No Script

من الخميس إلى الخميس

وزارة الصحة والمنافسة على القمة

تصغير
تكبير

دشّن وزراء الصحة في دول مجلس التعاون في مقر الأمانة العامة بالرياض، المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، والذي تم اعتماد إنشائه بقرار من المجلس الأعلى في يناير 2021 بهدف تعزيز التنسيق للوقاية من الأمراض المعدية وغير المعدية في جميع دول مجلس التعاون الخليجي.

ورغم أن الأمراض المعدية تشكّل أهمية كبيرة، إلا أن الخطر الأكبر الذي يهدد مواطني مجلس التعاون من الناحية الصحية، هو الأمراض المزمنة أو غير المعدية... إنها التحدي الحقيقي لهذا المركز.

الأمراض المُزمنة أو الأمراض غير المعدية، لقبٌ يُطلق على أربعة أمراض تنمو على فترات طويلة؛ وتتطور لتفتك بالإنسان وهي تشمل (الأمراض القلبية الوعائية، السرطان، الأمراض التنفسية المزمنة وأخيراً السكري)، هذه الأمراض أصبحت تُشكل أكثر من 60 في المئة من مجموع الوفيات في العالم، فهي تقتل نحو 36 مليون نسمة، ربعهم دون الستين عاماً من العمر.

ولخطورة تلك الأمراض اجتمع في نيويورك في سبتمبر 2011 زعماء العالم وخرجوا بإعلان سياسي من أجل التصدي لهذه الأمراض، كما وضعت منظمة الصحة العالمية استراتيجيتها بين عامي 2013 و2020 لمتابعة وتنفيذ هذا الاعلان.

لقد كانت كل دولة تحت مظلة الأمم المتحدة مُلزمة بهذا الاعلان السياسي وتمت متابعة الدول ورفع تقرير عن مدى التزامها به.

دول العالم تفاعلت مع هذا الالتزام وفق احترامها لشعبها وتقديرها للإنسان. هناك دولٌ عملت بجد ورصدت الأموال والقوى البشرية لتنفيذ الالتزامات الأربعة المنوطة بكل دولة، وهناك دول حققت جزءاً من تلك التوصيات على اعتبار أن ما لا يُدرك كله لا يُترك جُلّه، وهناك دول قامت باستخدام الكثير من الأحبار لسرد إنجازاتها على الورق، على الورق فقط، وهناك دول استمرّت تُغرد خارج السرب لا تهتم بما يدور من حولها.

تلك هي الزوايا الأربعة لدول العالم، كما نعرفها.

خطة التصدّي للأمراض المزمنة كانت حاضرةً في إعلان الكويت الذي تم اعتماده في جنيف عام 2013 لدول مجلس التعاون الخليجي؛ بعدها بسنوات عدة، تم، بعد شد وجذب، إنشاء إدارة مختصة للأمراض المزمنة في وزارة الصحة لدينا، ولحسن الحظ تم اختيار قادة لهذه الإدارة الشابة ممن يشهد لهم الجميع بالعمل الجاد والإخلاص.

من هنا نستطيع أن نقول إننا في الكويت وضعنا أقدامنا أخيراً على الطريق الصحيح لمكافحة الأمراض المزمنة، مع إنشاء الإدارة النشيطة وتدشين المركز الخليجي سوف نشهد، بإذن الله، تطوراً في مكافحة الأمراض المزمنة.

لقد أضعنا، في الكويت وفي دول المجلس، الكثير من الفرص ولا يصح أن ندع هذه الفرصة تفلت من أيدينا لنُثبت لأنفسنا أولاً وأخيراً أننا نهتم بالإنسان ونحترم المواطن.

لدينا اليوم البنية الفاعلة التي حققنا من خلالها جزءاً مهماً من الالتزام الثالث في الخطة الدولية في مجال الترصد والمراقبة والتقييم؛

لدينا تفاعل في مجال الحوكمة لاسيما في إشراك القطاعات الأخرى غير القطاع الصحي في عملية مكافحة الأمراض المزمنة ومسبباتها.

ولدينا إنجازات أيضاً في الالتزام الثاني في مجال الوقاية لاسيما في تقليص ملح الطعام؛ وفي الحملات التوعوية من السرطان وفي مجال تشجيع الرضاعة الطبيعية.

لدينا أيضاً تقدم في الالتزام الرابع في مجال الرعاية الصحية، ومنها الرعاية التلطيفية، وكذلك لدينا تعاون إيجابي بين إدارة الرعاية الأولية وطب الأسنان وبين القطاع الأهلي لتدريب أطباء الرعاية على التقصي والكشف المبكر لأمراض السرطان.

أما علاج السكري فهو يحتاج إلى تواصل أكثر بين وزارة الصحة ومركز دسمان للسكري لاسيما بعد اعتماد مركز دسمان كمركز مرجعي في الخليج، أما علاج السرطان فهو يحتاج إلى سرعة الانتهاء من المركز الجديد الذي طال انتظاره.

اذاً، لدينا مؤشرات، بعضها يمكن البناء عليه... ولدينا نواقص لابد من سرعة التحرك لسدها، في الكويت اليوم مع وزير جديد للصحة له تاريخ مشرف في العمل الجاد، يمكن أن نتأمل الكثير.

الخطة تحتاج إلى ميزانية قوية لإدارة الأمراض المزمنة، وتحتاج إلى استراتيجية قابلة للتنفيذ؛ ومهام واضحة؛ ومؤشرات أداء لمتابعة الإنجازات؛ وتغذيات لمتابعة العمل وتحسين الأداء، تحتاج أيضاً إلى إشراك قطاعات متنوعة من أجل تعزيز الهمّة الوطنية للتصدي للأمراض المزمنة.

إذا حقق الجهاز الإداري في الكويت المطلوب منه، فستكون الكويت متقدمة صحياً في مجال مكافحة الأمراض المزمنة... أما إذا لم نأخذ المسألة بصورة جادة، فلن نكون أسوأ دول العالم، فهناك دائماً دول أسوأ منا.

القادة الذين ينظرون الى من هم أسوأ منهم، هؤلاء القادة، يُحسنون الحركة في محلك سرّ، أما القادة الذين يحبون أوطانهم، فهم يسعون دائماً إلى المنافسة على القمة، ونأمل أن نكون جميعاً مع هؤلاء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي