ماكرون يريد «الضغط» على الدول الغنية غير الأوروبية لمساعدة الدول الفقيرة
شرم الشيخ (مصر) - أ ف ب - يتعرّض قادة العالم في مؤتمر الأطراف حول المناخ «كوب27»، لضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع ولتوفير دعم مالي للدول الفقيرة أكثر المتضررين من التغير المناخي.
وفي الإطار، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش المؤتمر في شرم الشيخ، أمس، إنه يريد «ممارسة الضغوط» على «الدول الغنية غير الأوروبية» ولاسيما الولايات المتحدة والصين، لتدفع «حصتها» في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.
وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات أمام المندوبين المجتمعين في شرم الشيخ، والتي تأتي على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم وهي الغزو الروسي لأوكرانيا والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية، وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة.
وهذه «الأزمة متعددة الجوانب» قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات رغم أن تداعياتها المدمرة تجلّت كثيراً العام 2022 مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وجفاف عاثت فساداً بالمحاصيل.
وقال سايمن ستييل، مسؤول المناخ في الأمم المتحدة لدى الافتتاح الرسمي لـ «كوب27»، أمس، «كل الأزمات مهمة لكن ما من أزمة إلا ولها تداعيات كبيرة» مثل الاحترار المناخي الذي ستُواصل عواقبه المدمرة «التفاقم».
إلا أن الدول لا تزال متّهمة بالتقصير في ما ينبغي عليها فعله لمكافحة الاحترار.
وينبغي أن تنخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بحلول العام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف «اتفاق باريس للمناخ» المبرم العام 2015 طموحاً ويقضي بحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.
لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10 في المئة ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2.4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي.
غير أنّه مع السياسات المتّبعة راهناً، يُتوقّع أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية، وهو أمر كارثي، وفق الأمم المتحدة.
من جانبه، قال ماكرون، خلال لقاء مع شباب من أفريقيا وفرنسا «يجب أن نحمّل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلاً» في مجال خفض انبعاثات غازات الدفيئة والتضامن المالي.
وفيما يحتدم الجدل والنقاشات حول المساعدة المالية التي ينبغي أن تقدم إلى الدول الضعيفة إزاء التغير المناخي، أكد ماكرون أن «الأوروبيين يدفعون، لكنهم الطرف الوحيد الذي يدفع».
وأضاف «يجب ممارسة الضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية والقول لها، يجب أن تدفعي حصتك».
ورأى أن فرنسا وأوروبا هما على الطريق الصحيح على صعيد خفض الانبعاثات.
لكن على الدول النامية الكبرى أن «تتخلى سريعاً عن الفحم».
وفي مؤشر إلى «التراجع» الذي يخشاه كثيرون، وحدها 29 دولة رفعت خططاً بزيادة تعهداتها بخفض الانبعاثات رغم أنها أقرت «ميثاقاً» يدعوها إلى القيام بذلك.
وستكون الإعلانات المحتملة حول خفض إضافي للانبعاثات موضع ترقب كبير في شرم الشيخ.
كذلك، يترقّب العالم باهتمام الإعلانات المتعلّقة بالمساعدات إلى الدول الفقيرة، وهي عادة أكثر البلدان عرضة لتداعيات الاحترار المناخي، حتى لو أنّ مسؤوليّتها فيها محدودة، إذ إنّ انبعاثاتها من غازات الدفيئة قليلة جدا.
وفي بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى «كوب27»، الأحد، للمرة الأولى، إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة من الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.
وتُقدّر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويُتوقّع أن تستمر بالارتفاع الكبير.
فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسبّبت وحدها بأضرار قُدّرت بأكثر من 30 ملياراً.
وتُطالب الدول الضعيفة إزاء هذه التداعيات، بآليّة تمويل خاصّة، إلّا أنّ الدول الغنية تتحفّظ على ذلك، إذ تخشى أن تحمل المسؤولية رسمياً، وتُفيد بأنّ نظام تمويل المناخ معقّد كفاية بحالته الراهنة.
ويجرى المؤتمر في غياب الرئيس الصيني شي جينبينغ، في حين أنّ نظيره الأميركي جو بايدن، المنشغل بانتخابات منتصف الولاية، اليوم، سيمرّ على شرم الشيخ سريعاً في 11 نوفمبر.
بيد أنّ التعاون حيوي بين البلدين اللذين يُصدران أعلى مستوى من انبعاثات غازات الدفيئة وتشهد علاقاتهما توتّراً شديداً. لكن قد يلتقي شي وبايدن في بالي في الأسبوع التالي، على هامش قمّة مجموعة العشرين.