تتبّع مسار التجاوزات رقابياً وضبط مَنْ يضرّ بسمعة الكويت استثمارياً
«هيئة الأسواق» تسعى لتنظيم فوضى محلّلي الأسهم... بالتنسيق مع 6 جهات
- تعاون رقابي مع «الخارجية» و«الجرائم الإلكترونية» و«الاتصالات» و«التحريات» و«نزاهة» و«غسل الأموال»
- إجراءات قانونية ضد مغرّدين بأسماء ٍمستعارة بثّوا إشاعات أثرت على أسعار وتداولات أسهم
- «الهيئة» تبحث نشر أسماء المغرّدين... قبل معاقبتهم
- الجزاءات قد لا تقتصر على رد المنفعة بل تصل للحبس 5 سنوات
في إطار اهتمامها بتضييق الخناق على مروّجي الإشاعات التي تتعلق بالشركات المدرجة في بورصة الكويت وأسهمها، وسّعت هيئة أسواق المال نطاق التعاون مع جهات رقابية ورسمية عدة لتحديد معايير تضبط من خلالها مَنْ يخالف القانون ويضرّ بالسوق وبالتالي سمعة الكويت استثمارياً، حيث فعّلت قنوات التواصل معها للحيلولة دون استمرار تلك التجاوزات.
وحددت قراءة لـ«هيئة الأسواق» حول ما اتخذته من إجراءات رقابية لصد التجاوزات، حصلت «الراي» على نسخة منها، الأجهزة المختصة في الدولة التي تتعاون الهيئة معها، لتتبع مسار التجاوزات والتوصل لمرتكبيها، ومن ثم تطبيق المواد العقابية عليها، ومنها: الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات، وإدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية لدى الإدارة العامة للمباحث الجنائية، واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ووحدة التحريات المالية، ولجان وزارة الخارجية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويل أسلحة الدمار الشامل، والهيئة العامة لمكافحة الفساد «نزاهة».
وشدّدت القراءة على أنه من خلال أجهزة الرصد لديها، وبتعاونٍ وتنسيق مع شركائها في منظومة أسواق المال، توصلت «هيئة الأسواق» إلى حقيقة «مغرّدين» بأسماء ٍ مستعارة، أساؤوا للسوق من خلال بث الإشاعات والتأثير على أسعار وتداولاتٍ أوراق مالية معينة، منوهة إلى أن هذه الجهات بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وأضافت «لا شك أن عهداً جديداً قد بدأته الهيئة لوضع حدٍّ لفوضى الإشاعات، وإطلاق التحليلات المالية، وتقديم التوصيات والاستشارات الاستثمارية المتصلة بأنشطة الأوراق المالية من قبل غير المؤهلين وغير المرخص لهم بلا حسيب ٍ ولا رقيب»، في إشارة إلى أن تلك الفوضى أصبحت أقرب لظاهرةٍ انتشرت في سوق المال انتشار النار في الهشيم وبصورٍ عدة، مستفيدة من الاستخدام واسع النطاق لوسائل التواصل الاجتماعي، والتطور الهائل لها.
وتابعت أن «هيئة الأسواق» اجتهدت مطولاً خلال الفترة السابقة لكبح جماح «حمى» الإشاعات، وإيقاف «سيل» التحليلات والتوصيات بإجراءات رقابية عدة، كتفعيل أدواتها الرقابية وتطوير أدواتها للرصد والتعقب، وتطبيق العقوبات بحق المخالفين بما في ذلك إحالتهم للنيابة.
وأكدت الهيئة أن التنظيم الجديد لمستشار الاستثمار الذي اعتمدته وفقاً لقرارها رقم (166) لسنة 2022 في شأن تطوير نشاط مستشار الاستثمار، وترخيص شركة الشخص الواحد لمزاولة نشاط أوراق مالية، وسجل المحللين الماليين الصادر أخيراً قد أغلق فجوة تشريعية وتنظيمية كانت الحاجة إليها أكثر من ماسة لسد ذرائع غياب إطار تشريعي يُقنّن ممارسة الأنشطة ذات الصلة بتقديم الاستشارات والتوصيات الاستثمارية والتحليلات المالية.
قنبلة موقوتة
وأوضحت «هيئة الأسواق» أن جهودها بتفعيل الأدوات الرقابية، والحرص على تطبيق التشريعات النافذة بنزاهة وشفافية وعدالة على الجميع، قلّص إلى حدٍ بعيد السلوكيات المتصلة بالتلاعب في التداولات، وتضليل المتداولين، إلا أنه لم يقض عليها بصورة ٍ نهائية، ولن يتمكن من فعل ذلك، نظراً لطبيعة أسواق المال الديناميكية المتغيرة بصورةٍ مستمرة من ناحية، والتطور المتسارع في وسائل التواصل من ناحيةٍ ثانيةً، ما يتيح لبعض المؤثرين والمشاهير، والكثير من غير المؤهلين الفرصة للإدلاء بدلوهم واستغلال تأثيرهم في الترويج لسلوكيات مخالفة، أما متلاعبو أسواق المال فإنهم لن يألوا جهداً في ابتكار الجديد من أساليبهم لتجاوز الأدوات والآليات الرقابية المعتمدة لضبط مخالفاتهم وردعهم.
