خواطر صعلوك
إلى وزارة المرأة والأسرة والطفولة !
«وحدة كانت متحجبة افصخت حجابها، وحدة كانت متزوجة تطلقت، وحدة كانت متحجبة ومتزوجة افصخت وتطلقت، وتلك تطلقت علشان تفصخ، وتلك هاجرت علشان تعيش بشقة لوحدها، وهذه فاصخة حجابها علشان تتزوج، وتلك فتحت حساباً في الإنستغرام من أجل أن تتزوج وتتحجب ثم تفصخ حجابها وتُطلق ثم تروج إشاعات العودة للزوج القديم وإشاعات أخرى أن هناك حبيباً سرياً، وتلك على خلاف مع زوجها لأنها فتحت (لايف انستغرام)، وهذه في نقاش مع زوجها لأنها تريد أن تصبح (فاشينستا)، فلانة طلعت بطنها وأباطها في فيديو، وعلانة ثقبت خشمها وحلقت حواجبها»... وهكذا!
عزيزي القارئ، تلك الحكايات الصُغرى التي نسمعها أو نشاهدها كل يوم، والتي أبطالها أُناس عاديون، جيران ومعارف وموظفون صغار بعلاوة أو علاوتين، ودوائر من الأهل والأصدقاء، حكايات صُغرى يرتدي أصحابها أقنعة من الإحباط والأعصاب المُحطمة، والحب الخائب، والجراح والمخاوف والوحدة والهشاشة والقهر وسيولة القيم وتحطم الأشرعة... تلك الحكايات تحكينا وتروينا وتُحكم قبضتها لتخنقنا.
ولأن من تداوى بدائه لم يصل إلى شفائه، فكل الحكايات لا تأخذنا إلى أي مكان، ندور فيها وحولها فقط.
فما أجمل السفر الحُر السريع والخفيف، ولكن ما أشق السفر دون بوصلة!
وما أجمل التغيير، ولكن ما أزعج التقلب السريع وعدم الاستقرار والتوازن.
حكايات يتناقلها أُناس بين بعضهم البعض أكثر من اللازم، ويفكرون ويتكلمون في ما يخصهم أقل مما ينبغي.
تصبح الحكاية الصُغرى سخيفة ومملة، سواء من أبطالها أو من الذين ينقلونها، وتصبح الشخصية الرئيسية هي دور «شيخة» الذي أدته الفنانة الرائعة والقديرة اسمهان توفيق في مسلسل «أبي وأمي بعد التحية»، لينتقل الدور من ثلاث حلقات في الجزء الأول عام 1979م، إلى كل الحلقات في الجزء الثاني عام 1982م، أما الجزء الثالث والذي صُور ولم يُقدر له الظهور على الشاشة، فقد أصبحت شخصية «شيخة» موجودة في الواقع وليس على الشاشة، وأصبحت هي كل الأشياء في 2022م.
إن العوامل الثقافية هي قوى حقيقية دافعة للتاريخ،عبر مجموع الخبرات الأساسية للناس العاديين في المجتمع، وتكمن أدوات القياس في أفعال الشعب وأفكاره ومشاعره ومعاناته.
هذه الحكايات الصُغرى غلفت عالم السياسة وعالم الثقافة، وأصبحت السمة الفضائحية هي الأبرز، ومغذياتها على مواقع التواصل هي الأقرب، في مجتمع حاجاته كانت دائماً أكبر من مساهماته، مجتمع يعتبر كل من فيه لا يمثله.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
Moh1alatwan@
