قال الله عز شأنه في محكم تنزيله:«يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعضَ الظن إثم ولا تجسّسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً...»، كانت هذه الآية محور حديث خطيب يوم الجمعة الماضية.
لقد أسأنا الظن في الحكومة، وتوقّعنا أنها ستقضي على الواسطة، واقترحت تفعيل خدمة المواطن والحكومة الرقمية، كي ينال كل ذي حقٍ حقّه من دون اللجوء إلى الواسطة، والذي على اثره سيتحسّن اختيار الناخبين لنواب المجلس القادم، لكن يبدو لي أن «الواسطة فوق القانون»، ونواب الخدمات وإن كانوا من المعارضة المتنكرة، هم من يقفون وراءها.
وأسأت الظن خلال الانتخابات الماضية، في مَن يقسم بأنه سيعطي الصوت للكفاءة، لكن ظلت القبلية والفئوية والخدمات هي السائدة، ولا عزاء للكفاءات التي حرمت من تمثيل قاعدة الناخبين في قبة البرلمان وحرمت من وقوع الاختيار عليها كوزراء أو قياديين... وفي الأساس إساءة الأصل فيها حسن النية «ظن الخير» التي لم تكن في محلها لاختلاف الثقافة!
خُطبة الجمعة فصّل فيها الخطيب صور إساءة الظن في البعض، لأن البعض يعول على استنتاجاته من دون دليل دامغ على هذا الحكم، الذي في الغالب بعضنا يتناوله في الدواوين، ونهايته في غاية الخطورة، فتشحن الأنفس وتزيد البغضاء وتضعف صلة الرحم وهي من فعل الشيطان.
أحياناً كثيرة يصدمني البعض في سياق حديثهم «فلان سوى... وقال...». وأحاول أن أتحاشاهم بأي طريقة لأنني حتى وإن علمت بصحة قولهم فلا يجوز القبول به لأنها تندرج تحت «الغيبة والبهتان»!
أحسنوا الظن وقابلوا الإساءة بالإحسان... هكذا علّمنا ديننا الحنيف حتى في مواقف جدلية وخلافية.
والغريب جزئية «التجسس» أي تتبع عورة البعض أو أسراره أو عيوبه... فكيف يحق للبعض أن يتجسّس على صديق أو ابن عم أو زميل... وأكثروا من الاستغفار (أستغفرُ اللهَ الذي لا إله إلّا هو الحي القيوم وأتوبُ إليه، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته).
وأكثروا من قول «لا إلهَ إلّا أنتَ سُبحانك إني كنتُ من الظالمين»، و«سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله».
الزبدة:
في مجالسنا، يجتمع الصالح بالطالح، وكل ما أتمناه من أحبتنا الكرام أن يجتنبوا مَن يسيء الظن أو يحاول أن يتجسّس بحثاً عن معلومة تكشف عورة أو سراً أو عيباً لأخ لنا كي تصلح حال البلد والعباد.
مَن منا مجرّد من العيوب أو أي سمة غير طيّبة؟ لا يوجد شخص منزّه من العيوب وغير معرّض للخطأ. والدليل قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم-: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوّابون»...
فهل نعودُ إلى رشدنا ونتحكّم باندفاع هوى الأنفس؟
اقضوا على هذا الآفة لننعم بحياة أفضل وعلاقات اجتماعية أطيب... الله المستعان.
terki.alazmi@gmail.com
Twitter: @TerkiALazmi