«إيكونوميست»: اتباع سياسات جذرية لتغيير نسبة الوافدين سيزعج المستثمرين الأجانب
تخفيف الجمود السياسي سيزيد الإنفاق الرأسمالي والاستثمار الأجنبي المباشر 2023
- 4 في المئة نمواً متوقعاً في الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل ومثلها فائضاً مالياً
- 5 في المئة زيادة مرجحة بمتوسط إنتاج النفط إلى 2.85 مليون برميل يومياً
- 1.415 مليون برميل يومياً طاقة تكرير مصفاة الزور عند اكتمال تشغيلها
- الحكومة ستسرّع جهودها لتحسين مناخ الأعمال والبيئة الرقابية
- السلطة التنفيذية ستعجز عن معالجة الدور الثانوي للكويتيين بالقطاع الخاص
- الطبيعة المتشعبة للسياسة الكويتية خطر على الإصلاحات الهيكلية
- تركيز على إصلاح القطاع العام مع أولوية لتقليص أعداد الوافدين
- مشروعات الشراكات المفضلة للحكومة لإحراز تقدم في البنية التحتية
استعرضت وحدة إيكونوميست إنتلجنس التابعة لمجلة إيكونوميست البريطانية في تقرير صدر عنها أبرز توقعاتها للاقتصاد الكويتي 2023، متوقعة إحراز بعض التقدم في معالجة التفاوت الكبير في نسبة الوافدين إلى الكويتيين البالغة 70:30 في اليد العاملة على المدى القصير.
ولفتت الوحدة إلى أن الحكومة ستواصل تطبيق سياسة ترحيل الوافدين المخالفين، ما سيكون له تأثير هامشي بتقليص عدد العمال الوافدين.
وأفادت بأنه بين يناير وأكتوبر الماضيين جرى ترحيل ما يزيد على 23 ألف وافد، لكن الحكومة ستكون عاجزة عن معالجة الدور الثانوي للكويتيين في القطاع الخاص في غضون عام، منوهة إلى أن اتباع سياسات أكثر جذرية لتغيير التوازن قد يؤدي إلى إزعاج المستثمرين الأجانب، وبشكل خاص الشركات المتعددة الجنسيات ذات اليد العاملة المتنوعة، ما سيقلص التدفقات المستقبلية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويعيق تسليم المشاريع القائمة، ويقلص في نهاية المطاف تنافسية الكويت مقارنة بنظيراتها الخليجيات.
ورجحت «إيكونوميست» بقاء التركيز على إصلاح القطاع العام مع إعطاء أولوية في 2023 لمزيد من التقليص للوافدين، لكن التقدم لن يكون واضح المعالم.
مشكلة ماثلة
وأشارت تقديرات «إيكونوميست» إلى أن الكويت سجلت نمواً اقتصادياً قوياً 2022، حيث اتسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 8 في المئة مع زيادة إنتاج النفط وارتفاع الصادرات (يشكل النفط نحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للكويت).
وتوقعت استمرار هذا الزخم في 2023، ولو بوتيرة أبطأ، كما رجحت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4 في المئة، أما نمو إنتاج النفط فسيظل دون المستوى المتوقع نظراً لتشديد حصص الإنتاج وفق اتفاقية «أوبك+».
وتوقعت بلوغ متوسط إنتاج النفط 2.85 مليون برميل يومياً 2023، مقارنة بـ2.7 مليون 2022، ما يمثل نمواً بـ5 في المئة تقريباً، مقارنة بـ11 في 2022، مبينة أنه رغم أن نمو صادرات النفط الخام سيواجه قيوداً، إلا أنه من المقرر أن يرتفع إنتاج مصفاة الزور وصادراتها بشكل حاد بعد بدء تشغيلها في نوفمبر، وعند التشغيل الكامل في 2023، ستعمل مصفاة الزور على توسيع طاقة التكرير من 800 ألف برميل في اليوم إلى 1.415 مليون، الأمر الذي سيرفع بحدة نمو الصادرات، لا سيما إلى أوروبا، خلال فترة تشهد فيها الإمدادات العالمية تشديداً مع استمرار العقوبات الغربية على صادرات النفط الروسية.
ولفتت إلى أن ارتفاع إنتاج الديزل والبنزين والكيروسين منخفض الكبريت من مصفاة الزور سيؤدي إلى تعزيز عائدات الصادرات الكويتية للمتبقي من الفترة المتوقعة 2023-2027.
انحسار الفائض
ورجّحت الوحدة أن يضيق الفائض المالي للكويت إلى نحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي 2023 مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى 89 دولاراً تقريباً العام المقبل مع تباطؤ الطلب من المستوردين الرئيسيين في أوروبا وآسيا، مشيرة إلى أن عائدات النفط تمثل عادة أكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية في الكويت، فيما أدى التوسع في الإنتاج وارتفاع سعر برميل النفط عالمياً بمتوسط 101 دولار في 2022 إلى تحقيق الكويت أول فائض في الميزانية منذ عام 2014، ليصل إلى 9.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم أن «إيكونوميست» تتوقع تقلص الفائض المالي للكويت 2023، إلا أن تخفيف الجمود السياسي بين الحكومة ومجلس الامة يرجح بسماح زيادة الإنفاق الرأسمالي في ميزانية 2023/2024، على أن يكون لذلك تأثيرات مضاعفة كبيرة على الاقتصاد غير النفطي.
