المجلس الدستوري أعاد فيصل كرامي نائباً والبرلمان يَمْضي... «نائماً»
أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال
- نائب اقترع لسلفادور أليندي في جلسة سابعة لم تُنْتِج رئيساً
- إسقاط نيابة فنج وسلّوم لن يبدّل في التوازن السلبي داخل البرلمان
«... إن أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من أداء زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال أو يضاهيها في أحسن الأحوال». خلاصةٌ بالغةُ القتامة وردتْ في تقريرٍ صدر عن البنك الدولي تناول «التطوُّرات الاقتصادية الأخيرة والآفاق والمَخاطر الاقتصادية»، لكن هذه «الصرخة» سرعان ما تَبَدَّدَتْ في «وادي الذئاب» اللبناني الذي مازال «يبتلع» الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية التي تشكل المدخلَ الرئيسي لبدء معالجةٍ شاملة للانهيار المالي المدمّر.
ولم يكن أدلّ على «انفصال» الواقع السياسي المزري عن المَخاطر الكبرى التي تكمن للبنان وشعبه، من أن المشهدية السودوية التي رسمها البنك الدولي، وفيها أن «بلاد الأرز» تُعدّ «من أكثر البلدان تضرُّراً من التضخم الذي طرأ أخيراً على أسعار المواد الغذائية التي تتأثر بها بشكل خاص الأسر الفقيرة والمحتاجة»، لم تبدّل حرفاً في مسارِ انتخابات الرئاسة التي طوت أمس، الفصل السابع من جلساتٍ عقيمة باتت تستجرّ سيناريو مملاً من دورةٍ أولى يتأمّن نصابها وتشهد تكراراً لعدّ الأصوات التي يحصل عليها مرشّح المعارضة المدعوم من أحزابها السيادية ونواب مستقلين وبعض التغييريين ميشال معوض، وتلك التي «تنالها» الورقة البيضاء التي «تَهرب إليها» الموالاة لإخفاء الخلافات الكبرى غير الخفية بين مكوّناتها حول المرشح الذي ستخوض به السباق الرئاسي.
وعلى عكْس المناخات الصاخبة التي سادت الجبهةَ الرئاسيةَ وتحديداً داخل معسكر الموالاة حيث يخوض رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل عمليةَ معاندةٍ كبيرة لترشيح زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية، الذي يُعتبر المرشح الرقم واحد للثنائي الشيعي «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري ولكن ليس «المرشح الوحيد»، فإن جلسة الـ «لا» انتخاب السابعة انعقدت بهدوء ورتابة وبشبهِ لا خلاصات جديدة، إذ بقيت أرقام معوض تراوح عند حدود الـ 50 صوتاً وهو حَصَدَ أمس 47 صوتاً (بينهم 42 اقترعوا له في الجلسة و5 أعلنوا تأييدهم له ولكنهم تغيّبوا) أي بزيادة نائبين عن الجولة السادسة، هما للنائبين التغييرييْن مارك ضو ونجاة صليبا اللذين نجح معوض في استمالتهما بموجب اتفاق سياسي - اقتصادي بمضامين متكاملة، فيما سجّلت الورقة البيضاء 50 صوتاً.
وإذ انقسمت أصوات القسم الأكبر من النواب التغييريين والنواب المستقلين، وبينهم السنّة بين «لبنان الجديد» (8 أصوات) وعصام خليفة (6 أصوات)، نال الوزير السابق زياد بارود صوتين، وصوت لبدري ضاهر وهو المدير العام للجمارك الموقوف منذ 2020 في ملف تفجير مرفأ بيروت.
وفيما بات التصويت لبارود، الذي يُعتبر من الأسماء التي انطلق طرحها من لائحة مرشحين مقبولين من النواب التغييريين الـ13 قبل أن ينقسموا على بعضهم، بمثابة تأكيد على حضوره في «المطابخ» الرئاسية التي تعمل في لبنان ومع بعض العواصم كواحدٍ من الأسماء «التسووية» وتردّد أن باسيل اقترحه على الفرنسيين خلال زيارته لباريس مع كل من جهاد أزعور والعميد جورج خوري (السفير السابق في الفاتيكان)، فإن مفاجأة شهدتها جلسة أمس الانتخابية مع ورقة ملغاة حملت اسم سلفادور أليندي الذي شغل منصب رئيس جمهورية تشيلي منذ 1970 وحتى 1973 عند مقتله في الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمه بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه.
وفي حين انشغلت وسائل الإعلام وأوساط سياسية في «التحري» عن النائب الذي أسقط ورقة أليندي و«الرسالة المشفرة» التي انطوى عليها هذا التصويت، دَهَم البرلمان وبعد 6 أشهر من الانتخابات التي جرت في مايو الماضي، إبطالُ المجلس الدستوري نيابة اثنين من أعضائه وذلك في سياق بته سلسلة الطعون التي جرى التقدم بها وبقي منها اثنان يُنتظر صدور نتائجهما خلال أسبوعين.
وبموجب قراريْ «الدستوري»، أمس، عن دائرة طرابلس - المنية - الضنية، فقد عاد فيصل كرامي إلى الندوة البرلمانية على حساب النائب رامي فنج، وحيدر آصف ناصر على حساب النائب فراس سلوم.
وفي «الحِسبة» السياسية، فإن كرامي السني (وهو من الموالاة أي من مؤيدي «حزب الله» وحلفائه) كَسَر فوز مرشحٍ تغييري سني، هو فنج الذي استوجب تخسيره مقعده أن يحلّ (بفعل احتفاظ اللائحة بحاصل انتخابي بموجب القانون النسبي) المرشح العلوي الذي نزل معه على لائحة التغييريين نفسها، أي حيدر ناصر مكان النائب سلوم (العلوي) الذي كان خاض الانتخابات على اللائحة التي فاز فيها النائب إيهاب مطر وضمّت «الجماعة الإسلامية»، ومن يفترض انهم تغييريون ومستقلون قبل أن يظهر ميْل سلوم إلى قوى 8 مارس.
وإذا كانت نتيجة الطعنين، تعني عملياً أن التوازن السلبي في البرلمان الموزَّع بين 67 نائباً للمعارضة و61 للمولاة لم يتبدّل، رغم النكهة السياسي «الدسمة» التي تكتسبها عودة كرامي إلى مجلس النواب، وسط اتجاه الأنظار لِما إذا كان آخر طعنين (في المتن وعكار) قد يحملان مفاجآت سياسية تعدّل بعض الشيء في موازين البرلمان، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال رعايته افتتاح فعاليات «منتدى بيروت الاقتصادي 2022» الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية، «أن الخروج من المأزق يجب أن يكون عن طريق حلّ عام وتسوية عامة تنطوي قبل كل شيء على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت وتشكيل حكومة جديدة والإسراع في عجلة الإصلاحات المنشودة وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي وذلك في سبيل احتواء المخاطر الكامنة حالياً كشرط مسبق لأي نهوض اقتصادي».