وصفه بإعلان نوايا بعضها مستحقة وأخرى لا يمكن تنفيذها دون آليات محدّدة
«الشال»: أخطاء برنامج الحكومة تُوحي بتجميع متسرّع
- الحل ليس في العناوين التسويقية بل بمصارحة الناس بأن درب الإصلاح الجذري له تكاليفه
- هناك حاجة خلال الـ 100 يوم الأولى لصياغة آليات تحوّل إعلان النوايا إلى برنامج عمل
- البرنامج ينص على إنشاء مجلس السياسات والحوكمة بديلاً لـ «التخطيط» ويُكلّف «أمانته» بمراجعة تسعير الخدمات!
- تأسيس هيئات عامة دون التطرق لكيفية التعامل مع أكثر من 50 منها بلا عمل حقيقي
علّق مركز الشال للاستشارات الاقتصادية على برنامج عمل الحكومة، مشيراً إلى أنه «لا يعتقد اجتهاداً بأنه برنامج عمل، وإنما إعلان نوايا، بعضها نوايا مستحقة لابد من دعمها، وبعضها الآخر لا يعتقد بإمكانات تحقيقها من دون رفد البرنامج بآليات محددة للتنفيذ».
ولفت «الشال» في تقريره الأسبوعي إلى أن تحقيق بعض هذه النوايا مناقض لتحقيق أخرى، لذلك فإن هناك حاجة خلال المئة يوم الأولى لصياغة الآليات من أجل تحويل إعلان النوايا إلى برنامج عمل.
وذكر التقرير أنه «في الجانب الإيجابي، في الصفحة (8) منظومة من 15 تحدياً، معظمها صحيح وأنه ما زال ينقصها التحدي الأكبر وهو استدامة المالية العامة الحاضنة لها جميعاً، وفي الصفحة (9) بعض الأهداف المرتبطة برقم وبتاريخ نفاذ، المطلوب تحقيقها لمواجهة تلك التحديات، منها مثلاً تذويب المعضلة الإسكانية بنسبة 75 في المئة بحلول عام 2026، رغم أننا لا نعرف كيف سيتحقق، ومنها مثلاً الارتقاء بترتيب الكويت في مؤشر مدركات الفساد إلى المستوى 40 بحلول 2026، وأخرى أقل طموحاً ووضوحاً، وتظل إيجابية».
وبين أنه «في المحور السياسي 5 أهداف صحيحة، أولها إنشاء هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات العامة، ثم اعتماد البطاقة المدنية لسجلات الناخبين وتطوير العملية الانتخابية، وتعديل الدوائر الانتخابية ونظام الانتخاب، ومراجعة القوانين المتعلقة بالحريات العامة، ونضيف إليهم مشروع العفو الخاص، وكلها تطورات إيجابية طيبة، كما أنه ضمن الأهداف المستحقة، تفعيل جهود استرداد الأموال المنهوبة أو المبددة، إدارياً وقضائياً، وتعزيز الأمن السيبراني، والحرص على الرقمنة، وتبني نظام مخاصمة القضاء والتفتيش القضائي، وإن كنا نعتقد بضرورة تركه للسلطة القضائية ومقترحها لصيغة التشريع المطلوب».
مراجعة وشكوك
ولفت «الشال» إلى أن الجانب الذي يحتاج إلى مراجعة ويثير شكوكاً، بالحق أو بالخطأ، هو أن معظم تلك النوايا سبق لنا قراءتها في أدبيات كل خطط التنمية وبرامج الحكومات السابقة، وانتهى بنا المطاف إلى الاعتقاد بأن النوايا باتجاه، والتطبيق باتجاه معاكس، منوهاً إلى بعض الأخطاء في البرنامج التي توحي بأنه ربما يكون عملية تجميع متسرعة من دون وعي وإيمان كافيين بما كُتب، أحد أمثلتها في الصفحة (16) ضمن المحور السياسي، حيث ينص البند (1) على «إنشاء مجلس السياسات العامة والحوكمة بديلاً للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، ثم في الصفحة (42) يستمر تكليف الأمانة العامة للتخطيط مع وزارة المالية بمراجعة تسعير الخدمات العامة والمصروفات الرأسمالية، وفي الصفحة (57) يكلف الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية عضواً ضمن اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة برنامج عمل الحكومة»، كما أن هناك مثالاً آخر في الصفحة (32) في محور التعليم، إذ إن الهدف رقم (3) الخاص بالاهتمام في تخصص الأمن السيبراني بإشراف وزارتي التربية والتعليم العالي، مكرر نصاً برقم (5) وبإشراف وزارة التعليم العالي.
