باريس تعتبر الزيارة «شرفاً يُمنح لفرنسا وليس لأي دولة أوروبية أخرى»

ماكرون يتناول مع بايدن حرب أوكرانيا و«النزعة الحمائية» ونفوذ الصين المتعاظم

ماكرون في قصر الاليزيه قبل توجهه إلى واشنطن مساء أمس (أ ف ب)
ماكرون في قصر الاليزيه قبل توجهه إلى واشنطن مساء أمس (أ ف ب)
تصغير
تكبير

باريس - أ ف ب - توجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء أمس، إلى واشنطن، في ثاني زيارة دولة له إلى الولايات المتحدة، ما يعتبره «شرفاً» يأمل في الاستفادة منه لإعطاء دفع لمساعيه الديبلوماسية في شأن الحرب في أوكرانيا، والاعتراض على «النزعة الحمائية» الأميركية.

من جهتهم، سيحاول الأميركيون بذل قصارى جهدهم لمنع أدنى احتكاك أو بيان بارد اللهجة، من التأثير على أول زيارة دولة ينظمها الرئيس جو بايدن.

وتستقبل واشنطن، الرئيس الفرنسي، غداً، بكل المراسم المرافقة لزيارة كهذه، من طلقات مدفع ومأدبة عشاء ومحادثات قرب المدفأة في المكتب البيضوي الشهير في البيت الأبيض.

وأشاد الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، الاثنين، بالرئيس الفرنسي «الديناميكي»، مؤكداً أن فرنسا هي «في صلب» كل القضايا الدولية، من الحرب في أوكرانيا إلى نفوذ الصين المتعاظم.

وأشار كيربي إلى أن بايدن «رأى أن (فرنسا) أكثر دولة مناسبة» لتنظيم أول زيارة دولة منذ دخول الرئيس الديموقراطي، البيت الأبيض.

في العام 2018، كان الرئيس الجمهوري دونالد ترامب دعا نظيره الفرنسي الشاب إلى اجتماع حظي بتغطية إعلامية واسعة.

غير أن التغطية الإعلامية لن تكون بالزخم نفسه هذه المرة، إذ إن ماكرون لم يعد وجهاً جديداً، والرئيس الديموقراطي الثمانيني يستقطب اهتماماً أقلّ من الملياردير الجمهوري.

لكن باريس لم تخف سرورها قبل بدء الرحلة باتجاه واشنطن، والتي يزور ماكرون خلالها نيو أورليانز، في وقت لاحق.

فقد اعتبر الجانب الفرنسي الزيارة «شرفاً يُمنح لفرنسا وليس لأي دولة أوروبية أخرى».

سيعمل الطرفان على تسوية الأزمة الفرنسية - الأميركية الأخيرة، من خلال تصريحات رسمية ولقاءات ذات طابع شخصي أكثر تشمل أيضاً زوجتي الرئيسين جيل بايدن وبريجيت ماكرون.

وكان التوتر بين بايدن وماكرون بدأ في سبتمبر 2021، بعدما أعلنت واشنطن عن تحالف دفاعي باسم «أوكوس» بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة أثار غضب فرنسا، لأنه نسف عقداً ضخماً كانت باريس لتزود بموجبه أستراليا غواصات، إلى جانب إبعاد باريس عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، المهمة.

وتقول الباحثة الضيفة في معهد بروكينغز في واشنطن سيليا بولان إن الزيارة تأتي في إطار التقارب الذي بدأ يحصل مذّاك الحين.

وتعتبر أن من مصلحة الأميركيين أن يحافظوا على علاقة وثيقة مع الحليف الفرنسي الذي يدعو إلى «استقلالية استراتيجية» لأوروبا.

وتضيف «ليست إدارة العلاقة مع الفرنسيين سهلة دائماً، لكن حين يتفق الفرنسيون والأميركيون، يساهم ذلك في الكثير من التقدّم».

«حلفاء من دون اصطفاف كامل»

إلى جانب الإجراءات البروتوكولية، تأمل الرئاسة الفرنسية بحوار «حازم».

وقال مستشار رئاسي فرنسي «نحن حلفاء من دون اصطفاف كامل» في المواقف.

ويظهر هذا التباين أولاً على صعيد الحرب في أوكرانيا. فمنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، يعتمد ماكرون موقفاً يُزعج واشنطن منذ فترة، إذ يعبّر عن دعمه الكامل لكييف من جهة، فيما يحبّذ التحاور مع موسكو من أجل إنهاء الحرب «حول طاولة المفاوضات» حين ترى كييف ذلك مؤاتياً.

ويواصل ماكرون موقفه الديبلوماسي «التوفيقي»، من خلال تنظيمه مؤتمراً في باريس في 13 ديسمبر المقبل، لدعم المقاومة المدنية في أوكرانيا، فيما يعد بالتحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «في الأيام المقبلة».

ويبدو أن واشنطن تقترب من الموقف الفرنسي، مذ تحدّث رئيس هيئة الأركان العامة الأميركية الجنرال مارك ميلي عن وجود «فرصة للتفاوض».

لكن ماكرون يريد أيضاً، عودة للاستجابة الاقتصادية المنسقة من جانبَي الأطلسي للأزمة التي أحدثتها الحرب في أوكرانيا، وأيضاً من ناحية الانتقال البيئي والمنافسة مع الصين.

في ما يخصّ المنافسة مع الصين، وهي مسألة حيوية لبايدن، الذي يعتبر التنافس مع بكين المحور الرئيسي في سياسته الخارجية، أقرّ مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض، بأن مواقف الأميركيين والأوروبيين ليست «متطابقة»، لكنه أشار إلى أن الجميع يتشارك الرغبة في «تحضير ردّ مشترك في مواجهة الصين».

وبينما تخطط الولايات المتحدة لاستثمارات ودعم ضخم بموجب قانون خفض التضخم (IRA)، يخشى الأوروبيون من تأثيرات هذا التشريع السلبية على منافسة شركاتهم في قطاعات مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والطاقة النظيفة.

فعلى سبيل المثال، سيرجح الدعم المخصص للمنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة، كفة شركة «تيسلا» الأميركية على سيارات «بي إم دبليو» الكهربائية الألمانية.

وأكدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن «لن نبقى مكتوفي الأيدي» في مواجهة خطة استثمار تعتبرها باريس حمائية النزعة.

من جهته، يسعى البيت الأبيض إلى تهدئة الوضع.

وقال كيربي «نحن مستعدون تماماً لإجراء هذا الحديث وإيجاد طريقة لمعالجة هذه المخاوف».

وفي حين يأمل ماكرون بالحصول على «استثناءات» لبعض القطاعات الأوروبية، يُدرك أنه من المستحيل أن يعيد بايدن النظر في البنية الكاملة لهذه الخطة الحيوية لولايته.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي