بدء العدّاد العكسي مصرفياً لإحلال 70 في المئة من موظفي الإدارات العليا والوسطى بكويتيين
13 شهراً لسيطرة «الغترة والعقال» على البنوك
- لا تفريط رقابياً بمعايير شغل الوظائف التنفيذية ولو كان المرشح كويتياً
- أزمة 2008 العالمية استحدثت تخصصات غير مدرجة بمخرجات التعليم محلياً
- البنك الذي لن يستوفي النسبة سينكشف على العقاب ما لم تكن أسباب إعاقته وجيهة
- العمالة الوطنية في البنوك الكويتية بين 71 و84 في المئة… المشغّل الأعلى بالقطاع الخاص
- نقص معروض تخصصات المخاطر وتكنولوجيا المعلومات وأمنها والرقمنة تحدٍ رئيس
- التحرك لتأهيل العمالة الوطنية لم يعُد مقتصراً على مستوى البنك بل يشمل إداراته الثلاث
- «المركزي» يلزم البنوك بمسارات واضحة معتمدة من مجالس إداراتها لبلوغ المستهدف زمنياً
انتهى بنك الكويت المركزي قبل فترة من تحديث خطط البنوك لتكويت 70 في المئة من الإدارات العليا والوسطى وعموم موظفي البنوك، ليبدأ مع ذلك العدّاد العكسي للمهلة الممنوحة رقابياً للمصارف والتي تنتهي بعد 13 شهراً، وتحديداً بنهاية 2023.
ولعل المتغير الذي طرأ بإستراتيجيات البنوك لإحلال العمالة الوطنية، أنها لم تعد تُحسب على مستوى البنك ككل، بل بمسار واضح للوصول بالتكويت إلى 70 في المئة على الأقل في الإدارات العليا والوسطى مدعومة بخطط واضحة ومعتمدة من مجالس الإدارات، ما يجعلها مقيّدة بتوزيعة أكثر تحديداً لديموغرافية كل بنك وظيفياً.
بمعنى أن التكويت المخطط له لم يعد مقتصراً على قياس نسبة من إجمالي موظفي البنوك، بل محددة بـ70 في المئة من كل إدارة، وبذلك بات التكويت المستهدف غير قاصر على منفّذي السياسات المصرفية، بل يتضمّن صانعيها، والتنفيذيين الرئيسيين.
ومعلوم أن القطاع المصرفي يُعد أكبر مُوظِّف للعمالة الوطنية بعد الحكومة، حيث بادرت البنوك إلى تأهيل أكبر قدر من الكفاءات الوطنية لترفد بها احتياجات القطاع، فيما عملت على تنمية رأس المال البشري عبر مجموعة مبادرات، علماً بأن نسبة العمالة الوطنية بالبنوك الكويتية تتراوح بين 71 و84 في المئة.
وارتفع متوسط نسبة العمالة الوطنية في كل البنوك المحلية (البنوك الكويتية وفروع البنوك الأجنبية) من 34.9 في المئة عام 2000 إلى 77.3 في المئة نهاية الربع الثاني 2022، وفي البنوك الكويتية ارتفعت لتصل 77.5 في المئة، وهي نسبة تفوق المقررة للمصارف.
منسوب التكويت
وعملياً لا يُعد الحديث المصرفي عن رفع منسوب التكويت جديداً، فتاريخياً حدّد «المركزي» للبنوك مهلة زمنية لتقديم خططها لتوطين وظائف الإدارات العليا والوسطى، وتم تحديد ذلك بمهلة أقصاها نهاية يونيو 2021.
لكن البنوك ولاعتبارات عدة لم تُفلح في بلوغ المستهدف، لاسيما بالخطوط الوسطى من مديري قطاعات ونواب ومساعدي المديرين، وبين أسباب ذلك تحديات تتعلق بندرة توافر شاغري الوظائف التخصصية وفقاً للاشتراطات الرقابية المحددة، وفي مقدمتها إدارة المخاطر والتدقيق وتكنولوجيا المعلومات، وأمن تكنولوجيا المعلومات والتحوّل الرقمي.
ولفتت المصادر إلى أن غالبية هذه التخصصات استُحدثت مصرفياً بعد أزمة 2008 العالمية، والتي دفعت البنوك المركزية العالمية لإلزام البنوك بها، في وقت لم تكن مخرجات التعليم المحلية مستعدة لمقابلة الطلب المستقبلي على هذه الوظائف.
معروض بشري
وبيّنت أن عدم توافر المعروض البشري التخصصي المناسب بالسوق يُشكّل التحدي الأبرز الذي تُعاني منه جميع البنوك، سواء المحلية أو الأجنبية، مشيرة إلى أن تغيير الاشتراطات التي حددها الناظم الرقابي بخصوص ملء الوظائف التنفيذية يزيد صعوبات تنفيذ هذا التوجه أمام البنوك، وأن الأكثر تقدماً رقابياً ومصرفياً عن التكويت هو ضمان سلامة النظام المصرفي، والذي يتحقق بالتأكد من جودة كوادره البشرية.
وذكرت المصادر أنه بسبب الحاجة إلى استيفاء نسبة التكويت خلال توقيت محدد لملء الشواغر الوطنية تضطر بنوك عدة إلى رفع تنافسيتها على استقطابها برواتب ومزايا أعلى، ما يضغط على الاستقرار الوظيفي، ويجعل الاستعجال معياراً في الاختيار.
وما يستحق الإشارة إلى أن المصارف الأجنبية تواجه صعوبة أكبر لتلبية متطلبات التكويت بالنسبة المستهدفة، فإلى جانب عدم كفاية المعروض، تواجه إشكالية الكلفة المرتفعة، وعدم قدرتها على منافسة البنوك الكويتية باستقطاب العمالة الوطنية، فضلاً عن انخفاض حصتها السوقية من الأعمال، وبمعدلات كبيرة قياساً بحصص البنوك الكويتية.
تعزيز الحضور
لكن ماذا إذا لم يستطع أيّ من البنوك استيفاء مستهدفه من العمالة الوطنية في المهلة المحددة؟
من حيث المبدأ، أشارت المصادر إلى أن التعميم جاء في إطار السعي الإستراتيجي من «المركزي» نحو تعزيز حضور الكفاءات الوطنية في القطاع المصرفي على جميع المستويات الوظيفية، ما يعكس رغبة رقابية قوية في التعاون مع البنوك لتحقيق ذلك.
وأكدت المصادر أن الناظم الرقابي يعي جيداً تحديات سوق العمل المصرفي لتوطين القطاع وفقاً للنسب المستهدفة، دون أن يخل ذلك بشروط اختيار الكفاءات.
وشدّدت على أن «المركزي» لن يفرّط في المعايير المنصوص عليها لشغل الوظائف المصرفية، خصوصاً التنفيذية ولو كان المرشح كويتياً، ما يستلزم مصرفياً تأهيل وتدريب البنوك عمالتها الوطنية على نحو يستقيم مع الشروط الرقابية.
وأفادت بأن «المركزي» يتفهم خصوصية القطاع المصرفي وحاجته لموظفين نوعيين في وقت تواجه البنوك تعقيدات تراجع معروض العمالة الوطنية ببعض القطاعات التي لا تجد إقبالاً واسعاً من الكويتيين، أما في ما يتعلق بالمناصب القيادية فنوّهت إلى أن نسبة التغطية الفعلية من الخبرات الكويتية تظهر أنها تمثل نسباً مقبولة ولا تُثير أيّ اختلالات وظيفية.
وحول الإجراءات الرقابية المرتقب اتخاذها مع البنك غير الملتزم ببلوغ نسبة التوطين المستهدفة بنهاية 2023، بيّنت أنه سيكون منكشفاً على جزاء عقابي متعلق بمخالفة التوجيه الرقابي، خصوصاً إذا لم تكن لديه أسباب وجيهة لعدم بلوغه النسبة المحددة. وفي حال اقتناع «المركزي» بوجاهة أسبابه، سيلزمه بمهلة إضافية على أن يكون ذلك مرتبطاً بتقديم مسار محدد لذلك بإطار زمني إضافي.