هيئات عامة
وأفاد التقرير بأنه «بينما هناك ضمن الأهداف إنشاء هيئات عامة جديدة، وربما مستحقة، لم يتطرق البرنامج لكيفية التعامل مع أكثر من 50 هيئة ولجنة ومجلس دائم معظمها بعمل مزدوج مع وزارات وهيئات أخرى، ومعظمها بلا عمل حقيقي»، مضيفاً «وفي الصفحة (8) ضمن منظومة التحديات الحالية، ينص التحدي الثاني على ارتفاع معدلات التضخم محلياً وعالمياً، وفي الإصدار الأول لبنك الكويت المركزي حول أبرز التطورات الاقتصادية الصفحة (3)، ما يشير إلى تباطؤ معدل التضخم في الكويت للشهر الخامس على التوالي ليبلغ 3.19 في المئة هبوطاً من 4.71 في المئة، والاثنان صادران في شهر نوفمبر، ولا نعرف أيهما أصدق».
وختم «الشال» تعليقه موضحاً «نحن نعرف بأن حجم الأذى الذي أصاب البلد خلال عقود فائتة كان كبيراً، وأن الإصلاح يتطلب وقتاً، وأن البلد بحاجة إلى نفحة أمل ولابد من دعمها إن وجدت، ولكن الحل ليس في العناوين التسويقية، مثل الرفاه المستدام، أو حل المشاكل الإسكانية جذرياً، أو آفاق رحبة للتعليم العالي، بل الحل بالمصارحة مع الناس والإقرار بأن الدرب إلى الإصلاح الجذري له تكاليفه، ولا خيار دونه ما دامت لا تزال إمكانية تحقيقه قائمة».
7.107 مليار دينار فائضاً متوقعاً في 2022/2023
لفت «الشال» إلى أنه بانتهاء نوفمبر، انتهى الشهر الثامن من السنة المالية 2022 /2023، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي الشهر الماضي نحو 90.2 دولار، أي أعلى بـ10.2 دولار للبرميل وبما نسبته 12.7 في المئة عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 80 دولاراً للبرميل، وأعلى أيضاً بـ45.2 دولار عن معدل السعر الافتراضي للسنة المالية الفائتة والبالغ 45 دولاراً.
وبيّن أن معدل سعر البرميل في نوفمبر أعلى بـ12.9 في المئة عن معدل سعر البرميل للسنة المالية الفائتة، وأعلى بـ9.8 دولار للبرميل عن سعر التعادل الجديد للموازنة الحالية البالغ 80.4 دولار.
وذكر التقرير أنه يفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية في نوفمبر بما قيمته 1.925 مليار دينار، وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما، فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية 28.552 مليار دينار، وهي قيمة أعلى بـ7.231 مليار عن تلك المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة 21.321 مليار، ومع إضافة 2.078 مليار إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 30.63 مليار دينار.
وأوضح أنه بمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 23.523 مليار دينار بعد تعديلها ارتفاعاً من 21.949 مليار، فمن المحتمل أن تسجل موازنة 2022 /2023 فائضاً قيمته 7.107 مليار، ولكن يظل العامل المهيمن والوحيد هو إيرادات النفط، ولأن وضع سوق النفط في ظروف الحرب الروسية - الأوكرانية وضع استثنائي، وأداء الاقتصاد العالمي المحتمل بات مكان قلق، وبدأت ضغوط إلى الأدنى على كل من أسعار النفط الذي انخفض معدل سعره من 106.9 دولار للشهور السبعة (أبريل – أكتوبر) إلى 90.2 دولار لشهر نوفمبر، أي بانخفاض 15.7 في المئة، كما انخفض إنتاج النفط بعد خفض «أوبك+» لإنتاجها بمليونَي برميل يومياً اعتباراً من بداية نوفمبر، وعليه انخفضت حصة الكويت بنحو 135 ألف برميل يومياً لتصبح 2.676 مليون برميل يومياً.