وذكرت الوحدة أن نواب المعارضة يواصلون الضغط في ما يتعلق بالجهود المبذولة لمعالجة المشاريع الضخمة المتأخرة، مثل المنطقة الاقتصادية الشمالية وتوسيع مطار الكويت الدولي، والتي يتوقع أن تترجم إلى نمو متسارع عبر مجموعة من القطاعات، لا سيما البناء، والتي نمت بشكل هامشي في 2022.
الاستثمار الأجنبي
ورجحت الوحدة أن يؤدي تخفيف التوترات السياسية، جنباً إلى جنب مع التوقعات الاقتصادية القوية للكويت، إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر 2023، متوقعة تسارع مناقصات المشاريع المرتبطة بخطط التنويع الاقتصادي المرصودة في رؤية الكويت 2035، حيث تسعى الحكومة إلى تخصيص عائدات مكاسب النفط لزيادة الإنفاق الرأسمالي في ميزانية 2023/2024.
وأوضحت أن الشراكات بين القطاعين العام والخاص ستظل الطريقة المفضلة للحكومة لإحراز تقدم في مشاريع تطوير البنية التحتية الرئيسية، ما يخفف العبء المالي للاستثمار على المدى الطويل، حيث تنخفض عائدات النفط بشكل حاد خلال المراحل الأخيرة من فترة التوقعات.
ويتوقع أن تسرّع الحكومة جهودها لتحسين مناخ الأعمال والبيئة الرقابية كوسيلة لجذب معدلات أعلى من الاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك تعزيز توفير خدمات الجيل الخامس، ومع ذلك، ستظل الكويت في وضع تنافسي ضعيف مقارنة بجاراتها في الخليج من حيث جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وبينت الوحدة أن المخاوف المحيطة بالطبيعة المتشعبة للسياسة الكويتية، تمثل خطراً على الإصلاحات الهيكلية على المدى الطويل، وستواصل كبح تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى ما دون المأمول، نظراً للغياب النسبي لهذه المخاطر في أماكن أخرى من دول التعاون، فيما سيواصل النمو المتزايد للنفقات الرأسمالية في ميزانية 2022 /2023 الحد من تطوير البنية التحتية التي يمكن أن تجذب الاستثمار على المدى القصير، في وقت تقوم فيه الدول الخليجية المنافسة، ولا سيما الإمارات والسعودية وعُمان، بتكثيف مشاريع تطوير الطرق، والسكك الحديدية والبنية التحتية الرقمية والبنية التحتية الأساسية الأخرى.
الوضع السياسي
وعلى الصعيد السياسي، توقعت الوحدة أن تخف حدة الخلاف بين الحكومة ومجلس الأمة، وهو الخلاف الذي عطل بحدّة صنع السياسة في 2022 وأخّر إقرار موازنة 2022 /2023، لافتة إلى أن انتخابات سبتمبر المبكرة التي قررتها الحكومة على أمل كسر الجمود السياسي أدت إلى تحقيق المعارضة لمزيد من المقاعد في مجلس الأمة (33 من أصل 50)، الأمر الذي عكس تصاعد السخط الشعبي على سوء الخدمات العامة وملفات الفساد، في حين يواصل نواب المعارضة وأغلبهم من الإسلاميين والشخصيات الشعبوية مقاومة جهود الحكومة لتقليص عبء الإنفاق العام (مع العلم بأن الدعم الحكومي ورواتب القطاع العام شكلا 72 في المئة من الإنفاق العام في موازنة 2021 /2022).
وتوقعت «إيكونوميست» في الوقت ذاته أن تولي الحكومة أولوية لزيادة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع العقارية، استجابة لمطالب نواب المعارضة بمعالجة النقص المتزايد في المساكن بالبلاد، والذي يواصل دفع تكلفة الإسكان صعوداً ويضغط على دخل العائلات.
ذوبان الجليد وتأخير التعزيز المالي
نوهت «إيكونوميست إنتلجنس» إلى أن الدلائل الأولى تشير إلى مرونة أكبر من قبل الحكومة من أجل ذوبان الجليد في العلاقات مع مجلس الأمة، مدعومة بمساحة مالية ملائمة أكثر، في حين تعزز أسعار النفط المرتفعة توقعات الوحدة بتحقيق فائض بـ 4 في المئة من اجمالي الناتج المحلي في 2023 /2024، ما سيتيح للحكومة تأخير إجراءات التعزيز المالي المثيرة للجدل، والتي رفضت من قبل المعارضة، مثل الضريبة على الدخل الفردي وتخفيض الدعم الحكومي وتجميد أجور القطاع العام إلى ما بعد 2023.