قمة بالي تندّد بالتداعيات الاقتصادية للنزاع... وشي يحذر من استخدام الغذاء والطاقة «سلاحاً»
الانقسامات بين «دول العشرين» لم تمنع الضغوط على روسيا لإنهاء حرب أوكرانيا
- لافروف: شروط الأوكرانيين للتفاوض «غير واقعية»
- زيلينسكي يحض المجموعة على المساعدة في إنهاء الحرب وفقاً لخطته
- إندونيسيا تحضّ على التحرك لمعالجة المشكلات الاقتصادية العالمية وإنهاء الحرب
نوسا دوا (اندونيسيا) - أ ف ب، رويترز - رغم الانقسامات بين دول مجموعة العشرين حول الغزو الروسي لأوكرانيا، تصاعدت الضغوط على روسيا، خلال قمة مجموعة الاقتصادات الكبرى من أجل إنهاء الحرب ذات التكاليف المادية والبشرية الباهظة.
وبدأ أمس، أهمّ تجمّع للقادة العالميين منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، في غياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في جزيرة بالي الإندونيسية، بعد تسعة أشهر من بدء الغزو الذي تسبب بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في العالم وبعودة التهديد باستخدام السلاح النووي.
لا يرد الغزو على جدول الأعمال الرسمي للقمة، إلّا أنه يهيمن على الاجتماع ويكشف الانقسامات بين الدول الغربية الداعمة لكييف ودول أخرى ترفض إدانة موسكو، وعلى رأسها الصين.
مع ذلك، اتفق أعضاء مجموعة العشرين، التي تم إنشاؤها بالأساس لإدارة القضايا الاقتصادية، على مسودة بيان من 16 صفحة، لكن احتمال اعتمادها ضعيف نظراً للانقسامات التي برزت في الأيام الأخيرة وضرورة موافقة موسكو عليها.
وتتحدث الوثيقة، في حال تبنّاها القادة، اليوم، عن التداعيات السلبية لـ«الحرب في أوكرانيا»، متناولة مصطلح «الحرب» الذي لا تزال ترفضه موسكو التي تتحدث عن «عملية عسكرية خاصة».
وتشير الوثيقة إلى أن «معظم الأعضاء... يدينون بشدّة» النزاع، معتبرين استخدام السلاح النووي أو التهديد به «غير مقبول»، مع الدعوة إلى تمديد اتفاقية تصدير الحبوب.
«الفقر والجوع» يقتلان
وحتى لو لم تدن الدول الحليفة لروسيا كالصين والهند وجنوب أفريقيا موسكو بشكل مباشر في القمة، وافق مفاوضو هذه الدول على نصّ يشدّد على أن تداعيات الحرب كانت العامل الأساسي في مشاكل إمدادات الطاقة والغذاء العالمية.
وافتتحت القمة بدعوة من الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، إلى الوحدة والعمل الجاد لإصلاح الاقتصاد العالمي.
وقال «ليس لدينا خيار آخر، التعاون مطلوب لإنقاذ العالم».
وأضاف «يجب أن تكون مجموعة العشرين هي المحرك للانتعاش الاقتصادي الشامل. يجب ألا نقسم العالم إلى أجزاء. يجب ألا نسمح بوقوع العالم في حرب باردة أخرى».
وتمثل مجموعة العشرين، أكثر من 80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75 في المئة من التجارة الدولية و60 في المئة من سكان العالم.
وتُعدّ الأرجنتين وتركيا، وهما أيضاً عضوان في مجموعة العشرين، من بين الدول الأكثر تأثراً بهذه الأزمات.
وقال وزير الخارجية الأرجنتيني سانتياغو كافييرو «إن تجار الموت في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يعقدون صفقات أسلحة، أما في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، فالأغذية نادرة ومكلفة، وليس الرصاص أو الصواريخ هو الذي يقتل بل الفقر والجوع».
وبعد عودته من مدينة خيرسون المحررة (جنوب)، خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قادة مجموعة العشرين خلال الجلسة الافتتاحية لقمتهم عبر الفيديو أمس، قائلاً إن الوقت حان لإنهاء «الحرب المدمرة».
ودعا إلى تمديد اتفاقية الحبوب، معتبراً أنها «تستحق تمديداً إلى أجل غير مسمى... بغض النظر عن موعد انتهاء الحرب»، وحض على توسيع الاتفاق ليشمل موانئ أخرى.
وأضاف في خطاب عبر الفيديو باللغة الأوكرانية «أنا مقتنع أنه حان الوقت الآن الذي يجب والذي يمكن فيه وقف الحرب الروسية المدمرة»، مضيفاً «سينقذ ذلك آلاف الأرواح».
لكن بوتين كان غائباً عن القمة بعد أن قرر عدم الحضور وأرسال وزير خارجيته سيرغي لافروف إلى بالي ليمثل روسيا.
وبقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف داخل الصالة خلال إلقاء زيلينسكي خطابه عبر الفيديو.
واعتبر أن شروط أوكرانيا لإعادة إطلاق المفاوضات مع موسكو «غير واقعية».
وقال لافروف للصحافيين «قلت مجدداً إن جميع المشاكل ترتبط بالجانب الأوكراني الذي يرفض بشكل قاطع المفاوضات ويطرح شروطاً من الواضح أنها غير واقعية»، مشيراً إلى أنه أعرب عن هذا الموقف أثناء لقاء «وجيز» مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ولفت المسؤول الروسي إلى أنه التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وناقش معه «العقبات» التي تحول دون تمديد اتفاقية الحبوب.
وأشار إلى أنه تحدث مع المستشار الألماني أولاف شولتس، نافياً أن يكون معزولاً.
وأعلن شولتس، من ناحيته، أن هناك إشارات مشجعة على الإجماع على أن الحرب «غير مقبولة».
الصين وسط المعادلة
وكانت هناك علامة إيجابية عشية القمة تمثلت في الاجتماع الثنائي الذي استمر ثلاث ساعات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ، إذ تعهدا بتكثيف الاتصالات رغم العديد من الخلافات بينهما.
ومتحدثاً خلال قمة مجموعة العشرين، دعا جينبينغ إلى معارضة تسييس مشاكل الغذاء والطاقة وتحويلها إلى أدوات وأسلحة، بينما كرر في الوقت ذاته التعبير عن معارضته لسياسة العقوبات الغربية.
وطالب أيضاً هذه الدول بالحد من تداعيات رفع معدلات الفائدة، في وقت يشدد الاحتياطي الفيديرالي الأميركي سياساته الرامية لمواجهة التضخم.
بدوره، دعا ماكرون نظيره الصيني إلى«إيصال رسائل إلى الرئيس بوتين لتجنّب التصعيد والعودة بجدية إلى طاولة المفاوضات».
وقال ماكرون لشي بعد مصافحته وبدء المحادثات بينهما، إنه يجب أن«نوحد جهودنا للاستجابة (...) لأزمات عالمية مثل حرب روسيا في أوكرانيا».
وبينما لم يأتِ شي على ذكر النزاع مباشرة خلال اللقاء، إلا أنه أشار إلى أن العالم يمر في«مرحلة اضطرابات وتحوّلات»، داعياً إلى«الانفتاح والتعاون».
وكان بايدن و شي اتفقا على أنه لا ينبغي استخدام الأسلحة النووية إطلاقاً.
وتخطط العديد من الدول لتعزيز قدراتها العسكرية. ووصل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى بالي معلناً طلب لندن شراء خمس فرقاطات حربية ومتحدثاً عن«تهديد» روسي.