في يوم الاثنين الماضي الموافق 28/ 11/ 2022، أعلن وزير المالية وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبدالوهاب الرشيد أنه أحال برنامج عمل الحكومة للفصل التشريعي 17 إلى مجلس الأمة. أي أن الحكومة الحالية تقدّمت ببرنامجها إلى المجلس بعد مرور 43 يوماً على تشكيلها في تاريخ 16/ 10/ 2022.
وفق النسخة المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتكوّن برنامج عمل الحكومة المعنون «وطن آمن ورفاهية مستدامة» من عشرة محاور برامجية، خامسها محور التعليم، وهو محور هذا المقال.
ولكن قبل الإشارة إلى ملاحظاتي على مشاريع هذا المحور، لابد من الإشارة إلى أن البرنامج في مجمله يعاني من غياب المشاريع التعليمية المساندة والملبّية لاحتياجات المحاور الأخرى.
فعلى سبيل المثال مجموعة مشاريع «تعزيز الممارسات الديموقراطية» في المحور السياسي تفتقر إلى مشاريع تعليمية توعويّة غرضها تحصين المجتمع من التضليل السياسي الذي تمارسه بخبث مجاميع إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنمية قدرته على الرقابة المتزنة لأداء النوّاب والتقييم الموضوعي للمرشّحين.
المجتمع متّكل ومعتمِد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر محايد وموثوق للأخبار والتحليلات السياسية.
لذلك لم يلحظ أو على أقل تقدير لم يُسائل النوّاب والنشطاء السياسيين عن أسباب التبدّل والتحوّل البيّن في مفهومهم وموقفهم تجاه الكثير من القضايا كالمهلة المتاحة لتقديم الحكومة برنامج عملها، وفق المادة 98 من الدستور.
فالنوّاب الذين قدّموا استجواباً – أحد محاوره التأخّر في تقديم برنامج العمل – لرئيس الحكومة الأسبق، الأولى في الفصل التشريعي السابق 16، بعد مرور 22 يوماً على تشكيلها؛ وإلى جانبهم ما يزيد على 33 نائباً أيّدوا الاستجواب خلال الساعات الأولى من تقديمه؛ معظم هؤلاء النوّاب تجدّدت عضويتهم في المجلس الحالي وتبدّدت وتبدّلت مواقفهم المبدئية، فسكتوا وتحنّنوا على الحكومة الحالية إلى أن أحالت – من دون ضغوط نيابية – برنامجها إلى المجلس بعد مرور 43 يوماً على تشكيلها، أي ما يقارب ضعف المدّة التي بسببها استجّوب رئيس الحكومة السابق.
المراد أن المجتمع في مجمله يوجه سياسياً من قبل مجاميع إعلامية نشطة في وسائل التواصل الاجتماعي، لذلك الممارسة الديموقراطية لا يمكن أن تعزّز ما لم تتبنّ الدولة مشاريع لتأسيس وبناء ثقافة الناخب السياسية عبر قنوات التوعية والتثقيف والتعليم كمدارس التعليم العام وكيانات التعليم العالي. لذلك أدعو النوّاب إلى مطالبة الحكومة إضافة مشاريع في برنامجها لإعداد وتأهيل الناخبين ضمن المحور السياسي.
لم أطّلع على الوثيقة التفصيلية لبرنامج عمل الحكومة الحالية، ولكن النسخة الموجزة المتداولة تظهر أن الجهد المبذول في إعداد محور التعليم أقل وأدنى من متوسط الجهود المبذولة في إعداد عموم محاور البرنامج. فعلى سبيل المثال، المشروع الخامس في المجال الثاني بمحور التعليم «الاهتمام في تخصص الأمن السيبراني ضمن خطط جامعة الكويت والبعثات الدراسية للخارج» مكرر المشروع الثالث في المجال نفسه.
لذلك، أدعو النوّاب عموماً، والأكاديميين والتربويين منهم بشكل خاص، إلى التدقيق في مشاريع محور التعليم والتحقق من شموليته وصلاحيته. فعلى سبيل المثال، أدعوهم للاستفسار عن أسباب استبعاد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب ومؤسّسات تعليمية وتدريبية أخرى عن مشروع الاهتمام في تخصص الأمن السيبراني.
كما أدعوهم إلى إعادة صياغة وتصميم مشروع «تعزيز مكانة الجهات المشرفة على التعليم العالي وجهات الاعتماد الأكاديمي» ليكون أكثر وضوحاً في وجهته نحو ترقية جودة التعليم العالي ومكافحة الشهادات الوهمية.
بشكل عام أدعو المجلسين إلى تبنّي وتحديد مؤشرات القياس ونسب الإنجاز السنويّة المستهدفة لجميع مشاريع برنامج عمل الحكومة، ثم دراسة إمكانية تعجيل الطارئ منها، وبالأخص تلك المقتصرة على قرارات وزارية، كمشروع الاعتماد الأكاديمي أعلاه... «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».
abdnakhi@yahoo.com