No Script

قيم ومبادئ

الشباب والالتزام السياسي!

تصغير
تكبير

لا تستقيم حياة المجتمع إلا بالالتزام بنظام معين يشمل جميع العلاقات السلوكية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية... ومع أن هذه من البدهيات في حياة البشرية كلها، مُؤمنها وكافرها وكل إنسان يتعايش معها بصورة يومية روتينية فلا يستشعر قيمتها وشمولها إلا أن يتصور الحياة بغير هذا الالتزام!

فلنتصور حياة الشاب بلا ضابط ولا نظام في نومه وصحوه وأكله وشربه ولباسه ومسكنه، بل وعلاقاته بالوسط المحيط به!

كيف تصبح صورة الحياة بالنسبة لهذا الفرد في هذا المجتمع؟ فتجده مرة ينام بالنهار ومرة ينام بجوف الليل!

ومرة يذهب إلى عمله مبكراً وأخرى تجده لا يعمل!

ومرة يأكل بشراهة وأخرى لا يأكل البتة!

ومرة تجده اجتماعياً ضحوكاً، ومرة يثور في وجوه أصحابه ويتجهّم بلا سبب!

ومرة يتعبد الله ومرة يفجره ويكفره!

ومرة يسمع أوامر الدولة وأخرى يخرج عليها بلا سبب مفهوم!

وإذا وسّعنا الدائرة إلى المجتمع وتصوّرنا مجتمعاً بلا التزام واضح، فسنجده مرة يتبنى نظاماً للزواج وتكوين الأسرة، وتارة أخرى يفك هذا الرابط الاجتماعي ويطلق العنان للناس يقضون حوائجهم الجنسية بلا قانون ولا قيم!

ومرة يقيم حكومة لها سيادة وسلطان، ومرة يفك هذه الرابطة السياسية ويترك كل إنسان على هواه، يقول ما يشاء ويفعل ما يريد! لأن هذه هي الديموقراطية؟ والحقيقة التي لا مفرّ منها أن قدراً من الفوضى يحدث بالفعل في حياة الأفراد والمجتمعات يؤدي إلى خلل في كيانه ويهدّده بالدمار... اذا استمرت وتيرة تفكيك الثوابت.

وبطبيعة الحال، لا نعني الالتزام الذي يحيل حياة الأفراد والمجتمعات إلى جمود وتحجر وتحول البشر إلى مجرد آلات إنتاج كما فعلت الثقافة الشيوعية والرأسمالية في الشعوب.

كما أننا لا نعني بالالتزام الدائم الذي يقف بالحياة عند نقطة ويتمحور حولها ولا يغادرها... مثلما فعل المعسكر القديم من السياسيين البكائين على (الزمن الجميل)، فترة الثمانينات في العمل السياسي والحراك الشبابي... فلا بد إذاً إلى جانب الالتزام من عنصر آخر يمنع الوقفة الآسنة في مستقنع (التنظيم - والحزب) ويحرّك الحياة باستمرار لتصل إلى جديد في عالم الإنتاج المادي و(الناتج القومي)، وجديد كذلك في عالم الفكر والقيادة الفكرية، كما قال العلّامة الالباني - رحمه الله -: (لا يمكن للأمة الإسلامية أن تُسلّم قيادة فكرها لشخص واحد) حتى يضيف رصيداً جديداً إلى الرصيد الموجود ويزيد من سعة الحياة وثرائها... كما يؤدي مهمته في إعطاء العمل السياسي والاقتصادي والخيري دفعة حية متحركة تزيد من حيويتها وانتشارها، وتقوى أواصرها وتواصلها الاجتماعي متجاوزين ما توحي به الشياطين (خلنا نكون ملمومين! ولا تدخل علينا غيرنا - واحنا في مزرعتنا وهم في مزرعتهم)، كل هذا من حماية الحزبية التي عششت في عقولهم، فجعلتهم يفقدون هذه الحيوية المتدفقة التي نجدها اليوم في جيل الشباب التي تضمن لهذا التطور ذاته ألا يذبل ويضمر ويموت بموت صاحبه... ( فلا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساَ يستعملهم في طاعته)، ولا نعني وليس المقصود أن يحدث الإنسان في حياته جديداً كل حين، وإنما ينبغي أن يكون لهذا الجديد من القوة الدافعة والرسوخ ما يمكنه من الاستمرار بلا تكرار لأخطاء الماضي، وعليه أقول لماذا هذا السقوط المدوي؟ ولماذا نفر الشباب من الالتزام السياسي وغير السياسي؟ لماذا هبطت هذه الأمة من الذروة العليا إلى الحضيض الذي نعيشه اليوم؟ نعم، إنها لم تُستباح بيضتها كما استُبيحت الأمم الأخرى، بل ودول وإمبراطوريات كانت لها صولة وجولة، ولكن يبقى السؤال: كيف هبطت الإمة الإسلامية؟ لماذا هبطت؟ لماذا لم تحافظ على الحد الأدنى الذي لا ينبغي لها أن تهبط دونه؟ هذا ما سنتعرّف عليه لاحقاً... وللحديث بقية!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي