38.4 مليار دينار عجزاً تراكمياً في 8 سنوات استنزف سيولة «الاحتياطي العام»
«الشال»: وهمٌ... أي حديث عن استقرار اقتصادي ومالي ونقدي مستقبلاً بالوضع الحالي
- كل فجوات الاقتصاد الهيكلية لا تزال قائمة وتزداد
- الكويت متخلفة في فهم أهمية وحداثة ودقة أرقام الاقتصاد الكلي
- زيادة الإيرادات النفطية 91.8 في المئة وليس ترشيد النفقات ساهمت بردم عجز 2021/2022
- 2 في المئة نمو عدد الكويتيين في 2021... ضعف المعدل العالمي
- زيادة الإنتاجية تتطلب ارتقاءً بمستوى التعليم المتخلّف 4.8 سنة عن المستوى المتواضع
أشار مركز الشال للاستشارات الاقتصادية إلى أن وزارة المالية نشرت أرقاماً إجمالية للحساب الختامي للسنة المالية 2021/2022، منوهاً إلى أن إعلانها جاء متأخراً بأكثر من ثلاثة شهور عما اعتدنا عليه، إذ تم الإعلان عن أرقام الحساب الختامي للسنة المالية السابقة في 7 أغسطس 2021، وهو موعد متأخر أيضاً، بينما نُشرت الأرقام الحالية في 20 نوفمبر 2022.
وذكر «الشال» في تقريره الأسبوعي أن في ذلك مأخذ على تخلف الكويت في فهم أهمية حداثة ودقة أرقام الاقتصاد الكلي، وهو ما ينطبق على كل الحسابات القومية مثل الناتج المحلي الإجمالي والتضخم والسكان والعمالة... إلخ، منوهاً إلى أنه من دون حداثة ووفرة في التفاصيل، ودقة تلك الأرقام، فإن كل الحديث عن الإصلاح لا معنى له.
العجز الفعلي
وأفاد التقرير بأن بيان وزارة المالية أوضح بأن جملة إيرادات الموازنة الفعلية بلغت نحو 18.613 مليار دينار، وبلغت المصروفات الفعلية 21.604 مليار، وعليه أصبح العجز الفعلي 2.991 مليار دينار، انخفاضاً من عجز بـ10.773 مليار للسنة المالية 2020/2021، مبيناً أن الكويت حققت عجزاً متراكماً بدءاً من السنة المالية 2014/2015 إلى السنة المالية 2021/2022 بلغ نحو 38.4 مليار دينار ما تسبب في استنزاف كل سيولة الاحتياطي العام، واللجوء للاقتراض من السوق العالمي.
ولفت إلى أن ترشيد النفقات لم يساهم في خفض عجز السنة المالية 2021/2022، فالنفقات العامة الفعلية زادت بنحو 311 مليون دينار، مبيناً أن ما ساهم في خفض العجز زيادة الإيرادات بـ8.093 مليار، ضمنها 7.427 مليار زيادة الإيرادات النفطية، و666 مليوناً نصيب زيادة الإيرادات غير النفطية، أي أن زيادة الإيرادات النفطية ساهمت بـ91.8 في المئة بردم العجز، في حين يظل أمراً طيباً أن تعمل وزارة المالية على زيادة مساهمة الإيرادات الأخرى.
وأضاف التقرير «ثماني سنوات من العجز المتراكم دفعت إلى اللجوء للاقتراض من السوق العالمي، وأدت إلى نفاد كل سيولة الاحتياطي العام، إضافة إلى بيع أصول غير سائلة منه لاحتياطي الأجيال القادمة، ووقف تحويل الـ10 في المئة من جملة الإيرادات له، ولا شيء تغيّر في هيكلة السياسة المالية»، منوهاً إلى أن «كل فجوات الاقتصاد الهيكلية لا تزال قائمة وتزداد، ولا إيرادات ضريبية توحي بنشاط إنتاجي اقتصادي مستدام، والواقع أن إيراد الضرائب والرسوم انخفض قليلاً في السنة المالية الفائتة».
وأكد أن تركيبة الموازنة لا تزال منذ عقود هي نحو 90 في المئة للإيرادات النفطية، فيما لا يزال ميزان العمالة غير مستدام وأكثر من 83 في المئة عمالة مواطنة في القطاع العام، لافتاً إلى أن هذه هي خلاصة دروس السنوات المالية الثماني العجاف الفائتة التي بلغت عجوزاتها المتراكمة نحو 38.4 مليار دينار، وقراءة في ميزانية 2022/2023، لا تؤكد فقط استمرار تلك الاختلالات الهيكلية، وإنما تؤدي إلى توسعتها.