وذكرت أنه «في الآونة الأخيرة، بات ملف وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، و(تويتر) و(إنستغرام) بصورةٍ خاصة، إضافةً إلى منصات المشاهير، والمواقع الإلكترونية، الخطر الأكبر، نظراً للانتشار الواسع لوسائل التواصل وجعلها في متناول الجميع، الأمر الذي جعلها مرتعاً لخلق الإشاعات وانتشارها بسرعة هائلة، فتعددت منصات التحليل المالي، كما تفاقمت أعداد مدعي امتلاك الخبرات الاستشارية، ومتخصصي أسواق المال، والمحللين الماليين الوهميين».
وأفادت «هيئة الأسواق» في قراءتها بأن هؤلاء لم يكتفوا في أحيان كثيرة بتقديم نصائح إيحائية وتوصيات مبطّنة لتحفيز شراء أو بيع أسهمٍ ما، بل انتقلوا لإعطاء توصياتٍ علنية و نشر أخبارٍ ومعلومات قد يصح قليلها ولايمت كثيرها للحقيقة بصلة، بل وصل الأمر حد إقامة غرف دردشة على بعض المواقع لتقديم التحليلات والتوصيات، وتوقع مستويات سعرية معينة لبعض الأسهم لقاء رسوم اشتراكٍ معينة.
إجراءات متخذة
وأوضحت الهيئة أن الترويج المخالف لأنشطة الأوراق المالية عبر وسائل التواصل والمؤثر على أسعار الأوراق المالية لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون قيامها باتخاذ الإجراءات المطلوبة لوضع الحدود الكفيلة بإيقاف هذه الممارسات قبل أن تتحوّل ظاهرة تطبع سوق المال المحلي بطابعها، خاصةً بعدما أصبح في مرمى المستثمرين العالميين بعد الترقيات المتحققة التي حصل عليها خلال السنوات القليلة الماضية.
وأشارت إلى أنها وفي إطار محاصرتها للظاهرة ومعالجتها اتخذت حزمة إجراءات دفعةً واحدة، بعضها أخذ مساره للتطبيق في حين دخل بعضها طور الإعداد للتنفيذ في الفترة القريبة المقبلة، أبرزها التالي:
1 - ضبط التغريدات ومنصات المشاهير:
يتم العمل في هذا الإطار على مواصلة عمليات رصد مواقع التواصل الاجتماعي، ومنصات المشاهير باستخدام أدوات رصد حديثة، ومتابعة وتعقب المنشورات الهادفة للتأثير على أسعار الأوراق المالية، وإحالة المخالفات المرصودة إلى مجلس التأديب واتخاذ الإجراءات القانونية في شأن المخالفين بما في ذلك الإحالة للنيابة.
وينشر موقع الهيئة بصورة ٍ دائمة أسماء المخالفين بعد توقيع العقوبة عليهم، إلا أنها بصدد دراسة إمكانية نشر أسماء المخالفين حتى قبل توقيع العقوبة عليهم تجاوزاً لما قد يترتب خلال الفترة الفاصلة بين ارتكاب المخالفة وتوقيع الجزاء بحق مرتكبها.
2 - تفعيل آليات ضبط المضاربة:
أكدت الهيئة في ورقتها أن المضاربة في أسواق المال أمرٌ لابد منه، وأنها لا تعد سلوكاً مخالفاً مضللاً لأسعار الأسهم إن كانت في حدودها المعقولة وضمن الأطر المشروعة، منوهة إلى أنها تتابع عن كثب وترصد ما يمكن اعتباره مضاربات مخالفة أو تداولاتٍ غير اعتيادية تنطوي على مخالفات وتلاعبات وتقترن بإشاعات، أما المرتكز القانوني للهيئة لضبط المخالفات المرتكبة ومعاقبة المخالفين فيستند إلى نص المادة (122) التي بينت طبيعة المخالفات في هذا الإطار والجزاءات المترتبة على مرتكبيها.
3 - تفعيل آليات الرقابة لكشف مخالفات الترويج ونشر التوصيات وبث الإشاعات:
من بين تلك الآليات تخصيص أجهزة رصد متطورة لمتابعة وتعقب حسابات التواصل الاجتماعي، وتعقب المواقع الإلكترونية، ورصد توصيات بيع أو شراء أوراق مالية تصريحاً كانت أم إيحاءً، حيث أشارت القراءة إلى قيام الهيئة بتعزيز أدواتها وآلياتها الرقابية المتعلقة بالرقابة على التداولات، ومتابعة عمليات الأسواق، إضافةً إلى مهام التفتيش الميداني والشامل ومحدد الغرض، والرقابة على صناديق الاستثمار، وذلك لضبط المخالفات المرتكبة، بما فيها مخالفات التداول بطبيعة الحال.
4 - التأكيد على الالتزام بمتطلبات الإفصاح وبالتوقيت المحدد:
أفادت الهيئة بأن هذا الإجراء ينطبق كذلك على حالات إعادة الإفصاح نتيجة متابعة الإعلانات اليومية، والحالات التي تستوجب تعقيباً من الشركة، ورصد حالات التداول غير الاعتيادي، والتأكيد على مسؤولية الشركة المدرجة في نفي أو تأكيد أي معلومة – أياً كانت أدوات نشرها بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي- وتقديم الإيضاحات في شأنها، إذ تعد الشركات المدرجة شريكة الجهات الرقابية في المتابعة القانونية لمروّجي الإشاعات، مع التأكيد على أن الإفصاح المناسب، مضموناً وتوقيتاً، وكذلك سرعة التعقيب على المعلومة والإشاعة يشكلان أداة مهمة لقطع الطريق على مروّجي الإشاعات.
5 - التنسيق والتعاون مع جهاتٍ رقابية ووطنية:
أشارت القراءة إلى أن جهود «هيئة الأسواق» لمحاصرة ظاهرة تفشي إطلاق الاستشارات والتحليلات بما يخالف قانونها ولائحتها التنفيذية، تطلبت منها تنسيق جهودها مع جهاتٍ وطنية أخرى، وتوقيع مذكرات تفاهم مع بعضها الآخر، سواءً داخل منظومة أسواق المال كشركة بورصة الكويت للأوراق المالية والشركة الكويتية للمقاصة، إضافة لجهات خارجية.
عقوبات رادعة
وشدّدت «هيئة الأسواق» على مضيها في تطبيق قانونها ولائحته التنفيذية على متعاملي أنشطة الأوراق المالية والأنشطة ذات الصلة كافة، وأنها حريصة على إجراء التعديلات التي يقتضيها التطبيق العملي، والتي كان آخرها القرار رقم 166 لعام 2022، مع حرصها في الوقت ذاته على تطبيق العقوبات المنصوص عليها.
وأشارت إلى أنها، وفي إطار رصدها للإشاعات والتحليلات والتوصيات المخالفة، تراقب عن كثب الصفقات التي تتم نتيجة لها وتعاقب أطرافها حال ثبوت ارتكابهم للمخالفة، منوهة إلى أن الجزاءات المترتبة قد لا تقتصر على رد المنفعة المادية، أو توقيع غرامة، بل ربما يصل الأمر حد الحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 5 آلاف دينار ولا تتجاوز مبلغ 50 ألف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين لكل شخص ثبت أن لديه مصلحة غير معلنة، شجّع أو أوصى بشكلٍ علني بشراء أو بيع ورقة مالية معينة.
تفاصيل دقيقة عن إيقاف مغرّدين فور انتهاء التحقيقات
أكدت «هيئة الأسواق» أنها ستعلن تفاصيل دقيقة فور انتهاء تحقيقاتها عن إيقاف أكثر من مغرد شهير، وأن «السبحة ستكرّ» وستكشف أقنعة عشرات المغردين الآخرين الذين يتوارون خلف أسماءٍ مستعارة، ولايزالون يرتكبون مخالفاتهم في بث توصيات وتحليلات ونشر أخبار، وإطلاق توقعات ذات صلة بأنشطة الأوراق المالية، والأمر ذاته، ينطبق على حسابات المشاهير والمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدم مقاطع مرئية ومحتوياتٍ إعلامية لإغراء المتعاملين بالثراء السريع والترويج لشركاتٍ وأنشطة تتصل بالاستثمار في الأوراق المالية دون الحصول على التراخيص المطلوبة.
وأضافت أن قضية المغردين ومنصات المشاهير، وإن كانت تحت مرصد «هيئة الأسواق» منذ فترة طويلة، إلا انها أصبحت إحدى أولوياتها راهناً، إذ لن تكتفي بإحالة المخالفين منهم إلى النيابة فقط، بل ثمة إجراءات أخرى تسعى إليها خاصةً مع تزايد أعدادهم ونشاطهم المكثف وبلوغ أعداد متابعي بعضهم عشرات الآلاف.