتي ستؤثّر في «وزنه» طوال مرحلة الشغور، والتي حُفرت بـ«شراكة» بين ميقاتي و«حزب الله» حليف التيار، وسط انطباعٍ بأن باسيل كان سيستظلّ موقف الكتل الأخرى الرافضة انعقاد الهيئة العامة للبرلمان ويستخدم إكماله نصاب تطيير الجلسة النيابية لقطف «انتصارٍ» سريع على قاعدة أن العملَ التشريعي لمجلس النواب في زمن الفراغ الرئاسي سيكون «كبش المحرقة» رداً على «الصفعة» التي تلقاها حكومياً ويعتبر أن بري كان الدافع الرئيسي لها.
ورأت أوساط سياسية أن «التريث» في جلسة البرلمان حَمَلَ أيضاً أبعاداً أريد منها عدم الإمعان في استفزاز باسيل، الذي انبرى بعد اجتماع تكتله النيابي عصر أمس لهجومٍ عنيف على ميقاتي والثنائي الشيعي، معلناً في إشارة إلى «حزب الله» ان «وجودنا الحر أغلى من ايّ تفاهم» و«ما حصل ليس اقل من سطو على موقع الرئاسة وعن سابق تصور وتصميم ومن خارج الدستور، والمعادلة التي حاولوا فرضها بأنه هكذا نتعاطى معكم ليأتي الرئيس الذي نريده، هذا لا يمشي معنا»، مؤكداً «صرنا أمام جمهورية بلا رئيس ولا توقيعه ولا الوكلاء عنه ولن نقبل بذلك مهما كلّف الأمر ولن يمر، وهذا يؤكد وجود غاية دفينة بوضع اليد على البلد دون رئيس واخذ صلاحياته».
وأعلن «ان ما حصل أن البعض قرّر تغييب مكون عن مجلس الوزراء وكأن هناك عودة الى زمن ولّى: إما نفي أو حبس أو قتل ولا عودة لما قبل 2005 ومَنْ يتعاطى معنا هكذا ليعمل حسابه على أساس أننا لن نقبل بمثل هذه العودة».
واعتبر «أن مشكلتنا ليست مع ميقاتي وهو أعجز عن القيام بذلك بلا مشغّليه، ومشكلتنا مع الصادقين الذين نكثوا بالوعد والضمانة وهذه ليست المرة الأولى بالفترة الأخيرة»، مذكراً بتعطيل الثنائي الشيعي جلسات مجلس الوزراء 4 أشهر في محاولة للإطاحة بالمحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار وبـ«أننا تضامنا معهم ووقفنا معهم سنتين في الشارع (بين 2006 و2008) لأنهم خرجوا من حكومة سميت حكومة بتراء»، وقال: «الشراكة الوطنية والحزبية حين تنكسر تصبح عرجاء».
وإذ قال: «كثر سيقولون لنا لا تتركوا خصومنا يشمتون فينا»، اكد «الأصح ألا يحصل هذا على حساب وجودنا وحريتنا، فدورنا هو سلاحنا ولا نتنازل عنه إلا لشيء بيحرز أي لمصلحة البلد»، معتبراً أن ما حصل كان هدفه «كسر الإرادة والاستفزاز، وإذا كان احد يعتقد أنه يضغط علينا بالرئاسة نقول هذا لا ينفع معنا، وأميركا لم نخضع لها دفاعاً عن قناعتنا وحريتنا».
وأعلن «أن مَنْ اتخذ قراراً بأن ينفخ زنود ميقاتي ليراجع قراره ويعيد حسابه، وما جرى لا يمرّ تحت اي عذر، لا الاستقرار داخل المكون الشيعي ولا درء الفتنية او من اجل الناس، ولن نقبل بالقرارات المطلوب العودة عنها أو إسقاطها قضائياَ ونحن نرفض النتائج ومنْعنا سيستمر لاي جلسة لاحقة وكل الوسائل متاحة، سياسياً وقضائياً وشعبياً».
ورسمت الاندفاعةُ الهجومية بالسقف الأعلى لرئيس «التيار الحر» على الأقربين قبل الأبعدين مَحاذير أمام تكرار الدعوة لجلساتٍ حكومية بمَن حضر ولو بهيئة تصريف الأعمال، وسط انطباعٍ بأن مرور جلسة الاثنين «على حافة الثلثين» لا يسمح بإطلاق يد ميقاتي وداعميه في هذا الإطار خشية خروج الأمور عن السيطرة، إلا إذا كانت عملية الضغط المتعدّد الاتجاه في الملف الرئاسي والتي تتركّز بين باسيل و«حزب الله» ستَمْضي من دون سقوف، مع ما سيعنيه ذلك من وضع علاقتهما أمام مفترق هو الأدقّ منذ تفاهم مار مخايل 2006.
وفيما كان موقع «لبنان 24» (التابع للرئيس ميقاتي) يشنّ هجوماً على باسيل «دونكيشوت الجمهورية» الذي لا ينفكّ «يفتعل معارك مجانية لتوجيه الرسائل الى الجميع على قاعدة»أنا موجود«ولكنه هذه المرة ايضا أخطأ في التوقيت والمضمون»، معتبراً أن خلاصة جلسة الحكومة أعادته «الى حجمه الطبيعي، بعدما بات انتفاخه عبئاً على البلد»، لم يكن ممكناً الجزم بالمدى الذي سيذهب إليه التيار في معاندةٍ «شاملة» لتسيير عمل حكومة تصريف الأعمال ولو بالحدّ الأدنى كما لتحرير عمل البرلمان تشريعياً، والأهمّ لملاقاة «حزب الله» في خيار سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
وفي حين يدور الملف الرئاسي في دائرةٍ مقفلة ستتكرّس في جلسة الانتخاب في البرلمان غداً، يسود «همْسٌ» في الكواليس عن أن رئيس «التيار الحر» يريد أقلّه لقاء تسهيل وصول زعيم «المردة» الحصول على «وعد» من «حزب الله» بأن يكون «التالي» بعد فرنجية، وهو ما لن يكرّره الحزب الذي اكتفى وربما «اكتوى» من منْح وعودٍ رئاسية اقتصرت «لمرة واحدة ونهائية» على عون.
تحرك أمام سلطات أوروبية وأميركية لفرض عقوبات على سياسيين ومصرفيين
تقدّمت رابطة المودعين اللبنانية ومنظمة «المحاسبة الآن» (السويسرية)، بطلب أمام سلطات اوروبية وأميركية يرمي لفرض عقوبات تشمل سياسيين ومصرفيين وكبار موظفين متهمين بعرقلة الإصلاح الاقتصادي والمالي، والإمعان في الهيمنة لمصالح خاصة مقابل زيادة فقر عموم اللبنانيين.
يأتي ذلك كما جاء في بيان صدر عن الطرفين تماشياً مع إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي الصادر في يوليو 2021. وقد حدّد الالتماس المكوّن من 120 صفحة المبررات القانونية للعقوبات.