وأفاد التقرير بأن الاستقرار الاقتصادي والمالي وحتى النقدي، من منظور الدول ليس صورة فوتوغرافية لوضع في نهاية عام، وإنما خلاصة عملية إسقاط على مستقبل تلك المؤشرات تؤكد استدامتها على مدى طويل من الزمن.
عدد السكان
من جهة أخرى، أوضح «الشال» أنه وفقاً لصندوق النقد الدولي، بلغ عدد سكان العالم أكثر قليلاً من 8 مليارات نسمة بتاريخ 15 نوفمبر 2022، بعد أن كان 7 مليارات قبل 12 عاماً، أي أن العالم أضاف مليار نسمة إلى عدد السكان في تلك السنوات القليلة، أو ما نسبته 14.3 في المئة، مشيراً إلى أن ذلك تحقق رغم أن معدلات نمو سكان العالم في هبوط متصل من أكثر من 2 في المئة سنوياً في النصف الأول من ستينات القرن الفائت، إلى نحو 1 في المئة في بداية العقد الحالي، ومن المتوقع لها الهبوط إلى 0.8 في المئة بحلول 2050.
وبين أن دراسة «صندوق النقد» تتوقع أن تصبح الهند الأعلى في عدد سكانها في العالم عندما تتفوق على الصين في 2023 رغم أن مسار هبوط معدل نموها السكاني مرجح أن يصل إلى أدنى من معدل نمو سكان العالم للفترة 2020-2040 المقدر بـ0.8 في المئة، بينما للهند بحدود 0.7 في المئة.
وذكر أن مثار قلق الدراسة، ليست حجم السكان أو عددهم، وإنما الأعمار، فالتركيبة العمرية للسكان ستميل وبشدة للفئات العمرية الأعلى خلافاً للسابق، فمعدل عمر الإنسان كان في 1913 نحو 34 عاماً، وأصبح في 2022 نحو 72 عاماً، وربما كان أعلى بسنتين قبلها، ولكن فقدان حياة نحو 15 مليون نسمة بسبب مباشر أو غير مباشر لجائحة كورونا، هبط بذلك المعدل، ومن المقدر أن يعاود الارتفاع ليبلغ 77 عاماً بحلول 2050. وفي منتصف أربعينات القرن الفائت، كان عدد السكان أقل من 15 سنة نحو 7 أضعاف عدد السكان بعمر 65 سنة وأعلى، فيما تشير إلى أن الفئتين ستصبحان متساويتان بحلول 2050.
التغيير الجوهري
وبين «الشال» أن هذا التغيير الجوهري في التركيبة العمرية للسكان سيؤدي إلى ارتفاع عدد الدول التي تشكو من تناقص عدد السكان من 41 دولة في العام الجاري، إلى 88 دولة بحلول 2050، ما قد يعني أن العالم بات يحتاج إلى نحو 20 سنة حتى يضيف ملياراً آخر إلى عدد سكانه وليس 12 عاماً، ترتفع خلالها نسب السكان ممن هم بحاجة للإعالة، وينخفض عدد السكان في سن النشاط الاقتصادي.
ولفت إلى أن الدراسة تنصح بالاستثمار في رأس المال البشري وتحديداً العلوم الحديثة مع تركيز على التعليم العام حتى المرحلة الثانوية، على أمل الارتقاء بمستوى الإنتاجية لتعويض ما يُفتقد باختلال التركيبة العمرية.
وتابع التقرير «الكويت ليست استثناء في الهبوط المتصل لمعدل زيادة أعداد السكان المواطنين، فقد بلغ ذلك المعدل 3.8 في المئة في ثمانينات القرن الفائت، وأصبح 3.7 في المئة في تسعيناته، ثم 3.2 في المئة في العقد الأول للألفية الثالثة، ثم 2.4 في المئة في العقد الثاني منه، وبلغ 2 في المئة في 2021»، منوهاً إلى أن ذلك المعدل يظل ضعف المعدل العالمي في 2021، بينما يزداد في الوقت نفسه معدل التدفق إلى فئة المتقاعدين، ما يعني أن مسؤولية سلطات اتخاذ القرار في الكويت مضاعفة، فمن جانب، هناك ضرورة توفير ضعف المعدل العالمي لوظائف القادمين إلى سوق العمل، ومن جانب آخر، لا بد من ضمان أمان المتقاعدين في بلد أكثر من 83 في المئة من مواطنيه موظفي قطاع عام، تدفع الخزينة العامة مستحقاتهم المباشرة وغير المباشرة البالغة نحو 75 في المئة من الإنفاق العام، وتدفع الخزينة العامة أيضاً نحو 3 أرباع مستحقات أقساط تأمين تقاعدهم.
أمن المستقبل
وذكر «الشال» أن تقرير «صندوق النقد» ذكر أن الارتقاء بمستوى الإنتاجية يحتاج إلى الارتقاء بمستوى التعليم العام المتخلف في الكويت بنحو 4.8 سنة عن المستوى المتواضع، فيما يتطلب ضمان أمن المستقبل للمتقاعدين استدامة المالية العامة المعتمدة كلياً تقريباً على بيع أصل زائل أو متقادم، أي النفط، موضحاً أن أي حديث عن الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في المستقبل في ظل الوضع الحالي هو مجرد وهم.
وأكد أنه لا يزال في الوقت متسع لإصلاح جذري، ولاتزال احتمالات نجاحه كبيرة، لكن عاملي الوقت والوعي بتلك المتغيرات يحتاجان إلى استدارة سريعة تتبناها إدارة حكومية مدركة لمخاطر ضياع الوقت وأثره السلبي على نجاح أي مشروع إصلاحي.
بقيمة 3.56 مليار دينار
14.63 في المئة من البنوك مملوكة للأجانب
ذكر «الشال» أن قطاع البنوك الكويتية (لا يشمل البنك الأهلي المتحد «البحرين» حالياً) يعتبر الأهم ومن الأعلى سيولة ضمن قطاعات بورصة الكويت حيث استحوذ على 38.1 في المئة من إجمالي سيولة البورصة منذ بداية العام حتى 23 نوفمبر الجاري، وتتركز معظم استثمارات المتداولين الأجانب فيه.
وبين أنه ما بين نهاية العام الفائت ونهاية تداول الأربعاء الماضي، ارتفع مؤشر قطاع البنوك بنحو 14.5 في المئة، كما ارتفعت مساهمة الأجانب في القطاع، إذ بلغت 3.569 مليار دينار مقارنة بـ2.518 مليار بنهاية عام 2021، وتعادل 14.63 في المئة من القيمة الرأسمالية للقطاع، بعد أن كانت 11.8 في المئة في نهاية العام الماضي.
وأشار التقرير إلى أن تركيز الأجانب انحصر في خمسة بنوك، إذ إن أعلى استثماراتهم بالمطلق كانت في بنك الكويت الوطني وبحدود 2.069 مليار دينار، وبنحو 946.1 مليون في بيت التمويل الكويتي، و187.6 مليون في بنك الخليج، و185.3 مليون في بنك بوبيان، و133.5 مليون في بنك برقان، ما يعني أن نحو 98.7 في المئة من استثمارات الأجانب تتركز في البنوك الخمسة، تاركين 1.3 في المئة لبنوك القطاع الأخرى.
وأوضح أن الملكية النسبية للأجانب في قطاع البنوك، يتصدرها «الوطني» أيضاً، وبنسبة 24.57 في المئة من قيمته الرأسمالية كما في 23 نوفمبر 2022، ما يعني أن ملكيتهم فيه بالمطلق ونسبة مئوية هي الأعلى، فيما يأتي ثانياً «برقان» بنسبة ملكية 17.73 في المئة، بينما يأتي خامساً في الملكية المطلقة.
ويحتل «الخليج» ثالث الترتيب في الملكية النسبية بـ17.29 في المئة، ويأتي أيضاً ثالثاً في قيمة تلك الملكية المطلقة، ومن ثم يأتي «بيتك» بنسبة ملكية 11.82 في المئة، بينما يأتي ثانياً في القيمة المطلقة، أما أعلى ارتفاع نسبي في الملكية خلال الفترة فكان من نصيب «برقان» وبنحو 561.6 في المئة، من 2.68 في المئة في نهاية العام الفائت من قيمته الرأسمالية إلى 17.73 في المئة.
وأكد «الشال» أنه رغم التذبذب الحاد في أداء بورصات العالم شاملاً البورصة المحلية، مازالت سلوكيات الاستثمار الأجنبي في البورصة المحلية سلوكيات إيجابية.